صباح اليوم 27 تشرين الأول/أكتوبر، وبعد يومين من استئناف التظاهرات، كان متظاهرو العراق على موعد مع قرار جديد اتخذه جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، يتعلق بنشر قواته في شوارع العاصمة بغداد بحجة حماية المنشآت السيادية، وهو القرار الذي يأتي بأوامر من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، عقب ساعات قليلة من مقتل عشرات المتظاهرين، وغلق الحكومة العراقية لقناتين إخباريتين.
ويبدو أن حكومة المهدي تسعى لإنهاء الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط النظام بأي شكل، فوفق مصادر أمنية، فإن قوات مكافحة الإرهاب تلقت أوامر باستخدام كل الوسائل والإجراءات الضرورية لإنهاء الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
لكن لم يمنع نزول قوات مكافحة الإرهاب، المحتجون العراقيون من مواصلة احتجاجهم، يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر، إذ تجمع مئات المحتجين، في ساحة التحرير المركز الرئيسي للاحتجاجات في وسط بغداد عند جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة والبرلمان وسفارات أجنبية، رغم استخدام القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
أما في الساحات القريبة من ساحة التحرير التي باتت بالنسبة للعراقيين رمزاً للثورة، فقالت وكالة فرانس برس إن أعداداً كبيرة من النساء والطلاب انضموا للاحتجاجات.
ونشر ناشطون عراقيون، صباح 27 تشرين الأول/أكتوبر، مقطع مصور يظهر مسيرة شارك فيها طلاب وأساتذة باتجاه ساحة التحرير.
فيما نشر مستخدمون صوراً عديدة لمسيرات اليوم، كما نشروا مقاطع مصورة لمسيرة قام بها طلاب مدارس حي الخضراء غربي بغداد.
"نريد إسقاط النظام"
ونقلت فرانس برس عن أحد المتظاهرين قوله: "خرجنا لإقالة الحكومة شلع قلع (كلها من جذورها). لا نريد أحداً منهم". مضيفاً بلهجة حماسية: "لا نريد لا الحلبوسي (في إشارة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي) ولا عبد المهدي. نريد إسقاط النظام".
وبدا المشهد اليوم في ساحة التحرير "فوضوياً"، بحسب وصف فرانس برس، إذ تمركز بعض المتظاهرين على أسطح مراكز تجارية للتلويح بالأعلام العراقية، فيما قام آخرون بإحراق الإطارات في الشوارع التي تغطيها القمامة. كما نصب البعض خياماً في زاوية من الساحة، في وقت بدأ متطوعون بتوزيع الطعام والماء على المتظاهرين.
ومن جانبها تمركزت القوات الأمنية على أطراف ساحة التحرير، فيما لوحظ انتشار قوات مكافحة الإرهاب مع آليات مدرعة في المناطق المحيطة.
تأتي التطورات الجديدة بعد يوم دام من الاحتجاجات التي أحرقت فيها مقار أحزاب سياسية وفصائل مسلحة ومنازل مسؤولين محليين.
وللمتظاهرون في عموم العراق عدة مطالب، على رأسها استقالة الحكومة وسن دستور جديد، بالإضافة إلى تغيير الطبقة السياسية الحاكمة في هذا البلد الذي يحتل المرتبة الـ12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
وتعد هذه الموجة الثانية من الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد التي انطلقت شرارتها في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وانتهت يوم 6 تشرين الأول/أكتوبرن بمقتل 157 شخصاً، غالبيتهم من المتظاهرين، وفق تقرير رسمي. لكن عادت الاحتجاجات مساء يوم 24 تشرين الأول/اكتوبر، بعد تعليق دام 18 يوماً لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين، وخلفت 63 قتيلاً وأكثر من ألفي جريح خلال يومين، وفق إحصاءات المفوضية العراقية لحقوق الإنسان.
وكان المحتجون قد تجمعوا، يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر، في ساحة التحرير، وكان مع العشرات منهم فرشات وبطانيات للنوم. لكن أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريقهم، وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة، بينما أصيب آخرون.
مقتل عشرات المتظاهرين في العراق، والحكومة توقف قناتي العربية والحدث، وجهاز مكافحة الإرهاب ينشر قواته في شوارع العاصمة بغداد... ما الذي يحدث في العراق في الساعات الأخيرة؟
ولاقى أربعة آخرون حتفهم في الناصرية عندما اقتحمت مجموعة من المحتجين منزل مسؤول أمني محلي. وقالت الشرطة إن الحرس فتح النار على المتظاهرين بعد أن أحرقوا المبنى.
كما قتل سبعة متظاهرين وأصيب 38 آخرين في مدينة الحلة وسط العراق، عندما أطلق مسلحون من منظمة "بدر"، الموالية لإيران، النار على متظاهرين، وفق ما أعلنت مصادر أمنية وطبية.
ونشر مستخدمون مقاطع مصورة قالوا إنها تظهر إطلاق عناصر منظمة بدر النار على المحتجين والقوات الأمنية معا.
وكانت قيادة العمليات المشتركة في العراق، أعلنت يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، أن قواتها ستتعامل مع من وصفتهم بـ"المخربيين والمجرمين" بحزم، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب في البلاد.
وقف قناتي العربية والحدث
ومساء يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، قررت الحكومة العراقية وقف عمل قناتي العربية والحدث في البلاد، مبررة ذلك بعدم وجود ترخيص للقناتين.
وقالت العربية عبر موقعها الإلكتروني إن الشرطة العراقية طلبت من مراسلي القناتين (العربية والحدث) وقف أي نشاط صحفي لعدوم وجود ترخيص.
وكانت القناتان السعوديتان تغطيان الحراك الشعبي الذي يشهده العراق في الفترة الأخيرة.
يأتي القرار العراقي، بعد فترة من قيام مسلحون ملثمون بمهاجمة مكتب قناة العربية في السادس من الشهر الجاري في العاصمة العراقية بغداد، وقال مراسل القناة حينذاك إنهم تلقوا تهديدات قبلها.
كتلة سائرون النيابية تعلن انضمامها للمعارضة
ومساء يوم 26 تشرين الأول/اكتوبر، أعلن نواب كتلة "سائرون"، وهي الأكبر في مجلس النواب العراقي، عن اعتصام مفتوح، داخل المجلس، بحسب ما قال نائبان من الكتلة التي يدعمها رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر.
ووفق ما أكده النائب بدر الزيادي فإن الكتلة توجهت إلى مجلس النواب للاعتصام هناك، "إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يطالب بها الشعب العراقي"، مضيفاً أنه "في هذا الاعتصام، من المحتمل أن يكون هناك اتخاذ لقرارات جديدة لا نستطيع التكلم بها الآن، لكن الأيام القادمة ستظهرها إذا ما استمرت حكومة عادل عبد المهدي في هذه الطريقة بقمع التظاهرات وعدم تلبية المطالب".
أما النائب عن الكتلة نفسها، رائد فهمي، فقال إن "سائرون انضمت إلى المعارضة وتطالب باستقالة رئيس الوزراء".
وكان الصدر دعا مع انطلاق الاحتجاجات مطلع الشهر الحالي، إلى استقالة الحكومة، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة تشرف عليها الأمم المتحدة.
وتشكل التطورات الجديدة أكبر تحد لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي منذ توليه السلطة قبل عام. ورغم تعهده بإصلاحات وقراره إجراء تغيير وزاري موسع، لا يزال عبد المهدي غير قادر على تهدئة سخط المحتجين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...