"أعطني حريتي أطلق يديَّ".
قالتها أم كلثوم قبل 53 عاماً ولكنها على الأغلب لم تكن تعرف أن كثيرات سيرددنها بل ويرقصن أو يتمايلن عليها في حفلات طلاقهن بعدما قررن كسر صورة المرأة المُطلقة التقليدية.
في خُطبة الجمعة التي ألقاها إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ فيصل غزاوي، في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، قال: "كم تشعر المرأة بالحزن والاكتئاب والأرق بعد طلاقها من زوجها".
واستهجن غزاوي فكرة إقامة "حفلة طلاق"، واصفاً إياها بـ"أغرب الأمور والعادات الدخيلة والمخالفة للفطرة"، وداعياً إلى "معالجة" التساهل في الطلاق أو ما أسماه "الداء المستفحل".
ولكن أسئلة عدة لا بد من طرحها، مثل لمَ الخوف من الطلاق إذا كانت حياة الشريكين معاً غير ممكنة؟ وما المانع من الاحتفال به؟ ولماذا يسارع رجال الدين إلى تخويف المرأة من طلب الطلاق وحثّها على "التحمل"؟ من كان أول من أشعر المُطلقة بأن هناك ما ينقصها أو أنها "علّة" على من حولها؟ لماذا لا يُنظر إلى المطلقة بفخرٍ؟
ببساطة، هي رفضت الصمت. رفضت عيش حياة لا تناسبها. رفضت عدم التفاهم. رفضت انطفاء شُعلة الحب.
حفل طلاق "لا يُنسى"
من المرجح أن حفلات الطلاق انطلقت من الولايات المتحدة عام 2003 حينما قررت كريستين غلاغر إقامة حفل لصديقتها كي تُساعدها على تجاوز محنة الطلاق بحضور العائلة والأصدقاء.
تقول كريستين إن الحفل كان بمثابة "علاج نفسي" ساعد صديقتها على تخطي "أصعب مرحلة في حياتها"، وهو ما دفعها لتأليف كُتيّب عن كيفية إقامة حفل طلاق "لا يُنسى" (The Divorce Party Handbook: How to throw an unforgettable Divorce).
ونقلت كريستين عبر موقعها الإلكتروني "Divorce Party Planner" (متعهدة حفلات الطلاق) شهادات بضع سيدات احتفلن بطلاقهن:
"حفلة طلاقي كانت نهاية فترة مروعة في حياتي".
"كانت نهاية الفوضى. تخلّيت في حفلة طلاقي عن الغضب والحزن والندم".
"حطّمني زوجي بعدما هرب مع حبيبته. أقامت شقيقتي حفل طلاق ودعت إليه رجالاً عازبين. اكتشفتُ حينذاك أن هناك حياة بعد الطلاق".
"بعدما قررت الانفصال عن زوجي المُعنِّف، احتفلت صديقاتي بطلاقي، وشعرت حينذاك بأن الكابوس قد انتهى".
تعقيد عربي؟
يُعد الأمر أكثر تعقيداً من الناحية الاجتماعية في العالم العربي. إقامة حفل طلاق ليس أمراً شائعاً بل مُستهجناً ومحاطاً بعلامات استفهام.
في جولةٍ حول ما كُتب عن حفلات الطلاق في العالم العربي، يمكن ملاحظة "تخويف" النساء منها.
تساءلت بعض الصحف هل هي "موضة" أو "فساد اجتماعي"، فيما خصصت صحيفة الرياض السعودية تقريراً بعنوان "حفلات الطلاق آثارها سلبية على الزوجة نفسها!"، قائلة فيه، نقلاً عن مستشار نفسي وأسري، إن إقامة بعض المطلقات حفلات طلاق هو تصرف نابع من "نقص في تقدير الذات، وعدم احترام مشاعر الأسرتين، وعدم تقدير الآثار السلبية على الأبناء إن وجدوا".
وأضاف أن المطلقة "ستندم" لاحقاً على إقامتها حفل طلاق، "عندما تفيق من نشوة الانتصار الزائف".
في سياق متصل، نقلت صحيفة "سبق" السعودية تنبيه باحث في الشؤون الاجتماعية إلى خطورة "إقامة حفلات الطلاق من قبل الفتيات، ونشر صور منها عبر وسائل التواصل"، متسائلاً: "هل يعقل أن يقام حفل لأبغض الحلال عند الله؟ وهل يتم إصدار شهادة وفاة الحياة الزوجية في حفل بهيج يدعى الناس إليه؟".
"أعطني حريتي أطلق يديّ"، قالتها أم كلثوم قبل 53 عاماً ولكنها على الأغلب لم تكن تعرف أن كثيرات سيتمايلن عليها احتفالاً... عن حفلات الطلاق التي تعرضت للنقد من كثر، آخرهم كان خطيب جمعة
لم تتردد فنانات معروفات من إقامة حفلات طلاق، من بينهن الراحلة مديحة يُسري التي وُصفت بـ"صاحبة أقدم حفلة طلاق في مصر" وهالة صدقي وإلهام شاهين... عن حفلات الطلاق وأسباب الهجوم عليها عربياً
وحثّ الباحث على ضرورة تبيان أسباب هذه الظاهرة "حتى لا نجد المجتمع يواجه ليس مشكلة العنوسة فحسب... بل كذلك مشكلة المطلقات اللواتي ينظر إليهن نظرة استصغار، ويعزف كثير من الرجال عن الزواج بهن"، على حد قوله.
واللافت هو اعتبار الباحث الاجتماعي ما يُسمى بـ "العنوسة" مشكلة، كما اعتبر أنه يصعب على المطلقة التي تقيم حفل طلاق الزواج مرة أخرى. هذه كلها أفكار نمطية تقليدية، من غير المعروف متى ستُحارب - إعلامياً على الأقل - لطمسها أو إيقاف نشرها.
حيلة نفسية؟
من الناحية النفسية، يقول الطبيب علي قرقر لرصيف22 إن المرأة المُطلقة تميل إلى إقامة حفل طلاق لأنها "بحاجة إلى إحساس مغاير عن المعهود"، بحسب التنظير الفرويدي لأساليب الدفاع النفسية، موضحاً "في هذه الحالة، تتبع المطلقة دفاع التكوين العكسي (وهي حيلة يبدي فيها الشخص أحاسيس مغايرة لأحاسيسه الحقيقية)".
ورأى أن من تقيم حفل طلاق تستبدل "المشاعر المسببة للاضطراب لا شعورياً بمشاعر من الجهة المعاكسة"، كما تقوم "الأنا" الخاصة بها باستبدال شعور الفقدان أو الخسارة بمشاعر مرتبطة بالتحرر مثلاً أو إدراك فرص الحياة المستقبلية الجديدة.
وقال قرقر: "حسب التنظير الفرويدي، فإن المشاعر السلبية لا تختفي بل تتحوّل إلى اللاوعي".
فنانات احتفلن بطلاقهن
برغم سوداوية الطلاق في بعض المجتمعات العربية، لم تتردد فنانات معروفات من إقامة حفلات طلاق، من بينهن الراحلة مديحة يُسري التي وصفها الإعلام المصري بـ"صاحبة أقدم حفلة طلاق في مصر".
حفلة يسري كانت مختلفة بعض الشيء، إذ دعت إليها طليقها المطرب الراحل محمد فوزي وعدداً من المقربين والفنانين والصحافيين، مؤكدةً فيها استمرار علاقتهما رغم الطلاق.
كذلك احتفلت هالة صدقي عام 2012 بطلاقها بعد معاناة 10 سنوات، داعيةً عدداً من الفنانين لمشاركتها في "الفرحة".
وكان زوجها يصر على إبقائها على ذمته طوال تلك المدة، إلى أن بدأت المحاكم المصرية بتطبيق قانون الخلع الذي يمنح المرأة حق الطلاق من زوجها مقابل التخلي عن حقوقها ورد المهر الذي دُفع عند الزواج.
وهناك هنا شيحة التي احتفلت بخلعها زوجها السابق فوزي العماري، داعيةً أصدقاءها لمشاركتها في الحفلة بعد أن تأكد لها استحالة استمرار الحياة بينهما. وقد اتهمها زوجها السابق آنذاك بأنها تركته "من أجل رجل آخر".
مفاجأة
ومن اللواتي أقمن حفلات طلاق، إلهام شاهين التي دعت وزوجها المنتج عادل حسني نحو 300 من أصدقائهما لحضور حفل في أحد فنادق الإسكندرية، معلنين "مفاجأة في نهاية الحفل".
وقال حسني في كلمته: "اتفقنا أنا وإلهام على الانفصال، على أن نبقى زميلين في الفن، ولهذا السبب أقمنا هذا الحفل". وبعدما قامت إلهام بتقبيله، قالت: "لقد قضينا معاً أجمل سنوات العمر، وقدمنا أجمل الأفلام، لهذا كان لا بد من أن تنتهي العلاقة بيننا بهذا الشكل الجميل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع