جدل كبير أثارته زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى المغرب، في 5 كانون الأول/ديسمبر، إذ كان مقرراً أن تستمر يومين، لكنها اقتصرت على عدة ساعات، ولم تتضمن لقاءً معلناً بين المسؤول الأمريكي والعاهل المغربي الملك محمد السادس، وسط بضع إشارات إلى أن "التطبيع مع إسرائيل" لعب دوراً في هذه الملابسات.
والتقى بومبيو رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ومدير الأمن المغربي عبد اللطيف الحموشي ووزير الخارجية ناصر بوريطة في العاصمة الرياض.
ولكنه قطع زيارته بشكل مفاجئ وعاد إلى واشنطن من دون إجراء مؤتمر صحافي مع بوريطة أو مقابلة العاهل المغربي كما كان مقرراً.
ولم يصدر أي توضيح من الخارجية المغربية أو من الخارجية الأمريكية. لكن وسائل إعلامية طرحت سيناريوهات مختلفة لانتهاء الزيارة على هذا النحو.
التطبيع هو السبب
صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نقلت، صباح 6 كانون الأول/ديسمبر، عن مصادر غربية في الرباط لم تذكرها، أن العاهل المغربي لم يلتق بومبيو الذي جاء إلى الرباط بـ"أجندة ضغط هدفها فرض إقامة التطبيع بين المغرب وإسرائيل".
وأضافت: "بومبيو جاء حاملاً في جعبته طلباً للمغرب بإقامة علاقات مع إسرائيل بالمستوى نفسه للعلاقات التي أقامها معها عام 1994، حين فتحت تل أبيب في الرباط مكتباً للاتصال، والأمر نفسه من الرباط".
وقد أغلق مكتبا الاتصال مع إسرائيل عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية أشارت من أن زيارة بومبيو "تهدف إلى دفع العلاقات الإسرائيلية المغربية وحث المغرب على توقيع معاهدة عدم اعتداء مع تل أبيب".
وكان موقع "أكسيوس" الأمريكي قد ذكر، في 3 كانون الأول/ديسمبر، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وعربية وأمريكية، أن نائب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأمريكية فيكتوريا كوتس التقت خلال الأسبوع الماضي في واشنطن سفراء أربع دول عربية هي: الإمارات وعُمان والمغرب والبحرين، ودعتهم إلى توقيع معاهدات "عدم اعتداء" مع إسرائيل بدعم من واشنطن.
ولفت التقرير إلى أن السفراء العرب أبلغوا كوتس بأنهم سيقومون بالتشاور مع حكوماتهم ويعودون "قريباً" مع الردود.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أول من اقترح المبادرة وكشف عنها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واصفاً معاهدات "عدم الاقتتال" مع بعض الدول العربية في الخليج بأنها "تاريخية".
دعم ذلك أيضاً، أن بومبيو التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة البرتغالية لشبونة، في 4 كانون الأول/ديسمبر، مباشرةً قبل ذهابه إلى المغرب.
واعتبرت تقارير عبرية أن نتنياهو يرقب زيارة بومبيو آملاً أن تحقق تطوراً في العلاقات بين البلدين لاستغلاله في تعزيز فرصه السياسية بعدما فشل مرتين في تشكيل حكومة أغلبية، في ظل مواجهته اتهامات عديدة بالفساد وتلقي الرشى.
كما حذر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع إسرائيل، في 4 كانون الأول/ديسمبر، من "محاولة الزج بالمغرب في مستنقع التطبيع"، معتبراً أن من يريد أو يسهم في ذلك "مجرد عميل مطبع وخادم مطيع لدوائر الصهيونية وكيانها الإرهابي".
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زار المغرب وغادرها فجأة من دون لقاء العاهل المغربي… هل يتعرض محمد السادس لضغوط أمريكية من أجل التطبيع مع إسرائيل؟
المغرب كان قد تلقى دعوةً أمريكية إلى توقيع معاهدة "عدم اعتداء" مع إسرائيل، يعدّها نتنياهو فرصةً لتعزيز فرصه في تشكيل حكومة خامسة
"الأجندة الأمريكية"
لكن موقع هسبريس المغربي نقل عن "مصادر مغربية مطلعة" أن "تغيير أجندة الزيارة أكثر من مرة من الجانب الأمريكي لم يرق الجانب المغربي، خصوصاً أن البرنامج كان يتضمن في البداية زيارة مدتها يومان، ثم وقعت تغييرات أيضاً في البرنامج الأخير من لدن الجانب الأمريكي دائماً".
وذكر هسبريس، عن مصادر أمريكية، أن إلغاء اللقاء المعلن عنه راجع إلى الأجندة الدبلوماسية، إذ اضطر وزير الخارجية الأمريكي إلى السفر إلى واشنطن بسبب مستجدات تحقيق عزل الرئيس دونالد ترامب.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد لفتت إلى أن بومبيو "سيستعرض في المغرب الشراكة الاقتصادية والأمنية القوية" بين واشنطن والرباط.
وقالت وزارة الخارجية المغربية إن الزيارة وفرت "فرصة للتباحث وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها الوضع في الساحل".
ولا يرتبط المغرب مع إسرائيل بأي علاقات دبلوماسية رسمية. وطالما نفت الحكومة المغربية أي علاقات مع تل أبيب. كذلك ألغى العاهل المغربي مشاركته في قمة لدول غرب إفريقيا عام 2017، لتجنب لقاء نتنياهو.
لكن التقارير المتعلقة بعلاقات تجارية وتبادل سياحي بين البلدين عديدة ومنتظمة. ويحتضن المغرب أكبر جالية يهودية في العالم العربي، يبلغ عدد أفرادها 3000.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...