يبدو أن الانتفاضة الشعبية في وادٍ وأركان السلطة المتناحرة في وادٍ آخر. ففيما تستمر الاعتداءات على المتظاهرين من قبل أنصار بعض القوى السياسية في محاولة لإنهاء الانتفاضة عنوةً، يؤثر رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الانسحاب والنأي بنفسه، جاعلاً الكرة في ملعب الرئيس ميشال عون.
في بيان، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال صراحةً أنه "بعد 40 يوماً على حراك اللبنانيات واللبنانيين، وقرابة الشهر على استقالة الحكومة، متمسك بقاعدة ‘ليس أنا، بل أحد آخر‘ لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشبان والشابات".
وتابع: "كلي أمل وثقة، بعد إعلان قراري هذا، الصريح والقاطع، أن فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فوراً إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة، متمنياً لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل في مهمته".
وبيّن الحريري أن إعلانه كان واجباً في ظل حالة الإنكار المزمن" التي اتضحت في عدة مناسبات خلال الأسابيع الأخيرة، والتي رأى أنها "أخطر من الأزمة الوطنية الكبيرة والأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان".
كما عده رداً على من "ما زالوا يتحججون تجاه الرأي العام بأنهم ينتظرون قراراً من ‘سعد الحريري المتردد‘ لتحميلي، زوراً وبهتاناً، مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة الجديدة".
واستطرد قائلاً: "حالة الإنكار المزمن بدت وكأنها تتخذ من مواقفي ومقترحاتي للحل ذريعة للاستمرار في تعنتهم ومناوراتهم ورفضهم الإصغاء إلى أصوات الناس ومطالبهم المحقة".
وأشار رئيس الحكومة المستقيل إلى "الحضور المميز للمرأة اللبنانية التي تصدرت الصفوف في كل الساحات لتؤكد جدارة النساء في قيادة العمل السياسي ومعالجة الأزمة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور". وعد البعض هذا تلميحاً إلى احتمال تولي سيدة رئاسة الحكومة المقبلة.
مشاورات خلال يومين
ومباشرة بعد بيان الحريري، انطلقت تسريبات وتقارير من "مصادر قصر بعبدا" تؤكد أن الاستشارات النيابية ستجري في 28 أو 29 تشرين الثاني/نوفمبر على الأكثر، بحسب وسائل إعلام لبنانية.
ونقلت صحيفة "النهار" المحلية عن مصادر مقربة من القصر الجمهوري أن عون "لن يوقع مرسوم أي حكومة لا تخدم مصلحة لبنان" وأن "هذه المرحلة الدقيقة تحتاج إلى توافق، وإلى حكومة تتوفر لها الحماية السياسية لمواجهة رافضي الإصلاحات، إضافة إلى التحديات المحلية والإقليمية".
وقالت المصادر نفسها: "الاتصالات لن تتوقف قبل التوصل إلى نتيجة"، منوهةً بأن "كل ما يقوم به عون لتجنيب لبنان أزمة لا يعرف متى تبدأ ومتى تنتهي".
الحريري يؤكدها صريحةً "ليس أنا، بل أحد آخر" ويلقي الكرة في ملعب الرئيس عون… هل تشكل قريباً حكومة لبنانية تلبّي آمال الانتفاضة الشعبية؟
الانتفاضة اللبنانية في شهرها الثاني وصراع أركان السلطة يحول دون تشكيل حكومة تلبي آمال المنتفضين. "اعتداءات الترهيب" الرامية إلى إجهاض الحراك الشعبي عنوةً مستمرة أيضاً
تكرار الاعتداءات
أعقبت هذه التطورات وقوع اشتباكات بين أنصار الحريري من جهة، وحركتي حزب الله وأمل الشيعيتين من جهة أخرى تطورت إلى إطلاق نار في بيروت في ساعة متنقدمة من مساء 25 تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الوطنية.
هذه الموجة من أعمال العنف هي الثانية المرتبطة بالأزمة السياسية الراهنة في البلاد، وهذا ما أثار مخاوف الكثيرين من تحول التظاهرات الشعبية السلمية التي انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى مسار دموي.
وفي الليلة السابقة، 24 تشرين الثاني/نوفمبر، اعتدى العشرات من أنصار "أمل" و"حزب الله" على المتظاهرين على جسر الرينغ في وسط بيروت.
وبين الحين والآخر، شن أنصار "أمل" وحزب الله مثل هذه الهجمات في مسعى لإنهاء التظاهرات وفتح الطرق التي يصر المحتجون على إغلاقها باعتبار أنها وسيلة ضغط قد تسرّع تشكيل حكومة تتناغم مع مطالبهم. وكان الحزب والحركة يرفضان استقالة حكومة الحريري لتمتعهما بنفوذ مؤثر فيها.
وتجددت المواجهات فور صدور بيان الحريري أيضاً إذ اعتصم عدد من الثوار اللبنانيين على الطريق المؤدّية إلى القصر الجمهوري في بعبدا، عصر 26 تشرين الثاني/نوفمبر، استجابةً لدعوة من حزب "سبعة".
وكثفت القوى الأمنية من تدابيرها ونشرت الأسلاك الشائكة على جانبي الطريق.
وردد المعتصمون هتافات "سلمية سلمية" و"هيلا هيلا هيلا هو، نحنا ببعبدا يا حلو". وسرعان ما حضر مناصرون لـ"التيار الوطني الحرّ" الذي يترأسه الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، متدافعين نحو المعتصمين، وهم يرددون "الله، لبنان، عون وبس".
في الأثناء، حث الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، بناء على توجيهات من سعد الحريري، جميع أنصار التيار على "التزام حدود القانون ومقتضيات السلم الأهلي وتجنب أي ردات فعل في الشارع أو سواه. معاً نواصل المسيرة ومعاً نبقى على خط الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي ظل قيادة الرئيس سعد الحريري".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.