"الواسطة أصبحت نمط عيش. فأنت تحتاج إلى واسطة للدخول إلى سوق العمل، تحتاج إلى واسطة للحصول على ترقية، بل تحتاج إليها حتى لتحصل على سرير في المستشفى. أظن أننا سنحتاج إلى الواسطة حتى في يوم القيامة".
هذا الكلام وردَ على لسان رامي (35 عاماً) في تقرير مقياس الفساد العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأشهر الـ12 الماضية، أصدرته منظمة الشفافية الدولية اليوم الأربعاء 11 كانون الأول/ ديسمبر.
وعكَس الإصدار العاشر لمقياس الفساد العالمي آراء أكثر من 6 آلاف و600 مواطن من الأردن ولبنان والمغرب وفلسطين والسودان وتونس، حيث يُعد "الأكثر تفصيلاً في ما يتعلق بآراء المواطنين عن الفساد وتجاربهم مع الرشوة".
وقام المقياس بتقييم انتشار الرشوة، والواسطة أو استغلال العلاقات الشخصية، للحصول على الخدمات العامة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى الابتزاز الجنسي كأحد "أكثر الأشكال السائدة للفساد القائم على النوع الاجتماعي"، وتسليط الضوء على غياب النزاهة السياسية، ورصد بيانات تُبيّن علاقة الفساد بالانتخابات في دول المنطقة، وخاصة التي شملها الاستطلاع، مثل شراء الأصوات والأخبار الكاذبة.
نواب البرلمان أكثر الفاسدين
وكشف مقياس الفساد العالمي عن أن قرابة ثلثي المُستجوَبين، أي 65 %، في البلدان الستة الخاضعة للاستطلاع يرون أن الفساد يتفاقم، وأن الحكومات لا تبذل قصارى جهدها لمكافحته. ويرى 44 في المئة منهم أن النواب والموظفين الحكوميين متورطون في الفساد.
وأظهر التقرير تَصدُّر نواب البرلمان، والموظفين الحكوميين، قائمة الأشخاص المتورطين في ممارسات الفساد، حسب المؤسسة، بنسبة 44 في المئة لكل منهما.
ويليهما ديوان الرئيس ورئيس الوزراء بنسبة 39 في المئة، ثمّ تباعاً مديرو الأعمال، والمصرفيون، والشرطة، والمنظمات غير الحكومية، والقضاة والموظفون القضائيون، والزعماء الدينيون.
وينتشر الفساد بشكل كبير خلال فترة الانتخابات، حسب ما توصل إليه التقرير، إذ أشارت النتائج إلى "أن الرشوة تُعرض على قرابة شخص واحد من ثلاثة مقابل الإدلاء بصوته في الانتخابات خلال السنوات الخمس الماضية".
ولفتَت إلى أنه في بعض الدول "يتلقى المواطنون أيضاً تهديداً بالانتقام إذا لم يُصوّتوا على النحو المطلوب منهم".
وذكر تقرير مقياس الفساد العالمي أن النزاهة السياسية تغيب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة في أيام الانتخابات، وهو ما ينعكس في "التمويل غير المعلَن للأحزاب السياسية، والذي تحصل عليه بأساليب ملتوية".
في سياق متصل، طالبت منظمة النزاهة العالمية الحكومات في المنطقة، بالفصل بين السلطات والحرص على نزاهة الانتخابات، مع تسليط عقوبات على شراء الأصوات، وحثتها على تمكين الإعلام والمجتمع المدني من رصد حالات الفساد والتبليغ عنها.
11 مليون عربي دفع رشوة
أشارت نتائج تقرير مقياس الفساد العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن الشرطة تحتل صدارة المؤسسات التي تتلقى الرشوة في مختلف أنحاء المنطقة.
كما توصّل إلى أن شخصاً واحداً من خمسة، أي ما يعادل 11 مليون مواطن، ممن تلقوا خدمات عامة من قبيل الصحية والتعليمية، قد دفع رشوة خلال العام الماضي.
ولفتَ إلى أن أعلى معدلات الرشوة في المنطقة سُجّل في مؤسسات الشرطة بنسبة 22 في المئة، تليها مرافق الخدمات العامة، مثل الكهرباء والماء، ومصالح إسناد وثائق الهوية، والمحاكم، بنسب 16 في المئة لكل منها. ثم العيادات العامة والمراكز الصحية بنسبة 14 في المئة، والمؤسسات التعليمية بنسبة 10 %.
استغلال العلاقات الشخصية
في الإطار نفسه، أشار تقرير منظمة الشفافية العالمية إلى أنه غالباً ما يلجأ المواطنون إلى الواسطة للحصول على الخدمات العامة التي يحتاجون إليها. نحو 3.6 مليون شخص في الأردن ولبنان وفلسطين "حصلوا على الخدمات التي يحتاجونها من المصالح الحكومية باستخدام الواسطة خلال الـ12 شهرا الماضية".
مقياس عالمي شمل آراء أكثر من 6000 مواطن من الأردن ولبنان والمغرب وفلسطين والسودان وتونس، قرابة ثلثيْ المُستجوَبين ضمنه يرون أن الفساد يتفاقم، وأن الحكومات لا تبذل قصارى جهدها لمكافحته
النزاهة السياسية تغيب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خاصة في أيام الانتخابات، حسب مقياس الفساد العالمي
وسُجل أعلى معدلات الواسطة في لبنان بنسبة 54 في المئة، تليه فلسطين بنسبة 39 في المئة، والأردن بنسبة 25 في المئة، فيما سجّل التقرير أن معدلات الرشوة تبقى أدنى من ذلك في الدول الثلاث.
واعتبرت منظمة الشفافية العالمية هذا السلوك "خطراً حقيقياً على المساواة الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون"، وقالت: "غالباً ما تكون لهذه الممارسة تداعيات وخيمة على حياة الناس، إذ تضع صحتهم وأمنهم الاقتصادي على المحك وتُقوّض ثقتهم بالحكومة".
الجنس مقابل خدمات عامة
كذلك أكدت المنظمة أن "عدداً هائلاً من المواطنين يجدون أنفسهم مُكرهين على تقديم خدمات جنسية مقابل الحصول على خدمات عامة، كالصحة والتعليم"، بسبب انتشار الابتزاز الجنسي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضافت أن بعض النساء يتم إجبارهن على الجنس بدل العملة النقدية في عمليات الرشوة، وهذا ما يبرز "تحيزاً مبنياً على النوع الاجتماعي يشمل المرأة بشكل خاص".
وتوصلت نتائج مقياس الفساد العالمي في لبنان وفلسطين والأردن إلى أن "شخصاً واحداً من خمسة يتعرض للابتزاز الجنسي من أجل الحصول على خدمات حكومية أو يعرف شخصاً تعرض له".
ودعت منظمة النزاهة العالمية إلى مُحاربة الأعراف الاجتماعية التي تُشرّع استخدام الواسطة، والإقرار بأن الابتزاز الجنسي يُمثّل "شكلاً من أشكال الفساد، وضمان تجهيز منظومة العدالة بالآليات اللازمة التي تُمكنها من بتّ هذه الحالات".
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون