انطلقت في الجزائر أول مناظرة تلفزيونية في تاريخ الانتخابات الرئاسية في البلاد جمعت خمسة مرشحين للانتخابات المقرر تنظيمها الخميس المقبل، في ظل استمرار غضب الشارع الجزائري رفضاً لعملية انتخابية تهدف إلى "إعادة إنتاج النظام السابق".
وتأتي المناظرة بمبادرة من السلطة المستقلة للانتخابات وبإشرافها، في قصر المؤتمرات غرب العاصمة، بُثّت مباشرة مساء الجمعة عبر جميع القنوات التلفزيونية والإذاعات الحكومية والخاصة تحت عنوان "الطريق إلى التغيير".
واستمرت نحو ثلاث ساعات وناقشت أربعة محاور موزعة على 13 سؤالاً هي: المجال السياسي، والمجال الاقتصادي والاجتماعي، ومجال التربية والتعليم والصحة، والسياسة الخارجية.
في البداية طرح الصحافيون الأربعة الذين تم اختيارهم لإدارة المناظرة أسئلة سياسية تتعلق بالتصرفات التي أوصلت الجزائر إلى الأزمة القائمة، في حين اكتفى المرشحون بتقديم أجوبة عامة.
فيما لم يفسح الإطار الزمني الضيق للمناظرة المجال أمام تفاعلات مثمرة، حاول جميع المرشحين إظهار أنفسهم قريبين من حراك الشارع المستمر منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، والذي يرفض تنظيم انتخابات رئاسية من شأنها "إعادة إنتاج النظام نفسه".
وأجمع المرشحون خلال مناظرتهم على مباشرة إصلاحات في حال انتخابهم، وكان القاسم المشترك فيها وضع دستور توافقي، فيما تمسك معظمهم بثوابت السياسة الخارجية للبلاد، وأبرزها عدم التدخل في شؤون الدول.
صورة زائفة لم تقدّم حلولاً
وتابع الجزائريون المناظرة باهتمام، سواء الذين يؤيدون تنظيم الانتخابات "لإنهاء أزمة البلاد سريعاً"، أو الذين يرفضونها معتبرين أنها "من دون جدوى" في ظل التركيبة الحالية للنظام.
وقال الصحافي الجزائري نجيب بلحيمر إن المناظرة "كانت جزءاً من الصور الزائفة التي تجتهد السلطة في صناعتها لفرض الانتخابات، وفي هذه الصورة لا وجود للتظاهرات الحاشدة، ولا إشكالية الشرعية، ولا سؤال عن المعتقلين".
كما لا وجود لسؤال، يضيف بلحمير، ماذا سيفعله من سيكون رئيساً حيال التظاهرات التي ستخرج في 13 كانون الأول/ ديسمبر لتقول له: "لست شرعياً ومنذ اليوم أنت رأس آخر يجب أن نسقطه بسلميتنا".
أضاف: "كانت مناظرة تاريخية في اتجاه واحد، اتجاه تعرية نظام فاسد ورديء يسير عكس حركة التاريخ، شكراً لكم لأنكم رسمتم لنا صورتكم الحقيقية وصورة انتخاباتكم المزعومة، ونلتقي قريباً جداً في الشارع حيث يُصنَع التاريخ حقاً".
وتفاعلت الإعلامية الجزائرية، أمال عراب، في مقارنة بين تجربة بلادها والتجربة التونسية التي شهدت أول مناظرة رئاسية في العالم العربي، وبدا كأن السلطة حذت حذوها.
وقالت: "ليست المناظرة من أنتجت قيس سعيد في تونس، ولا أضواء الأستديو هي التي حققت انتقالًا ديمقراطياً"، قبل أن تضيف "الديمقراطية حاطة فيلتر".
وقال رياض مُعبراً عن عدم اقتناعه: "المناظرة ليست بالمقنعة وهي أصلاً ليست مناظرة، وهؤلاء هم المدربون يجيبون عن أسئلة الصحافيين"، وأضاف ساخراً "جيبونا بلماضي (مدرب منتخب الكرة) يرأسنا وانتهى الموضوع".
وغرّد آخر: "الشيء الوحيد الذي تأكدت منه من خلال المناظرة التلفزيونية أن رئيس الجزائر القادم يتمتع بصحة جيدة ولياقة بدنية باعتباره ظل حوالى 3 ساعات واقفاً".
أما ماريا فرأت أنّ المناظرة لم ترق إلى مستوى اسمها، "بل كانت سؤالاً وجواباً"، وأضافت "حتى الجواب لم يكن جواباً حقيقياً...، ولا مرشح منهم قدّم حلولاً مقنعة".
أول مناظرة رئاسية في الجزائر بإشراف السلطة المستقلة للانتخابات، لكنها "لم تستجب للمعايير الدولية لإنجاز مناظرات مفتوحة تضمن مبادئ الشفافية والديمقراطية".
حاول المرشحون في مناظرة الجزائر إظهار أنفسهم قريبين من حراك الشارع الذي يرفض تنظيم الانتخابات، لكنهم اكتفوا بأجوبة عامة عن أسئلة سياسية تتعلق بالأزمة القائمة
لا تستجيب للمعايير الدولية
وقال رئيس المبادرة بلعباس بن كريدة إن السلطات الانتخابية ليس من مهماتها "تنظيم مناظرات، إنّما تنظيم انتخابات". وعبّر عن أسفه حيال بقاء "معلومات أساسية" بشأن المناظرة "غامضة"، خاصة في ما يتعلق بالمعايير التي جرى اعتمادها لاختيار شكل المناظرة أو من يدير الحوار، بالإضافة إلى الأسئلة التي ستُطرح.
وشارك في المناظرة المرشحون عز الدين ميهوبي، الذي تولى في تموز/ يوليو الماضي الأمانة العامة بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي خلفاً لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي أودع السجن بتهم فساد.
إضافة إلى رئيسي الوزراء السابقين: علي بن فليس الأمين العام لحزب طلائع الحريات، وعبد المجيد تبون (مستقل)، وعبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل، وعبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني (إسلامي).
حراك مستمر
وتزامنت المناظرة مع استمرار احتقان الشارع الجزائري، الذي شهد أمس تظاهرات الجمعة الـ42 للحراك الشعبي في عدة مدن رفعت خلالها شعارات رافضة للاقتراع الرئاسي ومرشحي الرئاسة الذين يعتبرهم المتظاهرون امتداداً للنظام السابق.
وعبّر المتظاهرون في مسيرة حاشدة في الجزائر العاصمة عن الرفض الواسع لهذا الاقتراع الذي يصرّ النظام على إجرائه. وطالبوا "بدولة مدنية لا عسكرية" ورفعوا لافتات كتب عليها "لن نركع"، و"لا انتخابات مع العصابات"، فيما يرى آخرون أن الانتخابات حتمية لتجاوز الأزمة المستمرة منذ تفجر الحراك الشعبي في 22 شباط/ فبراير الماضي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه