صُدم الكثيرون من الحقوقيين والمتضامنين مع مغني الراب المغربي محمد منير الشهير بـ"سيمو الكناوي" بعد الحكم عليه، مساء 25 تشرين الثاني/نوفمبر، بالسجن النافذ عاماً بتهمة "إهانة هيئة منظمة"، في إشارة إلى رجال الشرطة المغربية.
وقضت محكمة سلا الابتدائية بالحبس النافذ بحق الكناوي عاماً مع إلزامه بدفع 1000 درهم (نحو 103 دولارات) غرامة، علاوةً على درهم واحد تعويضاً رمزياً للإدارة العامة للأمن الوطني، الجهة الرسمية التي اتُّهم بإهانتها.
ونددت منظمة العفو الدولية بالحكم مطالبةً بالإفراج الفوري عن الكناوي إذ قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة هبة مرايف إن "توجيه انتقادات بشكل سلمي للشرطة أو السلطات ليس جريمة. القانون الدولي يحمي حق حرية التعبير حتى عندما تكون الآراء المعروضة صادمة أو مسيئة".
واعتبرت مرايف أن "هذا الحكم يبيّن أن من يجرؤون على انتقاد السلطات سيواجهون العقاب".
وكان الكناوي قد أوقف مطلع الشهر الجاري بتهمة "إهانة" الموظفين العموميين والهيئات العامة بعد بثه مقطع فيديو على حسابه بانستغرام يسبّ فيه الشرطة عقب توقيفه عند إحدى نقاط التفتيش.
فيما أعرب حقوقيون عن شكهم في أن سبب الاعتقال ذو صلة بأغنية "عاش الشعب" التي صدرت للتو قبل توقيف الكناوي، والتي انتقدت السلطات وأثارت اهتماماً دولياً، ألمحت"العفو الدولية" إلى هذا أيضاً في تقرير سابق نددت فيه بالمحاكمة التي انطلقت في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، معتبرةً أنها "اعتداء صارخ على حرية التعبير"، ومطالبةً بالإفراج عنه سريعاً وإسقاط جميع التهم "المثيرة للسخرية".
"سب الذات الإلهية"
خلال جلسة النطق بالحكم، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، طلب محامي الادعاء بإضافة تهمة أخرى للكناوي هي سب الذّات الإلهية، في حين أصر محامو الدفاع على محاكمة موكلهم وفق قانون الصحافة والنشر، مستندين إلى أن الفيديو الذي يتابع قضائياً بسبب مضمونه الذي "نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكن سباً وقذفاً مباشرين لشخص بعينه".
ورفض القاضي طلب الدفاع، مشيراً إلى أن الكناوي ليس ناشراً أو صحافياً.
وبرغم أن المحاكمة كان عنوانها "إهانة هيئة منظمة"، أعرب دفاع الكناوي خلال مرافعته عن تخوُّفه من أن "تكون خلفية المتابعة هي فيديوهات أخرى سابقة"، في إشارة إلى "عاش الشعب".
لكن الادعاء قال إنّ الكناوي شهّر بالشرطة ومديرية الأمن الوطني، معترفاً بأن رد فعله كان بعدما أوقفه رجال الشرطة.
ولفت إلى أن "المحاكمة لا علاقة لها بحرية التعبير. هذه مسألة تتعلق بقانون العقوبات" خصوصاً المادة 263 من القانون الجنائي المتعلقة بإهانة موظف عمومي خلال أداء وظيفته.
ووصفت النيابة العامة خلال توجيه الاتهام الكناوي بـ"الشابّ الشغوف بالفن" الذي "كان في حالة هيجان (ثورة) في الفيديو" وتلفّظَ بـ"عبارات تمسّ جهاز الأمن، والاحترام الواجب له". وأشارت إلى فتحها تحقيقاً في ما ادّعاه من "سوء معاملة" الشرطة له.
وقال الكناوي أمام القاضي إن رجال شرطة أوقفوه وهو في حالة سكر، وعيّروه وتعاملوا معه بشكل لا يخلو من "استغلال للسلطة"، وهذا ما جعله ساخطاً على كل شيء، مبيّناً أنه ضرب نفسه بعد ذلك بقنينة زجاجية ثم سجّل "الفيديو المباشر" على انستغرام.
وأضاف: "ليست تلك المرة الأولى التي أتعرض فيها للإهانة من الشرطة… منذ صغري وأنا أتعرض للإهانة"، مشدداً على أنه لو عومل وفق القانون لما كان تصرّف بهذا الشكل.
الحكم على مغني الراب المغربي محمد منير الشهير بسيمو الكناوي عاماً مع دفع غرامة مالية. العفو الدولية: "الحكم يبيّن أن من يجرؤون على انتقاد السلطات سيواجهون العقاب"
الكناوي قال إن شتمه رجال الشرطة كان رد فعل على إهاناتهم و"استغلالهم السلطة". متضامنون معه هتفوا "عاش الشعب عاش… الرابور المغاربة ماشي أوباش"
"الراب الصادق ليس جريمة"
بعد النطق بالحكم إثر المحاكمة السريعة، احتشد أصدقاء الكناوي والمتضامنون معه خارج المحكمة وودعوه، مرددين "عاش الشعب"، فيما استقل هو سيارة الشرطة التي نقلته إلى السجن.
ورفع هؤلاء لافتات كُتب عليها: "لا للاعتقال السياسي"، "الراب الصادق ليس جريمة"، "الشعب يريد سراح المعتقَل"، و"عاش الشعب .. عاش .. عاش ... الروابا المغاربة (مغنو الراب) ماشي (ليسوا) أوباش".
وقبل يومين، حرص الرابور المغربي يحيى السملالي، الشهير بـ"لزعر"، الذي شارك في أغنية "عاش الشعب" مع الكناوي وولد الكرية، على تقديم رسالة جديدة للسلطات ضمن أحدث أغانية التي قال فيها: "بدل ما تقمعونا استمعوا إلينا... أنا ابن الشعب، أطالب بحق الشعب في التعليم والصحة والسكن". لكن ولد الكريه آثر "الاعتزال" بعد القبض على الكناوي.
في حين جمدت وزارة الثقافة المغربية إلى أجل غير مسمى جميع الفعاليات المتعلقة بفن الراب في البلاد بعد إطلاق "عاش الشعب" التي حققت نحو 15 مليون مشاهدة.
وليست المرة الأولى التي تعتقل السلطات المغربية مغني راب، إذ اعتقل معاذ بلغوات الملقب بـ"الحاقد" عام 2012 بتهمة "إهانة السلطات" وأيوب بوضاض عام 2014 بعد مشاركته في مسيرة دعت إليها ثلاث مركزيات نقابية.
وانتهى الحال بالمغنّييْن إلى مغادرة المغرب، حيث طلب "الحاقد" اللجوء السياسي في بلجيكا، واتجه بوضاض لاستكمال تعليمه في فرنسا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...