على بقايا سينما "عامر" التي أغلقت أبوابها قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً، انطلقت الأربعاء الماضي فعاليات مهرجان "السجادة الحمراء" لأفلام حقوق الإنسان، في نسخته الخامسة، وسط قطاع غزة، بحضور المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، من كتاب ومخرجين وصانعي أفلام ومحبيها، تجسيداً للفن والإبداع، ولإعادة إنعاش الحالة السينمائية والثقافة في غزة.
عبد الرحمن حسين، نائب مدير مهرجان "السجادة الحمراء" يقول لرصيف22: "يأتي المهرجان لهذا العام تحت عنوان "أنا إنسان" بعيداً عن أي مذاهب أو أحزاب، فالإنسانية هي أساس التعامل بين الأفراد في أي مكان بالعالم، لهم حقوق وعليهم واجبات، لذلك رفع مهرجان السجادة الحمراء لحقوق الإنسان شعار أنا إنسان، أحتاج لحياة كريمة بعيداً عن الاحتلال والانقسام، وأحتاج أدنى مقومات الحياة المفقودة بغزة للمواطنين، من صحة وتعليم ومياه وسينما وفن وكهرباء".
وأضاف حسين: "اخترنا بوابة سينما عامر لتكون مكان الاحتفال، ولإحياء فكرة السينما من خلال فعاليات المهرجان، حتى نستطيع أن نقدم رسائل إلى العالم ونقول إن غزة حاضرة بإبداعها وحبها للثقافة والفنون".
45 فيلماً في غزة
عن عروض الأفلام في المهرجان، يقول المدير التنفيذي لمهرجان السجادة الحمراء في غزة منتصر السبع: "تم تسجيل 300 فيلم من كافة أنحاء العالم من خلال الصفحة الخاصة للمهرجان، حيث قامت لجنة اختيار الأفلام بفرز 45 فيلماً حتى يتم عرضهم في هذه الدورة، بينهم الوثائقي، الروائي، الدرامي، وفيهم القصير والطويل".
وأوضح السبع، وهو مونتير ومخرج أفلام، أنَّ أربعين في المئة أفلام من أوروبا، وأربعين في المئة من الوطن العربي، إضافة إلى عشرة أفلام من الأردن، وعشرة من فلسطين، وجميع الأفلام المقدمة حصلت على جوائز عالمية ودولية، يقول السبع: "هذا كان خياراً صعباً من اللجنة المختصة لاختيار الفيلم المناسب للعرض على مدار ثمانية أيام، في قطاع غزة، والقدس، وبيت لحم".
أما عن فيلم "غزة" الذي افتتح فيه المهرجان، وتم عرضه على باب السينما، وليس داخل الدار، يقول السبع: "هذا الفيلم من إنتاج أيرلندي، حائز على عدة جوائز عالمية، بدأ في تصويره عام 2014 وانتهى منه المخرج الإيرلندي عند زيارته إلى غزة عام 2018، وأيرلندا رشحته باسم بلادها إلى مهرجان الأوسكار، وهذا شرف لنا بأن نشاهد فيلماً لغزة ترشحه دولة أخرى غير فلسطين للمشاركة في الأوسكار، وهذه كانت هدية الشكر للمخرج الأيرلندي، بأن يكون فيلم غزة الذي يعرض جوانب الحياة التي نعيشها بأكملها، ويتضمن قصص تنظيمات، وقمع حريات، وأشخاص يصنعون الحياة، موت غزة، وحياة غزة، الفتيات المحجبات والغير محجبات، وسواقي التكسي البسطاء، والفنانات، وحب الموسيقى".
"أصبحنا نشاهد سينما"
بيسان عودة، (21 عاماً) من الجمهور المشارك، أحست بالفرح، والتحول الذي أصابها، وكل عشاق السينما في غزة، من مشاهدة الأفلام عبر منصات إلكترونية إلى شاشات السينما، تقول لرصيف22: "شعور جميل راودني حينما سمعت عن افتتاح سينما عامر بعد سنين طويلة، كنا نشاهدها عبر اليوتيوب والفيديوهات أصبحنا اليوم نشاهدها حقيقةً، لكن فوجئنا عند قدومنا إلى مكان السينما، وكانت مغلقة، وعلى بابها شاشة عرض كبيرة، وكراس، ولكن هذا يكفي لأن يكون نصراً كبيراً لمهرجان السجادة الحمراء".
"غزة محرومة من ممارسة الإبداع الذي يتراجع إلى الخلف، غزة مليئة بالفنانين والمثقفين لكن السؤال هنا هل توجد سينما لعرض تلك المواهب.. الجواب لا"
"إعادة افتتاح واحدة من السينمات المهجورة في غزة، على المستوى الشخصي، هو إعادة ذكريات طفولتي، وأشاهد فيها بوسترات الأفلام القديمة والصور المعلقة على الحائط في أيام الزمن الجميل"
تابعت عودة حديثها لرصيف22 قائلة: "وجود سينما في غزة ضروري جداً، قد نكون من خلالها متصلين بالعالم، ونستطيع إيصال صوتنا، فيلم الافتتاح يجسد الحياة اليومية لغزة ببساطة، بحلوها وبمرارها، بمعاناتها وبفرحها، ليس فقط نحن شاهدنا هذا الفيلم، العالم أجمع شاهده، وهي أهمية السينما، تتبادل الثقافات من خلالها، الفيلم بكون متاح لك وللجميع".
وكانت قد أعلنت اللجنة التحضرية لمهرجان السجادة الحمراء في غزة عن افتتاح الفيلم داخل سينما عامر، لكن تم إلغاء العرض لظروف خاصة لم يذكرها القائمون على المهرجان، واكتفوا بعرضه على باب الدار.
"غزة محرومة من ممارسة الإبداع"
وحول حضور الفن والإبداع، خاصة السينما في قطاع غزة المحاصر، يعلق الكاتب المسرحي نعيم الخطيب: "أنا كإنسان يراودني شعور مختلط كوني مشارك في هذه الفعالية، لأن غزة محرومة من ممارسة الإبداع الذي يتراجع إلى الخلف، فأصبح الفن هامشياً لكنه رسالة سامية، رغم أن قضيتنا عادلة لكنها محتاجة أن تروى وتحكى بشكل جميل وممتع، بلغة يفهمها كل العالم بدون بكاء، نحن شعب يستحق الحياة".
وأشار الخطيب أن فيلم الافتتاح الذي شاهده، هو رؤية مخرج أجنبي، و"دائماً الأجانب عندما يصورون حياتنا يختارون جوانب نشاهدها نحن عادية ونستغرب ما هو الشيء الذي لفت انتباههم؟ الفيلم يحتوي على مشاهد لأشخاص يعيشون حياة بسيطة بالأمل والألم، متمسكين بالحياة، والشيء المشترك بهذا الفيلم هو غزة. نتمنى أن تعرض قصص بالأخبار والتقارير توضح الوجه الآخر الجميل في غزة، لأن غزة مليئة بالفنانين والمثقفين لكن السؤال هنا هل يوجد مسرح؟ هل توجد سينما؟ لعرض تلك المواهب.. الجواب لا".
ويطمح الخطيب بأن تتاح الفرصة للشباب والطاقات في قطاع غزة حتى يخرج الإنتاج، وهذا كفيل بأن يفرز الأعمال الجميلة، فكثير من فناني غزة وضعوا بصمتهم ووصلوا إلى العالمية.
السينما ذكريات طفولة
يعتبر إعادة افتتاح واحدة من السينمات المهجورة في غزة "إعادة لذكريات الطفولة" بالنسبة لسميرة السقا (55 عاماً)، مديرة جمعية خيرية، ومن ينتمون لجيلها، تقول لرصيف22: "إعادة افتتاح واحدة من السينمات المهجورة في غزة، على المستوى الشخصي، هو إعادة ذكريات طفولتي، وأشاهد فيها بوسترات الأفلام القديمة والصور المعلقة على الحائط، لأني أذكر في الزمن الجميل كنا ننتظر يوم الجمعة أو الخميس في نهاية الأسبوع حتى نستطيع أن نذهب لمشاهدة الأفلام في سينما عامر أو السامر أو سينما النصر".
وعندما سمعت سميرة عن المهرجان، وعرض فيلم يوثق الحياة في غزة، دعت أصدقائها، وشجعتهم على الذهاب، واصطحبت حفيدها (7 سنوات) ليشاركها، تقول سميرة: "نستطيع أن ننمي الثقافة من جديد لدى الأجيال القادمة، وثقافة الحياة، لأن غزة تحب الحياة، وهي ليست فقط الدمار والحرب والموت، في غزة الفن والإبداع موجود في إحياء التراث القديم والثقافة".
وكانت النسخة الأولى من المهرجان قد أُقيمت في 12 مايو عام 2015، وسط حي الشجاعية، ولأن الثقافة هي أحد العوامل الهامة التي تحمل الهوية الفلسطينية، أصبح مهرجان السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان، مناسبة سنويّة، من المقرر إقامتها كل عام، وتكون على موعد مع الجمهور بهدف إعادة إحياء الحالة السينمائية، وإنعاش الثقافة في غزة.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.