شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"همومنا أكبر"... أردنيون يمتعضون ويسخرون من دعوة مركز حقوقي لتحسين صور بطاقة الهوية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 27 نوفمبر 201904:52 م

غريبة ومضحكة بعض الشيء بل ومفاجئة أيضاً، الخطوة التي قام بها "المركز الوطني لحقوق الإنسان" مؤخراً، عندما نشرت وسائل إعلام أردنية دعوة المركز، في تقريره السنوي لحالة حقوق الإنسان في الأردن، المواطنين الأردنيين إلى تحسين صورهم الشخصية في الهويات، أو ما تسمى "البطاقات الشخصية".

الخبر، وللوهلة الأولى، جعلنا كقرّاء نعتقد أنه خبر ساخر، على شاكلة أخبار المواقع الإخبارية الساخرة، مثل موقع "الحدود"، عندما ينشرون أخباراً عارية عن الصحة لكن بمحتوى وعناوين أقرب إلى الجدية.

لكن الغريب أكثر أن الخبر حقيقي، وعلاوة على ذلك أنه مذكور في تقرير المركز الوطني السنوي لحالة حقوق الإنسان، ذلك التقرير الذي ينتظر الأردنيون منه أن ينصفهم، وأن يوصّف بدقة حالة حقوقهم التي تتعرّض للانتهاك المستمرّ، مواضيع هامّة كحرية الرأي والتعبير، ومشاكل البطالة والفقر، وليس تحسين الصور الشخصية بالتأكيد!

انتشرت حالة من الامتعاض لدى بعض الأردنيين على خلفية الخبر الذي نُشر، والذي كان آخر ما يتوقعونه من مظلتهم وصمام أمانهم الحقوقي، لكن كالعادة، سرعان ما يتناول الأردني المواضيع بسخرية لا مثيل لها، بتهكّم يطيب خاطره ويضحكه أيضاً، حتى لو كانت تلك المواضيع جدية للغاية، لكن لا ضير من الضحك عليها من منطلق "هم ببكي وهم بضحك!".

بعد الإعلان عن الدعوة، قمتُ برصد حالة التفاعل الأردني الساخر مع خبر "المركز الوطني لحقوق الإنسان" الذي يستنكر ويستهجن صور الأردنيين في بطاقاتهم الشخصية، وطرحت سؤالاً عبر صفحتي في موقع تويتر: "مين عنده/ا الجرأة يبعتلي رسالة خاصة فيها صورة هويته/ا مع تعليق عليها وتقييم قرايبه/ا عنها لغايات مادة صحفية؟"

وضع أمير شبيل عنواناً على صورته في هويته دون أن ينتظر تعليقات المغردين واختصرها بـ: "ثلاث عمليات سطو مسلح وقيد مخدرات!".



فيما فضل هايل الشريدة أن يسير على "إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا"، وألا ينشر صورة هويته على الملأ قائلاً: "خلي الطابق مستور... وكأنو كان بين المصور وبين الناس ثار قديم!".

أما رامز، فردّ على سؤالي بتعليق على صورته: "تاجر مخدرات مش مواطن، عادي مش حوار يعني".



أما ماجد الجازي، فرأى أن سؤالي هو فرصة للتعبير عن تجربته عندما ذهب لتجديد هويته، فقال في حديث لرصيف22: "لما جيت أتصور مشان الهوية، كانت الكاميرا على طاولة أقصر مني بكثير وما قدرت أقعد مشان أتصور، بالأخير وقفت نص وقفة والتقط الصورة والله لا يوريكي كيف طلعت!"، لكن ماجد قرر ألا ينشر صورته مع تغريدته.

أما وائل البرغوثي، فقد اعترف في سياق حديثه عن هويته وصورتها: "لما يوقفني شرطي ويطلب هويتي بنحرج، لأنه أول ما يمسكها بروح يركض على الدورية يناولها للضابط يدقق عليها!".

إجابة على سؤالي، تساءل إيهاب العتيبي: "شكله مركز حقوق الإنسان شاف صورتي على الهوية عشان هيك عمل الطلب. مين بقتنع إنو هاي صورة إنسان طبيعي مسالم ومش صورة أبو خفشعة العماني؟!"


روان الشمايلة، وهي مغردة أردنية، قالت: "اللي صورني قعد ساعة يقنعني أضحك وأنا رافضة أتنازل عن هيبتي الأردنية وصاحية من النوم ومنكوشة، ورحت بالبيجاما أظن مشان أضاعف عيار البشاعة! وبس طلعت اتطلع عليّ وبعينيه حزن وقالي لو ابتسمتي طيب أو مشطتي شعرك! وسألني بتحبي نعيدها؟ قلتله لأ بتجنن خليها!"

"أولاً بخاف اطلع هويتي لرجال الشرطة اللي بشيكوا ع الهويات بلاش يفكروني صاحب اسبقيات من شكلي"، يقول سمير الزبن، ويضيف: "ثانياً الموظف اللي أخذ صورتي قالي اركي على الحيط وما حكى ابتسم ولا حكالي أصلاً إنه رح يصورني!".

ويقول سعد داود: "بس توقفني دورية بدققوا إذا في علي قيود أمنية أو إذا كنت تاجر سلاح"! أما راكان حياصات، فقال إنه يُسأل: "ليش شكلك زي داعش"؟

أما المغرد كاظم أمين، فاتبع أسلوب "يا كايدهم" وقلب الموازين بصورة هويته الشخصية التي تبدو أنها جميلة على عكس صور الأردنيين، وكما يقول: "صح كل عين شكل بس منيحة!"

امتعض البعض من الخبر الذي نُشر حول دعوة "المركز الوطني لحقوق الإنسان" المواطنين بتحسين صورهم في بطاقات الهويّة، والذي كان آخر ما يتوقعونه من صمام أمانهم الحقوقي، لكن، سرعان ما يتناول الأردني المواضيع بسخرية وتهكّم يطيّب خاطره ويُضحكه أيضاً

سخر أردنيون من أنفسهم بعد الخبر، ومن الحال الذي وصلوا إليه، حين يتجاهل المركز  الحقوقي اعتقال أبنائهم في الأردن والخارج، والانتهاكات التي تعرض لها معلمون، ومن حال الحريات في عهد حكومة تدعي أنها حكومة "نهضة"

"كلنا منشبه بعض"

وبعد استعراض لأجوبة المغردين، اختصر ناصر مبيضين بجملة بسيطة تتحدث عن قصة يبدو أنها من القصص التراجيدية للـ"أردنيين وهوياتهم" بعبارة: "ثبت أن كل الأردنيين بشبهوا بعض!".

وبعد موجة السخرية من "قلق" المركز الوطني لحقوق الإنسان من حال الصور الشخصية في الهويّات، اضطر المركز إلى نشر توضيح قال فيه: "إن ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن صور البطاقات الشخصية الذكية، جاءت ضمن الإشارة لشكوى مواطنين من تردي نوعية البطاقات وسوء الصورة الشخصية على البطاقة".

الأمر الذي احتج عليه البعض أيضاً قائلين: "احنا وين وهم وين".

"أسر فقيرة"

تشكّل المركز الوطني لحقوق الإنسان بإرادة ملكية وبناء على قرار مجلسي النواب والأعيان، وصدر في قانون رقم 51 لسنة 2006، وحدد القانون أهداف المركز وفق المادة الرابعة: "بالعمل على تعزيز مبادئ حقوق الإنسان في المملكة، وما نص عليه الدستور من حقوق، وما أكدته المواثيق والعهود الدولية من مبادئ، والإسهام في ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في المملكة على صعيدي الفكر والممارسة وعدم التمييز بين المواطنين"، وربما ينتظر الأردنيون من عبارة عدم التمييز بين المواطنين، مثل عدم إدراج كلمة أسر فقيرة على بطاقة التأمين، وليس الكادر الذي يجمل الصور خلال التصوير لغايات البطاقة الشخصية.

حتى الصدف لم تكن حليفة خبر المركز الوطني الذي انتفض على صور المواطنين في هوياتهم، فبعد يوم واحد انتشر على تويتر صورة عن بطاقة تأمين صحي، مُدرج في إحدى خانة نوع البطاقة عبارة: "أسر فقيرة".



وهو ما لم تدحضه منصة "حقك تعرف" الحكومية التي تتصدى للشائعات وتصدر توضيحات عندما تنتشر معلومات كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما تجربة المغرد أحمد فراج الذي نشر تعليقاً لتغريدة الناشط معتز ربيحات: " كان عندي تأمين اسمه #الغير_قادرين أخذته بسبب نسبة عجز طبي... بعد ما انتهى رحت أجدده. قالت الموظفة لغوا هيك تأمين وصار في تأمين #أسر_فقيرة أو #الأشد_فقراً... قلت بس هيك تأمين فيه إهانة. قالت عادي شو فيها. قلت الملافظ سعد".

سخر أردنيون من أنفسهم بعد خبر المركز الوطني لحقوق الإنسان، وكثير من التعليقات كانت مشوبة بالتهكم والسخرية  من الحال الذي وصلوا إليه، حين يتجاهل المركز الذي ينتظر منه الأردنيون موقفاً حازماً من اعتقال أبنائهم في الأردن والخارج، ومن الانتهاكات التي تعرض لها معلمون قبل شهرين أثناء إضراب المعلمين، ومن حال الحريات في عهد حكومة تدعي أنها حكومة "نهضة"، وفي عهد مظلة حقوقية كان من المفترض أن تكون أقرب إلى الناس منها إلى الـimage، حين يقفز مركز حقوق الإنسان فوق كل هذه الحقوق الإنسانية ويهتمّ بتحسين صورهم على البطاقات الشخصية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image