لأنّ الكتب لا تلقى شعبية في زمن التويتر والأخبار السريعة، قام شابان كويتيان بخلق فرص للتفاعل مع المعرفة من خلال إعادة إنتاجها بطابع إلكتروني عصري وسريع. الفكرة هي أنّ يكون بإمكان كلّ منّا أن يتحول إلى قارئ/قارئة، كما يمكننا أن "نرتتشف" فنجان معرفي "ع الماشي".
كيف تحولت الكتب إلى "فناجين"
يبتعد النّاس، خصوصاً في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، عن القراءة بسبب عامل الوقت.
بحسب مؤشر القراءة في العالم العربي (2016)، بلغ معدل قراءة الإنسان العربي 35.24 ساعة سنوياً، وتراوحت الأرقام بين 7.78 ساعة في الصومال، التي تعد أقل معدل، و63.85 ساعة في مصر كأعلى معدل. أما بالنسبة لمتوسط عدد الكتب المقروءة سنوياً عربياً فهي أكثر من 16 كتاباً في السنة، كانت جيبوتي وجزر القمر والصومال أقل معدل (1.76 كتاباً)، بينما سجلت لبنان المعدل الأعلى بموجب (28.6 كتاباً).
إلا أن هناك من استثمر هذه التكنولوجيا الحديثة والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات، لإعادة إنتاج مختارات من الكتب وتقديمها ملخصة في دقائق قصيرة، بإمكان محبي الاطلاع والمعرفة أن يستمعوا إليها أو يقرؤوها في الوقت الذي يقومون فيه بأعمالهم الروتينية اليومية، كالسياقة أو ممارسة الرياضة أو غيرها من الأعمال.
فقد عمل الشابان الكويتيان عبد العزيز الشلفان، الذي يحمل شهادة ماجستير في الهندسة الصناعية ويملك خبرة في تطوير مشاريع التكنولوجيا، ومحمد مفرح الشمري، الذي يتخصص في مجال هندسة المشاريع في القطاع النفطي، على تدشين تطبيق "فناجين" الإلكتروني والذي "يقدم أهم الأفكار والفوائد لأفضل الكتب العربية والأجنبية في أقل من 20 دقيقة، وبصيغة مقروءة ومسموعة"، حسب ما قالا لرصيف22.
وأوضح الشلفان: "يجد المرء نفسه في عصر السرعة والمعلومات، محاطاً بمصادر المعرفة من كل الجهات، ولكن لكثرة انشغاله، يعجز عن الاستفادة منها حق الاستفادة، ولا سيما الكتب، لذلك عمدنا في تطبيق فناجين إلى إزالة الغبار عن الكنوز المدفونة في الكتب، وتقديمها للناس بطريقة موجزة ليستفيدوا منها في أقل من 20 دقيقة".
ويضيف الشمري: "التطبيق موجه لمن يقومون بأعمال روتينية يومياً ويريدون الاستفادة من وقتهم أكثر، فيستطيعون الاستماع لفناجين أثناء قيامهم بها، كذلك لمن يريد تقييم كتاب وما إذا كان يستحق القراءة أم لا، فيقرأ الفناجين قبل البدء بقراءة الكتاب، أيضاً لمن ليس لديه وقت لقراءة مئات الصفحات حاليا، فيلجأ لفناجين ليأخذ أهم أفكار الكتاب، ويقرأ الكتاب عندما تسنح له الفرصة في وقت لاحق".
"يطلق على كل ملف صوتي اسم "فنجان"، وتتراوح مدة الفناجين بين 15 إلى 20 دقيقة، وهو معدل الوقت الذي يقضيه الناس أثناء القيام بالأعمال الروتينية،أو الأعمال المنزلية كالطبخ والغسيل"
"يحتوي فنجان القهوة لدى العرب على معاني الضيافة والحديث الطيب، وحين يستخدم شخص ما التطبيق، فهو يحل ضيفاً على الكتاب وأفكاره، ليستمتع بكل فكرة، وفائدة من الكتاب في فنجان مقروء ومسموع"
لماذا اختارا اسم فناجين، يشرح الشلفان: "يحتوي فنجان القهوة لدى العرب على معاني الضيافة والحديث الطيب، لذا فإن فناجيننا تحتوي على هذه المعاني أيضاً، فحين يستخدم شخص ما التطبيق، فهو يحل ضيفاً على الكتاب وأفكاره، ليستمتع بكل فكرة وفائدة من الكتاب في فنجان مقروء ومسموع".
أيضا عن المشروع قال الشمري: "بالرغم من أن مقر فناجين هو الكويت إلا أنه مشروع عربي بكل ما تعنيه الكلمة، فقد ساهم في "فناجين" إلى الآن أناس من أكثر من 12 دولة عربية، وتضم قائمة مستخدمينا عشرات الآلاف من المستخدمين في جميع أنحاء الوطن العربي".
يغطي التطبيق كتباً في جميع المجالات، ما عدا الرواية والشعر وبعض الأدب، فيستعرض كتباً في تطوير الذات، الثقافة المالية، القيادة والإدارة، السير الذاتية، الفكر والفلسفة، التاريخ والسياسة، التربية الأسرة، الفن والثقافة، والصحة.
وعن اختيار الكتب يقول الشلفان: "هناك عدة عوامل تؤثر على اختيارنا للكتب، منها مجال الكتاب، حيث نسعى للتنويع في المجالات والتركيز على المجالات التي لا يتوفر فيها محتوى صوتي كاف. كما ننظر إلى تقييم الكتاب في منصات القراءة المختلفة، بالإضافة إلى مراجعات القراء للكتاب. وأخيراً، نتواصل مع المختصين في المجالات المختلفة لأخذ اقتراحات الكتب منهم أيضاً".
وفيما يتعلق بالتعاون مع دور النشر أوضح الشمري: "لم يحدث هذا الأمر حتى الآن ولكن نطمح لذلك قريباً، حيث تجمعنا بهم أهداف مشتركة مرتبطة بنشر الثقافة وإثراء المحتوى العربي".
"فنجان" مدة كل منها بين 15 إلى 20 دقيقة
يطلق على كل ملف صوتي اسم "فنجان"، وتتراوح مدة الفناجين بين 15 إلى 20 دقيقة، "وهو معدل الوقت الذي يقضيه الناس أثناء القيام بالأعمال الروتينية، كقضاء ساعات يومياً في الزحام، أو أداء الرياضة، أو الأعمال المنزلية كالطبخ والغسيل، فيستطيع الناس عند قيامهم بهذه الأعمال أن يتعرفوا على أهم أفكار كتاب واحد أو أكثر، كل ذلك في يوم واحد"، حسبما قال الشمري.
يحتوي التطبيق على فناجين مجانية تتجدد باستمرار، فيما الخدمة الأكثر شمولية التي تمكن المستخدم من الاستماع لكل الملفات، والدخول لكافة العناوين ومميزات أخرى يتم عبر الاشتراك المدفوع، "نطمح أن يصبح فناجين الوجهة الأولى لكل من يريد التعرف على أفكار كتاب ما والحصول على فوائده، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان المشروع مشروعاً ربحياً"، حسب الشلفان.
ويضيف: "يساهم في كتابة النصوص مجموعة من الكتاب والصحفيين ومدرسي اللغة العربية، كما نعمل مع أصحاب الاختصاص لتغطية الكتب المتخصصة في بعض المجالات. فمثلاً نتعامل مع مختصي علم النفس لتغطية كتب علم النفس، ومع مختصي التربية لتغطية كتب في مجال التربية والعلاقات، ونفخر اليوم بأننا وفّرنا أكثر من 150 فرصة عمل في أكثر من 12 دولة في الوطن العربي".
منذ إطلاق تطبيق فناجين قبل عدة أشهر، وصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 50 ألف مستخدم من جميع أنحاء الوطن العربي، "والأرقام بازدياد مستمر"، كما أوضح الشمري.
وفي رده عن سؤال حول حيادية التطبيق في التحليل والتقديم للكتاب يقول الشلفان: "لقد حرصنا في سياستنا التحريرية على تحديد منهجية صارمة في مراجعة كل نص ننتجه، فتمر كل الفناجين على مجموعة من المراجعين الذين يراجعون مطابقة الأفكار المعروضة في الفناجين مع الكتاب الفعلي، مع ذلك، يصعب تحقيق الحياد التام في أي عملية إنتاج محتوى مهما كانت، وما نفعله هو أننا نعمل دائماً على تحسين أنظمتنا وقدراتنا التي تمكننا من تحقيق حياد أكثر فأكثر مع نمو مشروعنا".
ويوضح: "يراجع كل نص مجموعة محررين يحملون شهادات عليا في اللغة العربية والنقد وغير ذلك من المجالات المتخصصة. تركز المراجعة الأولى على صحة المعلومات فقط، حيث يتأكد المحررون من مطابقة الأفكار والمعلومات مع الكتاب الفعلي، ومعالجة أي قصور إن وجد في عرض الأفكار. بعد ذلك، تبدأ مراجعة النص من حيث الأسلوب واللغة والنحو. وأخيراً، يقرأ مراجع آخر ليقيّم العمل كوحدة متكاملة، مراعياً سهولة عرض الأفكار وبساطة اللغة ومتعة الأسلوب".
هل يحقّ لنا أن نختصر الكتب؟
عرفت الثقافة العربية فكرة "الاختصار" كرديف لفكرة الأدب الموسوعي، وإعادة إنتاجه. ولكن هل يحقّ لنا اختصار كتب الأدب بتغيير صيغتها وشكلها وحجمها؟ وماذا عن الأنواع المعرفية الأخرى؟
عن فكرة إعادة انتاج الأدب والانتاج المعرفي، أشار محمد الشمري: "في الواقع، يقوم تطبيق فناجين بعرض أهم أفكار وفوائد الكتب وتقديمها بطريقة موجزة ومبتكرة وبأسلوب فناجين الخاص، مع نسبها بصراحة للكتاب والمؤلف، وبذلك لا يتعارض مع قوانين حقوق المؤلف، فنحن نهدف لتوفير طريقة ميسرة لتحصيل المعرفة، وتعريف الناس بالكتب المختلفة ومؤلفيها وتشجيع الناس لقراءتها".
تجدر الإشارة إلى أنّ "فناجين" ابتعد عن الأدب والشعر، كما إنه اختصر الكتب في دقائق معدودة، ليبتعد عن الاطالة، واكتفى بنقاط تلخص ما يتحدث عنه الكتاب بطريقة تعطي معلومات شيقة للسامعين/ات لتدفعهم لقراءة الكتاب.
عرفت الثقافة العربية "الاختصار" كرديف للأدب الموسوعي الذي ازدهر منذ العصر الوسيط.
وعن علاقة التطبيق بحقوق النشر وحقوق الكاتب يوضح الشمري: "إن المحتوى المقدم في التطبيق هو محتوى جديد وبأسلوب فناجين الخاص، ولطالما تم نسب الأفكار المعروضة في الفناجين إلى الكتب ومؤلفيها، فلا يوجد أي تعدٍ. مع ذلك، فإن خدمة فناجين هي خدمة "مكمّلة" لصناعة الكتابة، فهي لا تستبدل الكتب إطلاقاً، بل تحرك الفضول لدى الناس لقراءة الكتب والتعرف على المؤلفين وتقدير مهنة الكتابة أكثر فأكثر".
وأخيرا لخّص الشابان التحديات التي تواجههما في هذا المشروع هي "عملية اختيار الكتب التي يقوم التطبيق بتغطيتها هو أكبر التحديات، فلتحقيق التنوع الذي نسعى إليه، علينا أن نعي أن هناك توجهات مختلفة لكل موضوع في كل مجال، وأنه عندما نغطي كتاباً يناقش توجهاً ما، علينا التنقيب عن الكتب التي تقدم التوجهات الأخرى لذات الموضوع وتغطيتها هي الأخرى، وهو أمر أصعب مما كنا نتوقع".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع