لا حبكة، لا هدف، لا معنى. هذا هو معنى مصطلح ياوي yaoi المختصر من اليابانية: yama nashi, ochi nashi, imi nachi. إلا أن هذا الاختصار يشير في الحقيقة إلى نوع من أنواع المانغا اليابانية، والتسمية الثانية له هي: boys love.
ما هو الياوي؟
الياوي هو مادة بصرية (مانغا أو أنمي) تركز موضوعاتها على الحب بين رجلين، وأحياناً تكون المادة جنسية بشكل صريح، إذ يمكن إيجاد الياوي كأحد فروع الهنتاي (الأنمي الإباحي).
بدأ هذا النوع في سبعينيات القرن العشرين، حيث نشرت مؤلفات المانغا شوجو (تصنيف للفتيات) قصصاً حول علاقات حب بين الذكور صغار السن، وفي الثمانينيات بدأ معجبو المانغا والأنمي بنشر محاكاة للأعمال التي يحبونها، بحيث تتضمن علاقة حب بين شابين من أبطال العمل الأصلي. مصطلح الياوي ظهر في أواخر السبعينيات، إذ كانت الأعمال المصنفة ضمن هذه الفئة رديئة غالباً ولا تحتوي سوى على يوميات عادية لا معنى لها، ثم صار مصطلح الياوي هو الأكثر انتشاراً لتسمية هذه الفئة.
من الجدير بالذكر أن أعمال الياوي من المانغا والأنمي ليست موجهة للذكور المثليين، يوجد نوع آخر يسمى bara أو males love، أما الياوي فجمهوره من الفتيات المغايرات جنسياً غالباً، ومؤلفاته كذلك.
يختلف البارا من حيث طبيعة الشخصيات غالباً، ففي الياوي هناك دائماً الذكر الشبيه بالأنثى، سواءً بالشكل أو بالتصرفات، بالإضافة إلى أن الأحداث أكثر عاطفية ورومانسية ورقة، على عكس البارا الموجهة للمثليين الذكور، التي تتميز بشخصيات تفتقر إلى الجماليات الأنثوية الموجودة في الياوي، إذ يمكن أن توجد شخصية رجل مع كرش على سبيل المثال، كما أن القصة أكثر خشونة.
لماذا قد تهتم فتاة بمشاهدة مادة عاطفية أو جنسية لا تكون جزءاً منها؟
تتعدد الأسباب في هذا الشأن، وربما لا يمكن أن تحصر إجابة واحدة كل المعجبات بهذا النوع. يمكن ببحث صغير أن نجد العشرات من المواقع التي طرحت هذا السؤال، وتتراوح الإجابات غالباً حول التالي:
- طبيعة شخصيات الإناث في المانغا والأنمي: إذ غالباً ما تكون الشخصية الأنثوية في المانغا والأنمي الياباني مقدّمة على أنها مزعجة وثرثارة و"قاتلة للمتعة"، في حين تقدّم الشخصيات الذكورية بشكل أكثر عمقاً، ومتعددة التوجهات، أي نجد عدّة شخصيات ذكورية مختلفة تماماً عن بعضها بشكل مميز، بينما يتم اختصار شخصيات الفتيات غالباً بالخجولة والمزعجة والمتسلطة بشكل نمطي جداً –مع استثناءات ظهرت في المانغا الحديثة- وبجانب وجود هذا النوع من الشخصيات الأنثوية، هناك شخصية الشاب الرقيق المميز، والذي يبدو مظهره غالباً كفتاة مع البطل القوي. يدفع هذا المعجبات إلى اعتبار شخصية الشاب الرقيق كأنثى ويتخيلنه بعلاقة مع البطل الآخر ذي الشخصية الرجولية.
الياوي هو مادة بصرية (مانغا أو أنمي) تركز موضوعاتها على الحب بين رجلين، وأحياناً تكون المادة جنسية بشكل صريح، من الملفت أن للياوي شعبية بين الفتيات في العالم العربي، فلماذا تهتم فتاة بمشاهدة مادة عاطفية أو جنسية لا تكون جزءاً منها؟
لماذا تدمن الفتيات الصغيرات أعمال الياوي في فترة نضوجهن الجنسي في البلدان العربية؟
- يعتبر آخرون أن السبب هو الرغبة في القضاء على هيكلية السلطة الزوجية، فعدم وجود شخصية أنثى يعني عدم وجود مسؤوليات الحمل والإنجاب والطبخ وما إلى ذلك، فتستمتع القارئة/المشاهدة بمتابعة مادة أكثر حرية لا وجود فيها لمسؤوليات تخيفها، أي علاقة مريحة متساوية!
- ترى إحدى المعجبات أن السبب الذي يدفعها للاهتمام بالياوي هو خلوه من التعقيد بين الرجل والأنثى، فالرجال على حد قولها عاجزون في الغالب عن فهم مشاعر الأنثى، ويعتبرون حاجاتها مجرد دلال مزيّف، لذا فهذا الاستبدال الجنسي يعطي راحة أكثر للمتلقي: علاقة بلا انزعاج من تصرفات الرجال تجاه النساء.
- أيضاً تجيب بعض الفتيات بجرأة: "المزيد من الرجال" بإشارة إلى زيادة في المحتوى الجنسي الذي يهتممن به! وهذا يشبه اهتمام الرجال بمشاهدة الأفلام الإباحية المثلية بين النساء.
- جنس آمن: يعتبر الخبراء أن مشاهدة الفتيات الصغيرات للياوي هو بسبب خوفهن من فكرة الجنس، بالتالي فإن عدم وجود شخصية تشبههن فيزيولوجيا يعطيهن مساحة آمنة للاستمتاع بمحتوى جنسي دون خوف.
- المبالغة في رسم أثداء الفتيات في المانغا والأنمي: غالباً ما يتم تقديم شخصية الفتاة المثيرة بحجم أثداء أكبر من الطبيعي، ما يُشعر الفتاة العادية بالنقص، وأنها غير قادرة على أن تكون مثيرة للاهتمام بشكلها الطبيعي، فتجد نفسها أقرب لشخصية الذكر الرقيق.
ما الذي يجعل الياوي مثيراً للقلق؟
لا يمكن تجاهل فكرة أن معجبات الياوي غالباً ما يكن من أعمار صغيرة 12-16، وفكرة أن تنشأ فتاة في هذا العمر على محتوى لا ترى فيه نفسها يفضي إلى فكرة غريبة عن الجنس، وعدم ثقة بجسدها الملغى في هذه المواد، بالإضافة أيضاً إلى أن محتوى كهذا سيجعلها تنكر شخصيتها الأنثوية الحقيقية، لتتمسك بشخصية أقرب إلى الرجل، لتكون مرغوبة أكثر وغير مزعجة أو "مسببة للصداع" مثل شخصيات المانغا الإناث.
لابدّ من التذكير بأن أغلب معجبات الياوي هنّ مغايرات جنسياً، لذا فإن الأمر غير مرتبط بالميول الجنسية، إنما أقرب إلى إلغاء الشخصية الأنثوية في مساحة آمنة تمنعها من التفكير بنفسها كمحبوبة أو مرغوبة.
في ثقافتنا العربية الكرتون هو كرتون! ويرى الأهل أن مشاهدة بناتهم للأنمي هو آمن تماماً، فما الذي يجعل شيئاً بريئاً كهذا خطراً؟ لكن في الحقيقة محتوى الياوي متوفر بشكل كبير باللغة العربية، ويترجم على الانترنت وينشر فيه ويمكن إيجاد عدّة سلاسل أنمي من تصنيف ياوي على اليوتيوب بسهولة تامة، سواء أكانت عاطفية فقط أو جنسية.
فيتسنى للطفلة أو المراهقة مشاهدة هذا المحتوى بسهولة تامة بوعيٍ أو بدون، وكثيراً ما تدمن الفتيات الصغيرات أعمال الياوي في فترة نضوجهن الجنسي في البلدان العربية، في ظل غياب التوعية الجنسية اللازمة، وإخفاء الجسد الأنثوي في ثقافتنا. ويمكن ملاحظة هذا الانتشار من خلال الأعمال الكثيرة المترجمة، وحلقات اليوتيوبرز حول الأمر.
اليوتيوبر anime ghost مثلاً لديه حلقة بعنوان "ليش البنات يحبون الياوي" وبدلاً من محاولة إيجاد الإجابة كان يسأل بغضب شديد يزيد الهوة بين الجنسين في أعمار صغيرة، وهي الفئة العمرية الأكبر من متابعي قنوات اليوتيوب المهتمة بالأنمي والمانغا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...