كلما كانت أغرب لفتت الانتباه، وتعرضت للنقد والهجوم.
نتحدّث عن جلسات التصوير التي يقوم بها البعض، وعلى وجه الخصوص عارضات الأزياء اللواتي يتفنن باختيار كل ما هو خارج عن المألوف للفت الأنظار، وآخرهن كانت عارضة أزياء نشرت مواقع تونسية صورة لها أثناء خضوعها لجلسة تصوير في مقبرة اليهود في العاصمة التونسية، في 4 تشرين الأول/ نوفمبر.
أثارت جلسة التصوير جدلاً بين رواد مواقع التواصل لاعتبارها "اعتداء على حرمة الميت"، وهو ما دفع البعض للمطالبة بمحاسبة عارضة الأزياء المجهولة الهوية حتى اللحظة، والمصور الذي رافقها.
اللافت أن عارضة الأزياء لم تكن ترتدي قطعة فريدة من نوعها. كانت تلبس فستاناً أسود قصيراً ذا كمّين، ولا يُوجد فيه ما يُميّزه عن غيره، ما يثير تساؤلات حول الهدف المقصود من إقامة جلسة التصوير هذه، وفي هذا المكان بالتحديد.
وفيما تناقلت مواقع تونسية عدة الخبر، أشارت إذاعة "راديو ماد" التونسية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني إلى أنها بانتظار تأكيد إقامة جلسة التصوير هذه أو نفيها من قبل أحد المسؤولين في بلدية تونس.
عُريّ عند معبد الكرنك والأهرامات
ما جرى، أو ما يُعتقد أنه جرى، في مقبرة اليهود في العاصمة التونسية حتماً ليس الأول من نوعه. الهجوم شمل كثيرات من عارضات الأزياء والشخصيات العامة وغير العامة بسبب الأمكنة المختارة، أو اللباس، أو حتى "التعليق" المُرافق للصور المنشورة على مواقع التواصل أو جميع ما سبق.
عام 2017، تعرضت وزارة الآثار المصرية لهجوم بعدما نشرت سائحة بلجيكية تدعى ماريسا بابن صوراً لها وهي عارية في جلستي تصوير أمام معبد الكرنك والأهرامات.
أكدت الوزارة آنذاك صحة الصور، مشيرةً إلى أنها "قديمة" تعود إلى شهر أبريل/نيسان، أي قبل 4 أشهر من تداولها، موضحة أن شرطة السياحة والآثار كانت قد قبضت على بابن وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.
عارضة أزياء نشرت مواقع صورة حديثة لها من جلسة تصوير في مقبرة اليهود في العاصمة التونسية... أثارت الجلسة الجدل لـ"اعتدائها على حرمة الميت"، فانضمت إلى لائحة طويلة من جلسات التصوير "المستفزة"
عارضة في المقبرة اليهودية في تونس، سائحة بلجيكية عارية أمام معبد الكرنك، فنانة لبنانية مع منقبة عند الأهرامات، عارضة عراقية في مسجد... هنا جولة على جلسات تصوير أثارت الجدل، واستفزت المتابعين
من جهتها، قالت السائحة البلجيكية إن الإفراج عنها جرى "بعدما قامت الشرطة بمسح جميع الصور من الكاميرا"، من دون أن تنتبه إلى أن هناك خاصية في الكاميرا لإعادة الصور المحذوفة. ولفتت إلى أنها لم تتعرض للاعتقال إلا في مصر برغم خضوعها لجلسات تصوير مشابهة في 50 بلداً آخر.
وتقول السائحة البلجيكية: "لحظة الاعتقال شعرت بأنني صحوت من نومي. شعرت وكأن ذلك استحمام بارد عند الساعة الخامسة صباحاً". وأضافت أنها حاولت والمصور أن يشرحا للشرطة أنهما يقومان بعمل فني، ولكن الشرطة لم تر في الأمر سوى "فيلم إباحي أو شيء مشابه".
ورغم ما تعرضت له، تقول: "فعلنا شيئاً يجعل كليوباترا فخورة بنا".
لم تكن هذه المرة الأولى التي تشهد الأهرامات فيها موقفاً يعتبره كثيرون "معارضاً" لقيم المصريين. ففي عام 2015، كشفت ممثلة إباحية روسية تدعى أوريتا عن تصوير فيلم إباحي في منطقة الأهرامات، وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ضجّت مواقع التواصل بعد نشر المصور الدنماركي أندرياس هافيد فيديو مع صديقته وهما يقومان بما وُصف آنذاك "أفعال جنسية حميمة" فوق قمة هرم خوفو، أكبر الأهرامات.
تناقض
من جوار الأهرامات أيضاً، أقامت الفنانة اللبنانية قمر جلسة تصوير مع امرأة مُنقبة ترتدي عباءة سوداء، لـ"إزالة الحواجز بين الثقافات المختلفة، والتأكيد أن المرأة لديها كامل الحرية في اختيار الصورة التي تُريد الظهور بها، أكانت محتشمة أو لا"، حسب ما قالت في رسالتها المثيرة للجدل في يونيو/حزيران 2018.
يبدو أن آخر 4 كلمات (من الرسالة) استفزت البعض فاتهموا قمر بـ"التقليل من قيمة الاحتشام" وبأن الصور تُعارض الرسالة التي أرادت إيصالها، خاصة أن إحداها تُظهر المنقبة في الخلف وكأنها تتبع قمر.
"أردتُ نقل جمال العراق"
من مصر إلى العراق، شمل النقد أيضاً عارضة الأزياء العراقية جيهان هاشم في آب/ أغسطس الماضي حينما شاركت متابعيها على إنستغرام بصورٍ لها من جلسة تصوير في مسجد "نداء الإسلام" (التابع لديوان الوقف السني، أعلى هيئة لتنظيم شؤون أهل السنة غي العراق)، برغم ارتدائها ثياباً محتشمة، وغطاء للرأس.
وأعلن ديوان الوقف السني آنذاك اعتزامه رفع دعوى قضائية ضدها لأنها "دخلت المسجد خارج أوقات الدوام ومن دون الحصول على الموافقة الرسمية"، وهو ما يُعتبر مخالفاً للقانون، مضيفاً: "المساجد أماكن للعبادة وليست للتصوير والاستعراض".
وفي محاولةٍ لتبرير خضوعها لجلسة التصوير هذه، قالت جيهان: "أردت نقل صورة جميلة عن العراق لأُثبت لمن يتابعني (2.1 مليون شخص) أننا نعيش بأمان، ولدينا مساجد جميلة. أردت التأكيد أن الإسلام هو دين التسامح والمحبة ولم أقصد الإساءة لأحد".
لا يكاد يمر أسبوع من دون أن تكشف فنانة عربية عن صور لجلسة تصوير لافتة.
وسرعان ما تنقل مواقع إخبارية صور هذه الجلسات بعناوين مشابهة لـ"الفنانة الفلانية تُثير غضب جمهورها في آخر جلسة تصوير"، ومن يُتابع التعليقات على صفحاتهن على مواقع التواصل يلاحظ أن نسبة كبيرة ممن تستفزهم "فتحة فستان" و"سيقان عارية" من باب الغيرة على التقاليد والقيم لا يتورعون عن الشتم والتجريح والتهديد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...