شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
عن العنصرية تجاه الأفريقي… لماذا

عن العنصرية تجاه الأفريقي… لماذا "ننسى" كمغاربة أننا أفارقة أيضاً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 8 نوفمبر 201904:27 م
Read in English:

We Moroccans forget we are African when demonstrating racism towards African migrants

رغم كل الدراسات والندوات التي تقوم بها المنظمات الحقوقية بشكل مستمر، والجهود التي يحاول المغرب القيام بها من أجل إدماج المهاجرين الأفارقة، لا زالت هذه المشكلة تطرح نفسها بشدة، بسبب تباعد ثقافة المجتمع المغربي مع نظيره الأفريقي من جهة، وبسبب عدم وجود منهجية تواصلية معتمدة من طرف الدولة والمؤسسات العامة تساهم في تقليص هذا التباعد الثقافي، من جهة أخرى.

مؤخراً، أثار إعلان منشور بواجهة إحدى وكالات الشركة الفرنسية الحافلات (CTM) نقاشاً حاداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. حيث ينص هذا الإعلان على منع بيع أي تذكرة للسفر إلى المدن المغربية الحدودية لأي "إفريقي" دون الإدلاء بأوراق إقامته أو جواز سفره. طبعاً بعد تعرّضها لكم هائل من الانتقادات، قامت الشركة المعنية بالتملص من مسؤولية الإعلان المنشور في إحدى وكالاتها، وحمّلت المسؤولية كاملة لموظف من موظفيها.

من المعروف أن الموظف يستحيل أن يلصق إعلاناً مماثلاً في الواجهة دون طلب، أو على الأقل إذن، من مدرائه من ناحية، ومن المعلوم أيضاً أن الجهة المسؤولة عن الإعلان في الحقيقة هي لا محالة جهة أمنية، بما أن الدولة تحاول الحد من عبور المهاجرين القادمين من عمق إفريقيا عبر الحدود إلى الدول الأوروبية، وتسمح لنفسها في سبيل ذلك بنهج جميع الطرق.

ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر، رجال الأمن المنتشرين في الغابات المجاورة للمناطق الحدودية، والنار التي سبق أن اشتعلت في المحطة الطرقية "ولاد زيان" بالقرب من مكان كان يخيم فيه المهاجرون، ولازالت علامات الاستفهام حتى الآن تطوف حول الحادث، ناهيك عن حوادث العنف والعنف المضاد بين المغاربة والمهاجرين التي نسمع عنها دائماً في الأخبار.

أي أن الأمر أعمق من كونه عنصرية ضد المهاجرين القادمين من أفريقيا من طرف المجتمع أو الأشخاص، بل إن المشكلة الحقيقية تتجلى في عدم قدرة الدولة على الوصول إلى حلول حقيقية من أجل تدبير مشكلة الهجرة، ومحاولة تدارك هذا الفشل عن طريق نهج مقاربة أمنية ضعيفة تصل لحد مصادرة حق التجول والسفر لمهاجر يعيش فوق أرضها.

من الممكن أن نلتمس العذر للمسؤولين لو تعلق الأمر بتدبير إشكالية مستحدثة، أو جديدة لم يسبق التعامل معها من قبل، لكن تاريخ المغرب والمهاجرين القادمين من القارة الأفريقية ليس بالجديد نهائياً، فموقعه الاستراتيجي جعله منذ مدة نقطة العبور نحو "فردوس أوروبا"، كما أن قضايا الهجرة واللجوء كانت من أهم المواضيع التي تطرق لها الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، وتم تضمينها في خمس مقتضيات تعنى باحترام حقوق الإنسان، خصوصاً اللاجئين، وتشجيع الهجرة النظامية مع محاولة التقليص طبعاً من الهجرة غير النظامية.

أضف إلى ذلك الكثير من الاتفاقيات الدولية التي وقّعها المغرب، والتي كان آخرها، الميثاق العالمي للهجرة الذي اعتمد بمدينة مراكش، والذي ينص على "تخفيف المخاطر التي يواجهها المهاجرون في طريقهم لبلدان الهجرة من خلال احترام حقوقهم الإنسانية وتوفير الرعاية اللازمة لهم، ونبذ خطاب العنف والكراهية إلخ إلخ…".

أفلا يعتبر إعلان شركة الساتيام، أياً كانت الجهة المسؤولة عنه، إخلالاً بمقتضيات جميع الاتفاقيات الموقع عليها، وطعناً في أفكار مؤتمر الهجرة الذي نظم في المغرب وحضره قادة العالم؟

وما فائدة كل هذه الإمكانيات المرصودة من أجل قضية للهجرة إذا كنا لحد الآن نعجز عن إيجاد مقاربة أمنية واجتماعية ناجعة من أجل إدماج الوافدين من إفريقيا؟ هذا فيما يتعلق بمسؤولية الدولة.

أثار إعلان منشور لإحدى وكالات الشركة الفرنسية نقاشاً حاداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. حيث نص الإعلان على منع بيع أي تذكرة للسفر إلى المدن المغربية الحدودية لأي "إفريقي" دون الإدلاء بأوراق إقامته أو جواز سفره

 يبدو أن بعض المغاربة، وبسبب التطلع لسنوات نحو الاتحاد الأوروبي، وسهولة تعايشهم مع السياح القادمين من أوروبا، نسوا أو تناسوا عمداً، أنهم جغرافياً ينتمون للقارة الأفريقية، حتى لو تباعدوا ثقافياً مع باقي سكانها نوعا ماً

من ناحية أخرى نلاحظ أن شركة الحافلات تعمدت، بحسن نية، استعمال مصطلح "إفريقي" ظناً منها أنها تجنبت السقوط في فخ العنصرية، بما أن المصطلح ليس مبنياً على اختلاف اللون أو الدين أو اللغة...، هذا الخطأ الذي قامت باقترافه تكرر عدة مرات سابقاً من طرف بعض الجرائد الوطنية، في مفارقة مفادها أن المغاربة ليسوا "أفارقة"، وهذا التنكر للانتماء في نظري أنكى من العنصرية نفسها.

لكن يبدو أن بعض المغاربة، وبسبب التطلع لسنوات طويلة نحو الاتحاد الأوروبي، وسهولة تعايشهم مع السياح القادمين من أوروبا، نسوا أو تناسوا عمداً، أنهم جغرافياً ينتمون للقارة الأفريقية، حتى لو تباعدوا ثقافياً مع باقي سكانها نوعا ماً، فلا لون بشرتنا المختلف، ولا لغتنا المختلفة ولا دياناتنا المختلفة ستمحي حقيقة أصولنا وانتماءاتنا.

لذا يجب على الدولة والمجتمع المدني، وبدل محاولة التصدي للهجرة نحو أوروبا عن طريق منع السفر، أن يفهموا أن أوّل مشكل تطرحه الهجرة قبل المشكل الأمني هو المشكل الاجتماعي، الذي يجب محاربته عن طريق تقليص التباعد الثقافي بين الناس ورفع الوعي المجتمعي بضرورة التعايش بين مكوناته الأفريقية، بدل تكريس هذا الاختلاف عن طريق منع فئة منه أمام أنظار الأخرى.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image