شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
كأسُ الغربة الهنيء... عن بار

كأسُ الغربة الهنيء... عن بار "الحمراء" في برلين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الخميس 31 أكتوبر 201903:40 م

يأتي هذا المقال ضمن الملفّ المُعدّ لشهر أكتوبر 2019, في قسم "رود تريب" بـ"رصيف22" والمعنوَن: "بصحتك يا ساقي... بارات عربية لا بدّ من زيارتها".


يعيش عدد كبير من العرب في العاصمة الألمانية، برلين، ويسكنون في أحياء كثيرة منها. أكثرها شهرة، هو شارع "زونين آلي"، والاسم يعني "طريق الشمس"، أمّا بسبب الوجود العربي الكبير فيه، خاصّة المحلات ومطاعم عربية، أطلق عليه الناس اسم "شارع العرب".

لكن في "شارع العرب"، لا تتواجد الحانات ذات الهوية العربية، بل أكثرها بارات برلينية قديمة، جمهورها متنوّع من ثقافات عديدة، كالتي تسكن الحيّ، وسائحون يزورون المنطقة للتلذّذ بساندويشة شاورما أو صحن فلافل معدّ بطريقته الأصلية.

لكنّ هنالك باراً واحداً، تأسّس على ملامح عربية، وهو مقهى وبار "الحمراء"، الذي يقع في حيّ "برينزلوبيرغ" في شرق برلين، حيث منذ أن افتتح حوالي 18 عاماً، يقدّم الأطباق العربية، الشامية على وجه الخصوص، وبعض الأطباق الشمال أفريقية، كما الأركيلة والمشروبات الكحولية، وبالأساس يقدّم "الحمرا" مشروب العرق الشامي، وهو من الأماكن النادرة في برلين الذي يفعل ذلك.

عادة تجتذب بارات برلين البرلينيين الذين يحبون قضاء الليالي الطويلة فيها، ويحبّ السيّاح والزائرون أن يخطو على خطى أهل البلد فيشاركونهم سهراتهم الطويلة حتى الصباح الباكر. ويتمّ تأثيث هذه البارات من محلّات قطع الأثاث المستخدمة أو حتى تلك التي تمّ الاستغناء عنها من قبل أصحابها، وتمّ رميِها في الشارع، قبل أن يجمعها مالكو البارات ويستخدمونها من ضمن أثاث باراتهم التي أصبحت تتميز بذلك.

عن تسمية البار قال راني فارس: "أٌعجب خالاي الاثنان اللذان فتحا البار منذ 18 عاماً، بقصر الحمراء في غرناطة عندما زاراه منذ سنوات، أما بالنسبة للنجمة الحمراء التي ترافق الاسم فهي لا تشير إلى العلم المغربي"، ويضحك

عندما أنطلق بار الحمراء في العام 2001، كانت هذه الطريقة في التأثيث غير دارجة بكثافة كما الآن، واعتمد البار هذا النمط الذي لا يحتم تشابه قطع الأثاث أو أحجامها، فمن المهم أن يكون هناك كراسٍ وطاولات يتحلّق حولها الساهرون والشاربون، وماعدا ذلك غير مهم.

الدلالة الوحيدة على أن هذا البار هو لملاك عربي هو صحن خزفي معلق على الجدار المواجه للمدخل يحمل صلاة بخط عربي جميل باللونين الأزرق والأبيض؛ كل ما يمكنكم قراءته من الصلاة من مسافة هو كلمة "أبانا"، ومن ثمّ تلتفّ الكلمات حول كلمه "أبانا" في صورة فنية جميلة.

ثم تسمعون بعد قليل الموظفين هناك يتحدثون لبعضهم البعض ولبعض الزبائن باللغتين العربية والألمانية. وكذلك بإمكانهم الحديث بالإنكليزية عندما يزور البارَ من لا يتحدثون اللغتين، فهناك نقاشات خلف البار بلهجات متنوعة، سورية، فلسطينية، ولبنانية.

كما أن منظر النادل وهو يعدّ القهوة العربية من وراء البار في "ركوة" هو أمر طبيعي هنا ويتكرر. ومن ثمّ تقدّم في فناجين عربية صغيرة كتلك التي تقدّم فيها القهوة في المنطقة العربية، ورائحتها بالطبع ترتفع في المكان كلّه.

ثمّ يناولكم أحد العاملين هناك قائمة الأطعمة (المانيو) لتكتشف أن المازات بأنواعها تتوافر هنا، بالإضافة إلى السندويشات والفطائر العربية من حلوم وفلافل وغيرها بالإضافة إلى السلطات العربية كالفتّوش والتبّولة.

ستسمعون أحد الزبائن بلهجة مصرية يطلب شاياً بالنعناع، ومعسل "تفاحتين". قال راني فارس الذي يقرب مالكي البار الفلسطينيين وكذلك يعمل في البار لـ"رصيف ٢٢" أنه حدث "أن طلب زبائن أركيلة معسل "تفاحتين" الشهير، فأحضر العامل له أركيلتين بنكهة التفاح"، وابتسم وواصل: "تكرّرت عدّة مرّات لأن العامل لا يتحدّث العربية، وليس لديه اطلاع بأنه في ثقافة تدخين الأركيلة العربية هناك ما يسمى بمعسل "تفاحتين"، لذلك أصبح ذلك أول الأشياء التي نعلمها للعاملين الجدد من غير العرب".

يرتاد البارَ زبائنُ من كلّ الجنسيات أغلبهم من الألمان والعرب، البعض مارّ من برلين، والكثيرون يعيشون فيها، "وجود البار منذ 18عاماً جعل البعض يأتي خصيصاً له، لأنه يشتاق للأكل العربي، أو للقاء الأصدقاء أو لتمضية أمسية جميلة"

يتكون بار الحمراء من طابقين، يستضيف الطابق السفلي منه في بعض الأحيان فعاليات ثقافية متنوعة، بدأت منذ سنوات باستضافة سهرات مهرجان الفيلم العربي الذي يقام سنوياً في برلين والذي يشرف عليه أحد إخوة مالكي البار. ولم يتوقّف الأمر عند ذلك فيستضيف "الحمراء" أيضاً قراءات في كتب، عروض أفلام، توقيعات وبيع كتب.

يرتاد البارَ زبائنُ من كلّ الجنسيات أغلبهم من الألمان والعرب، البعض مارّ من برلين، والكثيرون يعيشون فيها، "وجود البار منذ 18 عاماً جعل البعض يأتي خصيصاً له، لأنه يشتاق للأكل العربي، أو للقاء الأصدقاء أو لتمضية أمسية جميلة" كما أوضح راني.

وأشار إلى أن روّاد البار العرب مميزون، "يطلب الزبون العربي شاياً بالنعناع، وعندما نسأله: مع سكّر؟، يردّ بالنفي، وعندما نحضر الشاي يعود لطلب السكّر لإضافته له". يطلق ضحكة ثمّ يقول مبتسماً: "إحنا شعب بنحب الغلبّة" بلهجته الفلسطينية من أهل رام الله.

عن تسمية البار قال راني فارس: "أٌعجب خالاي الاثنان اللذان فتحا البار منذ 18 عاماً، بقصر الحمراء في غرناطة عندما زاراه منذ سنوات، أما بالنسبة للنجمة الحمراء التي ترافق الاسم فهي لا تشير إلى العلم المغربي"، ويضحك.

عندما سألناه ما إذا كانت النجمة ترمز إلى الشيوعية، ضحك مرة أخرى، وقال: "ممكن، ولكن ليس لديّ علم".

إحدى رواد البار، شابة مصرية قالت: "أرتاد البار بشكل دائم لأنه ليس بعيداً عن سكني، ولأن العاملين هنا أصبحوا أصدقائي، كذلك من أجل نجمة غيفارا" في إشارة للنجمة في اسم البار.

بيّن راني أن البار يقدم البيرة البلجيكية "بلسنر أورغفيل" طازجة من البراميل، وهو ما يجذب الكثير من الزبائن، هذا بالإضافة لبعض المشروبات الكحولية والعصائر.

وقال: "المحلّات العربية في برلين بشكل خاص لا تقدّم الكحول، لذلك هناك الكثيرون الذين يرتادون بار الحمراء للحصول على الأكل والأركيلة، وكذلك بإمكانهم الحصول على المشروبات الكحولية".

يعمل في البار جنسيات متعدّدة، بعضهم من اللاجئين العرب، لذلك تتعدّد اللهجات خلف البار، كذلك يختار العاملون في البار تشغيل بعض الموسيقى العربية من وقت لآخر، كأغاني إلهام مدفعي، فيروز وزياد الرحباني، الذي زار البار قبل أشهر قليلة وقدّم مجموعة من الأمسيات الموسيقية فيه بعد عرض موسيقي كبير أقيم له في العاصمة الألمانية.

رواد البار يجتمعون حول العديد من الموضوعات كقضاء الوقت أو التخطيط لبرامج ثقافية جديدة، أو حتى التخطيط لتظاهرات داعمة لحقوق شعوب تعيش في المدينة أو لندوات ثقافية وسياسية متنوعة وغيرها، فنرى النقاشات تعلو وكذلك الأقلام والأوراق، فيما آخرون يختارون الانزواء في زاوية مع كتاب وكأسِ نبيذٍ لينهوا يومهم بسلام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image