شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لا يعني لا… حين تقف السينما في فلسطين ضد العنف والتحرّش

لا يعني لا… حين تقف السينما في فلسطين ضد العنف والتحرّش

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 25 سبتمبر 201903:10 م

لا يعني لا!

لا للعنف.

لا للتحرّش.

لا للتمييز الجنسي.

لا للثقافة الأبوية.

اختار مهرجان أيام فلسطين السينمائية بنسخته السادسة (2-9 تشرين الأول/أكتوبر) التصدي لظاهرتي العنف والتحرّش الجنسي باعتبارهما انتهاكاً لحقوق الإنسان، لأن الاعتداءات القائمة على النوع الاجتماعي هي "أحد أكثر أنواع التمييز شيوعاً وأشدّها تطرفاً".

لكن إزاء هذه الاعتداءات، يصعب على الناجين والناجيات منها أن يكسروا صمتهم، ويصرخوا في وجه المعتدي لأن ذلك "عيب"، وفقاً لما قاله القائمون على المبادرة، لا سيّما في فلسطين الواقعة تحت هيمنة الاحتلال الإسرائيلي، والثقافة الأبوية السائدة في المجتمع، حيث عدم المساواة بين الجنسين لا يزال قائماً.

من مهرجان قرطاج في تونس (2018)، إلى مهرجان أيام فلسطين (2019)، سافرت مبادرة "لا يعني لا" حاملةً معها قصص نساء عشن تجارب "ضد الفطرة" بسبب نوعهنّ الاجتماعي، فواحدة تنتظر مولودها الثاني من والدها الذي اعتدى عليها جنسياً على مدى سنوات، وأُخرى اضطرت أن تعيش في مأوى للنساء هرباً من العنف الجسدي والنفسي الذي تعرضت له من أحد أقاربها الذكور وثالثة لا تحلم إلا بأن يكون لبلادها (ليبيا) فريق نسائي لكرة القدم.

تقول المتحدثة الإعلامية باسم مهرجان أيام فلسطين السينمائية خلود بدوي في حوارٍ مع رصيف22 إن مؤسسة فيلم لاب-فلسطين المنظمة للمهرجان أرادت تبنّي مبادرة "لا يعني لا" التي شهدها مهرجان قرطاج العام الماضي بالاشتراك مع منظمة دعم الإعلام الدولي (IMS)، فنقلتها إلى فلسطين هذا العام، مؤكدةً أنها لن تكون محطتها الأخيرة.

ولفتت إلى أن لا علاقة للمبادرة بمقتل الشابة الفلسطينية إسراء غريب التي أكد النائب العام الفلسطيني المستشار أكرم الخطيب في 12 أيلول/سبتمبر إنها "قتلت في جريمة بشعة"، إذ قالت بدوي: "حوادث العنف ضد المرأة في فلسطين ليست حالات استثنائية، ومهما كان موعد إطلاق المبادرة، لا بد من أن تتزامن مع حادثة ما".

وأضافت أن إسراء غريب "ليست حالة نادرة" وأن "العنف في فلسطين يومي"، مشيرةً إلى أن ما تزامن حقاً مع المبادرة هو "الكشف عن تفاصيل مقتل إسراء" الذي هزّ المجتمع العربي وسط صمت مريب في البداية.

أما عن الاحتلال الإسرائيلي وعلاقته بالكثير من ظواهر العنف الاجتماعية، فتعتبره بدوي "حاضنة لجميع أشكال العنف"، لافتةً من جهة أخرى إلى أنه "لا يعفينا كأفراد ومؤسسات من تحمّل المسؤولية ومكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها بدلاً من الاكتفاء بتحجيمها".

ويسعى المهرجان، بحسب بدوي، إلى تسليط الضوء على مكانة المرأة العربية من منظور سينمائي، مؤكدةً أن "السينما هي أداة مهمة لصقل الوعي المجتمعي كما تصمم توجهات فكرية معينة".

ولمساندة الناجين من العنف القائم على النوع الجندري وحثّهم على كسر صمتهم، يناقش المهرجان في جلسات حوارية مع صناع أفلام ونشطاء في مجال حقوق الإنسان مواضيع لافتة منها: من المسؤول عن رسم صورة المرأة في السينما العربية من نادية الجندي إلى باب الحارة؟

وتطرح المبادرة سؤالاً محورياً آخر لمناقشته هو هل من مسؤولية صانعات الأفلام النساء فحسب تسليط الضوء على حقوق المرأة وموضوع العنف القائم على النوع الاجتماعي في أعمالهن؟ وكيف ينبغي للفتيان والرجال الانخراط في مكافحة العنف ضد المرأة.

ولكن المرأة ليست وحدها الضحية في الاعتداءات القائمة على النوع الجندري، إذ يقول القائمون على المبادرة إن الرجل يتأثر أيضاً لأنه "يتوقع منه إخفاء مشاعره والتزام الصمت" بعد تعرضه للعنف النفسي أو البدني أو الجنسي الذي غالباً ما يتم إهماله.

من قرطاج إلى فلسطين، سافرت مبادرة "لا يعني لا" حاملةً معها قصص نساء عشن تجارب قاسية بسبب نوعهنّ الاجتماعي، من بينهنّ من تنتظر مولودها الثاني من والدها الذي اعتدى عليها جنسياً على مدى سنوات
"حوادث العنف ضد المرأة في فلسطين ليست حالات استثنائية، وأياً يكن موعد إطلاق المبادرة، فلا بد من أن يتزامن مع حادثة ما"... عن مبادرة لا يعني لا! أو كيف تتصدى السينما لظاهرتي العنف والتحرّش الجنسي 

ماذا ننتظر؟

يوّظف مهرجان أيام فلسطين السينمائية شاشاته لعرض أربعة أفلام وثائقية ضمن مبادرة "لا يعني لا"، منها الفيلم الدنماركي "عنف في الحب" (2017) للمخرجة كريستينا روزندال وهي أول مخرجة تحصل على إذن دخول لمأوى النساء في كوبنهاغن عاصمة الدانمارك.

يتمحور الفيلم حول نساء فررن إلى مكان آمن بعد تعرضهن للعنف الجسدي والنفسي ويبيّن كيف اكتسبن خلال السنوات الخمس من تصوير الوثائقي المفاهيم اللازمة لفهم أو حب أنفسهنّ وكسر الأنماط السلوكية التي تبقيهن في علاقة عنيفة.

ألف فتاة مثلي

عدا "عنف في الحب"، يُعرض فيلم "ألف فتاة مثلي" (2018) للمخرجة الأفغانية ساهرة موساوي ماني ضمن برنامج المهرجان. تدور أحداث هذا الفيلم الوثائقي حول شابة أفغانية تدعى خاطرة (23 عاماً) تعرضت لاعتداء جنسي من قبل والدها على مدى سنوات طويلة، وهذا ما دفعها لرفع قضية ضده، مُخاطرةً بعائلتها وحريتها وسلامتها الشخصية لفضح النظام القضائي الذي يجرم النساء اللواتي يطلبن الحماية. ولدى خاطرة ابنة حملت بها من والدها. فتتشاركان معاً في الأب ذاته الآن. كما كانت في الفيلم الوثائقي تنتظر مولودها الثاني (من أبيها أيضاً).

الحرية

ومن ليبيا إلى فلسطين، سيعرض فيلم "حقول الحرية" (2018) لمخرجته الليبية نزيهة عريبي التي تروي فيه قصة ثلاث سيدات يردن أن يلعبن كرة القدم، تابعت على مدى خمس سنوات مغامرتهن بعد سقوط الزعيم معمّر القذافي. فلنتخيل المصاعب التي واجهنَها برغم بساطة الموضوع، منها أنهن اضطررن إلى التدرّب في الخفاء. 

تقول عريبي إننا مع تطور الأحداث في الفيلم ندرك أنه "ليس عن كرة القدم فحسب بل يظهر كيف تستغل النساء الرياضة في سبيل تحقيق المصالحة المجتمعية، ففكرة كرة القدم تصبح محركاً وفضاءً مجازياً لمناقشة قصص النساء".

مكافحة المراقبة

أما الفيلم الرابع الذي سيعرض ضمن المبادرة فهو "الشعور بالمراقبة" (2018). شعور ترفضه الصحافية والمخرجة السينمائية الجزائرية الأمريكية آسيا بونداوي على نفسها، وعائلتها وأهل منطقتها. 
تدور أحداث الفيلم في حيّ عربي أمريكي خارج شيكاغو حيث نشأت بونداوي ويعتقد جيرانها أنهم تحت المراقبة طوال أكثر من عقد من الزمان.
وأثناء التحقق من الأمر، تكتشف المخرجة عشرات آلاف الوثائق في مكتب التحقيقات الفيدرالي تثبت أن بلدتها كانت خاضعة لأحد أكبر التحقيقات الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب التي أجريت قبل 11 سبتمبر، والتي تحمل اسم "عملية الخيانة الهمجية". تتبع المخرجة هذه العملية وتواجه حقائق خفية تتصل بعلاقة مكتب التحقيقات الفيدرالي بمجتمعها في حين تصارع آثار سنوات طويلة من المراقبة عليها وعلى أسرتها.

طالعات!

للوقوف في وجه جميع أشكال العنف الممارس على المرأة الفلسطينية بشكل خاص، تنظّم شابات فلسطينيات حراك "طالعات" تحت شعار "لا وجود لوطن حرّ إلّا بنساء حرّات" مساء 26 أيلول/ سبتمبر في 11 مدينة احتجاجاً على قتل إسراء غريب و28 امرأة أخرى في فلسطين منذ بداية عام 2019.
وتقام المسيرة في بيروت وبرلين و9 مدن فلسطينية هي القدس، ورام الله، وحيفا، ويافا، والناصرة، ورفح، والجش، والطيبة، وعرابة.
وضمن حملة الإعلان عن هذا الحراك، استخدمت الناشطات الفلسطينيات أحد المنازل موقعاً للتصوير لأن، بحسب الإحصاءات التي كشفنها، 65% من حالات الاعتداء الجنسي تحدث في المنازل، أي أن "المعتدي هو أبونا، أخونا، زوجنا وأقرب الناس إلينا"، وفقاً لرأيهن.
في هذا السياق، تقول الفلسطينية النسوية في لبنان سارة أبو غزالة، وهي إحدى منظمات الحراك في بيروت، لرصيف22 إنها أرادت رفقة المنظمات (فلسطينيات ولبنانيات أفراد لا مؤسسات) أن تمدّ جسراً عابراً للحدود وتطرح في بيروت الأسئلة نفسها التي خرجت من فلسطين حول العنف ضد المرأة، مضيفةً: "النساء والتحرر يمشيان معاً في التحرر الوطني".
وأضافت: "من الصعب أن تُمحى إسراء من ذاكرتنا النسوية الفلسطينية والعربية، لأنها تذكرنا بحاجتنا للنضال ولنحمي وندعم ونحب من يتعرض لما تعرّضت له إسراء في منطقتنا". 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image