شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"حرب" الصهرين والبنات الثلاث... ماذا يجري في كواليس أسرة ميشال عون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 7 نوفمبر 201910:17 م
Read in English:

Inside The House of Michel Aoun: A Feuding Dynasty

ماذا يجري في قصر بعبدا، وتحديداً في كواليس أسرة رئيس الجمهورية ميشال عون؟ يتساءل لبنانيون كثر، مع انتشار الأخبار عن خلافات داخلية بين "الصهرين"، أي بين وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وبين العميد في الجيش سابقاً والنائب الحالي شامل روكز، زوجي ابنتي الرئيس شانتال وكلودين.

وفي السياق، بدأ الحديث عن خلاف بين الابنتين نفسيهما، فأُسند تارة إلى مواقف معلنة وتارة أخرى أتى في إطار "النمائم" نقلاً عن عاملين في القصر أو متواجدين في محيط أحد أفراد العائلة.

وللرئيس، البالغ من العمر 84 عاماً، ثلاث بنات، هن شانتال زوجة باسيل، وكلودين زوجة روكز، والثالثة ميراي زوجة رئيس مجلس إدارة قناة "Otv" (المروّجة لـ"التيار الوطني الحر") روي الهاشم. وبهذا لا يكون التعريف ببنات عون ربطاً بأزواجهن من منطلقات ذكورية، بل لما يلعبه الأخيرون دوراً في رسم المشهد السياسي للعائلة، بعدما دخلوا في مراكز مسؤولية ككثر من عائلة الرئيس.

لكن بنات عون أنفسهن لسن محيّدات عن المشهد، فكلودين هي مستشارة الرئيس الإعلامية كما أنها المسؤولة عن "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" ورئيسة مجلس إدارة شركة "كليمانتين" الإعلانية، وميراي هي المستشارة الأولى للرئيس، في وقت يبدو نشاط شانتال السياسي خجولاً، وتصريحاتها تأتي في إطار موقعها مرة كـ"ابنة لرئيس الجمهورية" وأخرى كـ"زوجة لرئيس التيار الوطني الحر".

الحالة الاعتراضية… عونية كذلك

شجرة العائلة ودينامياتها وأدوارها باتت تشغل المتابعين أكثر فأكثر مع بدء ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر في لبنان. عادت الاختلافات السابقة بين باسيل وروكز إلى دائرة النقاش، مع ظهور الأخير محمولاً على أكتاف المتظاهرين في اليوم الرابع للانتفاضة التي كانت تشتم وزير الخارجية (باسيل) وتطالب برحيل "العهد" (اختصاراً لما اصطُلح على تسميته بـ"العهد القوي" مع وصول عون للرئاسة).

انتشر الفيديو تحت عنوان "هل انضم روكز إلى صفوف المتظاهرين؟"، لكن "الصهر" قلّل من أهمية الأمر مشيراً إلى أنه كان ماراً مع عائلته في المكان وكان الطريق مقطوعاً من قبل المتظاهرين، وقال: "نزلت من السيارة، وسلّمت على الشباب، وحملوني، وكانوا /حبّوبين/. الأمر عادي".

توضيح روكز لم يخفف من وقع ما بدا أنه اقتحام ثورة تشرين للعائلة العونية الممتدة، وتنامي الحالة الاعتراضية التي كانت قد بدأت في وقت سابق داخلها.

في أول خطاب للرئيس، بعد ثمانية أيام على نزول اللبنانيين إلى الشوارع والساحات، كان ثمة جملة فيه ركزت عليها ابنتاه كلودين وميراي، فأعادتا مشاركتها عبر "تويتر" وهي: "إعادة النظر في الواقع الحكومي". فُهمت الجملة كتصويب على باسيل لإخراجه من المعادلة الحكومية، وهو التي تداول اللبنانيون مراراً عبارة "إما توزيره أو خراب البلاد"، كدلالة على توقف تشكيل حكومة كرمى له.

جذور الخلاف

قبل الخوض أكثر في الحالة العونية الاعتراضية على الحالة الباسيلية بعد الثورة، تفيد العودة إلى أصل الخلاف أو أقله مرحلة تمظهره.

في سؤال طرحه رصيف22 على عدد من الأشخاص من انتماءات مختلفة حول السبب الذي يجعل باسيل الأكثر تعرضاً للشتيمة في المرحلة الحالية، كان ثمة إجماع على "الأنا" الباسيلية "المستفزة" التي باتت توحي بسيطرة شبه كاملة يمارسها على الرئيس.

بشكل فائق السرعة، كان باسيل قد تحوّل قبل سنوات من قيادي في "التيار" إلى "الرجل الأقوى"، بينما جرى تشبيه وصوله إلى الرئاسة في الحزب بـ"المظلي"، إذ سقط عليه من علو مستخفاً بتاريخ طويل لمناضلين عونيين. ولّد هذا الواقع حالة تململ دفعت البعض لترك الحزب وآخرين للتقوقع بعدما رأوا في نموذج باسيل النقيض للحالة العونية التي ناضلوا من أجلها.

تولى باسيل رئاسة "التيار" قبل أربع سنوات، فيما تدخل عون لمصلحته مبعداً مرشحين محتملين، وفي مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي فاز بالتزكية لولاية ثانية. أتى ذلك بعدما كثرت المآخذ عليه بتغليب كفة رجال الأعمال في الحزب على حساب المناضلين، وباعتماد سياسة "التطويع" حيث الولاء المطلق له أو التهميش.

وبينما كان باسيل يحتفي بفوزه الثاني برئاسة "التيار"، كان روكز يستقبل في منزل وفداً من "المعارضة العونية" بحضور زوجته كلودين، وقد قيل وقتها إن المناسبة اجتماعية بحتة لكنها حملت رسائل كثيرة، لحالة متنامية باتت تعرّف عن نفسها بأنها "عونية" وليست "تيار".

الرسائل المتبادلة

بعد عشرة أيام على بدء الثورة، أعلن روكز استقالته من "تكتل لبنان القوي" الذي شكله "التيار" وقال إنه لم يكن يحضر الاجتماعات منذ أشهر. 

ماذا يجري في كواليس أسرة ميشال عون؟ سؤال بات يشغل اللبنانيين أكثر فأكثر منذ بدء الثورة، مع خروج الصهرين والبنات الثلاث في مواقف علنية حملت رسائل مبطنة واتهامات متبادلة
ظهر أحد أصهرة الرئيس محمولاً على أكتاف متظاهرين حين كان الشارع يكيل لصهر آخر الشتائم، في وقت تغيبت ابنتا عون عن تظاهرة داعمة له... الخلافات داخل الأسرة برزت مع الثورة لكن جذورها تعود لسنوات ماضية

وتمنى روكز، في مقابلة مع "سكاي نيوز"، على الرئيس "العمل على تغيير الحكومة ولتأتِ حكومة جديدة تكون اليد القوية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة".

بدأ الهجوم على روكز وزوجته من الجناح الداعم لباسيل وانهالت الاتهامات على الاثنين بـ"الغدر" و"تشويه صورة الرئيس".

وبعد ثلاثة أيام على استقالة روكز، خرجت نائبة باسيل في رئاسة "التيار" مي خريش في مقابلة تلفزيونية مقللة من دوره (روكز)، وعندما سُئلت عن تصريح ابنتي عون حول الحكومة وحول ضرورة إجراء انتخابات مبكرة، ردّت بعصبيّة مستخفة برأيهما بالقول: "ماذا تمثّل السيدة كلودين عون والسيدة ميراي عون؟".

وفي 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، شهد طريق القصر الرئاسي في بعبدا تظاهرة داعمة لعون، ظهر فيها باسيل - ترافقه زوجته - كالنجم الأول فيها، في وقت غابت كل من كلودين وميراي عنها. خاطب باسيل الجمهور أولاً مستفيضاً بمدح أداء "التيار" ليخرج عون بعده في كلمة مقتضبة، ما أثار انزعاجاً لدى الابنتين وفقاً لما نقلته مصادر ربطاً بصورة القوة التي أظهرها باسيل في تلك التظاهرة مقارنة بضعف الرئيس.

بعد يومين على التظاهرة، خرجت كلودين في مقابلة مطوّلة تشرح فيها سبب تغيّبها عن التظاهرة، وتوجه من خلالها رسائل كثيرة. ومما جاء في المقابلة قولها: "أنا في السلطة فكيف يجوز أن أتظاهر دعماً لنفسي؟"، ومن ثم ردها على السؤال عن رأيها في خطاب باسيل بالقول إنها لم تسمعه.

باسيل كان قد قال "لا مكان في التيار لخائف أو خائن"، وهنا استغلت كلودين المناسبة لتقول إن لا أحد يعطي زوجها دروساً في الوطنية والوفاء، مشددة على "ضرورة تخفيف حدة الإيغو لدى كل منا".

وكانت كلودين قد اعترضت في إحدى المقابلات السابقة على توصيفها بابنة التيار، قائلة إنها تعرّف عن نفسها كـ"عونية وليست تيار". حصل ذلك بعد استلام باسيل لرئاسة الأخير.

واليوم، عاد روكز ليصرّح في مقابلة تلفزيونية بأن "ما يحصل هو فرصة للانطلاق بإصلاحات جديدة وجو سياسي جديد"، معتبراً أن "المصالح ما زالت تغلب حتى الآن"، في وقت نصح "ألا يتم الالتفاف على الشارع" داعياً "إلى فصل النيابة عن الوزارة".

لم ينسَ روكز أن يحيي الطلاب الذين يتظاهرون في الشارع، في وقت كانت قناة الـOTV منشغلة بالترويج "نقلاً عن مصادر" لوجود "جهات مشبوهة خلف ثورتهم" و"محاولات اختراق إسرائيلية".

بين "هيئة المرأة" و"وصول روكز"

بين كلودين وباسيل جبهة خلاف أخرى، فعدا عن تحميله مسؤولية عرقلة توزير روكز وسيطرته على القصر، تكثر الأخبار عن انزعاجها من "وضعه العصي في دواليب" عملها في "هيئة المرأة"، سواء في القوانين التي طرحتها أو عملت عليها، أو عدم تعاون من هنا وهناك.

تستمر حالة الانقسام داخل البيئة العونية بالظهور بشكل أكبر، لتوحي بـ"عهد متخبّط"، يُسهم وعي الشارع المتنامي في إبرازها من دون سبغ صفة "البطولة" على "ثورية" الطرف العوني المعارض لباسيل.

يتساءل البعض كذلك عن حقيقة "إبعادها" عن قرارات القصر الإعلامية، مذكرين بمحاولات "إبعاد" شقيقتها ميراي عن الاستشارات الأخرى بعدما كان مطروحاً اسمها كوزيرة في الحكومة السابقة.

ويقول هؤلاء ما مفاده "كيف يمكن للمستشارة الإعلامية التي تدير شركة إعلانات معروفة بحملاتها الناجحة أن تسمح للرئيس أن يخرج في خطابه الأول للبنانيين بعد الثورة بهذه الصورة المثيرة للجدل؟"، حيث بدا منهكاً، ولم تكن الكلمة مباشرة فيما قيل إنها كذلك.

من يتابع حساب كلودين على "تويتر" يلاحظ كمية هائلة من الهجوم عليها من حسابات مختلفة، ممن يعتبرون أنفسهم مع "التيار"، تشكك في ولائها وتنتقد أداءها وأداء زوجها. وهنا يُطرح التساؤل عمن يقف وراء حسابات تقوم بالهجوم بشكل مكثف بمجرد أن تنشر تغريدة؟

في المقابل، وفي سؤال طرحه رصيف22، على متظاهرين ذوي اهتمامات مختلفة، حول موقف كلودين وروكز، كان ثمة شبه إجماع على "عدم الوقوع في فخ الإعجاب الشديد بالاثنين واعتبارهما بطلين يقفان في صفوف الثورة".

بحسب الإجابات، لكل من روكز وكلودين اعتباراتهما في الحفاظ على صورة معينة، تحجز لهما دوراً في المشهد السياسي المقبل، وتعطيهما حظوظاً أكبر أينما اتجهت الأمور. من جهة ثانية، كان ثمة، من بين تلك الإجابات، انتقادات لروكز أشارت إلى خلفيته العسكرية وافتقاره إلى الحنكة السياسية.

من بين التعليقات، أشار البعض كذلك إلى ما اعتبروه "ذكورية" عون الذي أعلى من شأن "أصهرته" على حساب بناته، وتحديداً باسيل "الذي يرى فيه أشبه بالابن الذي حُرم منه"، وإلا "لمَ لم يسلم رئاسة التيار لإحدى بناته؟"، على قول أحدهم.

وبينما يستمر المتظاهرون في استخدام أساليب متنوعة للتعبير عن حالة الرفض للسلطة القائمة وسياساتها وأساليبها المتجذرة، تتابع حالة الانقسام داخل البيئة العونية ظهور بشكل أوضح، لتوحي بـ"عهد متخبّط"، يُسهم وعي الشارع المتنامي في التصويب عليها من دون سبغ صفة "البطولة" على "ثورية" الطرف العوني المعارض لباسيل.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image