مساء يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، كان المشهد بائساً في محافظات مصرية عديدة بشكل عام، وعند نفق العروبة في منطقة مصر الجديدة في العاصمة المصرية بشكل خاص، إذ وقف ضابط وسط بركة من المياه التي سببتها الأمطار التي أغرقت القاهرة أمس، تظهر عليه الحيرة ولا يعرف كيف يتصرف، فيطلب من رجل آخر بلهجة آمرة أن يحل مشكلة المياه التي أغرقت النفق وعطلت مرور السيارات.
يظهر هذا الرجل مرتدياً ملابس داخلية، ويعوم في الشارع محاولاً حل الأزمة التي حذرت منها هيئة الأرصاد الجوية المصرية قبل أيام، لكن يبدو أن الحكومة لم تستمع لهذا التحذير.
يختصر المشهد السابق مصر في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يتفاخر دائماً ببناء مشاريع عملاقة، لكن حكومته فشلت، بحسب الكثير من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، في أول اختبار حقيقي للاستعداد لموسم الأمطار، وهذا ما جعل الحياة تتعطل في القاهرة ومحافظات أخرى.
"أنا عارف أنا بقول إيه"
في أيار/مايو عام 2014، أعلن السيسي أنه سيقوم خلال عام واحد بإنشاء شبكة طرق قوية، وقال: "هعملك شبكة طرق في خلال سنة تمسك مصر كده، أنا بقول، أنا بقول، سنة واحدة، أنا عارف أنا بقول إيه".
لكن يبدو أن شبكة طرق السيسي غير مستعدة لاستقبال الأمطار، إذ أدى سقوط الأخيرة في محافظات عدة منها القاهرة والجيزة والإسكندرية إلى تراكم المياه في الطرق والأنفاق، وأسفل بعض الجسور، وهذا ما جعل العديد من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدثون عن عدم وجود بنية تحتية جاهزة لاستيعاب الأمطار الغزيرة حين تسقط على بلادهم.
لم تؤد الأمطار إلى تعطيل الحياة في مصر فحسب، بل أدت كذلك إلى وفاة طفلة إثر إصابتها بصعق كهربائي حين كانت تسير في أحد شوارع مدينة العاشر من رمضان، في محافظة الشرقية، وهذ ما جعل مستخدماً يوجه تحذيراً للمصريين قائلاً لهم: "محدش يلمس عواميد النور في المطرة علشان كلها مكهربة، إحنا عايشين في بلد الموت بيطاردنا مع كل خطوة بنخطيها".
وقالت مصادر في محافظة السويس، شرق القاهرة، إن الأمطار الغزيرة تسببت يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر في إغلاق طريق القاهرة السويس أمام حركة المرور، لافتةً إلى عمليات إنقاذ سيارات عالقة في الطريق.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية خالد قاسم قوله إن الأمطار التي شهدتها محافظة القاهرة الكبرى "كانت كثيفة جداً لدرجة عدم استيعاب البالوعات كل هذه الكمية من المياه، وهذا ما أدى إلى غرق الشوارع".
أمطار غزيزة تعطل الحياة في محافظات مصرية عديدة، تفضح عدم وجود بنية تحتية قوية جاهزة لاستيعاب الأمطار في بلد لا يتوقف رئيسها عن التفاخر بـ"مشروعات عملاقة في عهده"
"هذه ليست مدينة البندقية ولكنها مدينة تحكمها البندقية"... كان هذا تعليق أحد المصريين تحت وسم "مصر بتغرق" الذي انتشر على ضوء فيضانات شهدتها محافظات عديدة، ووصلت إلى مرافق مهمة كالمطار
ويقول المتحدث الرسمي باسم هيئة الأرصاد الجوية المصرية إبراهيم عطا لرصيف22 إن جميع المحافظات شهدت سقوط أمطار يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، لكن ليس في الدرجة نفسها، إذ كانت الأمطار غزيرة في بعض المناطق وخفيفة في مناطق أخرى.
ويضيف عطا موضحاً أن الأمطار ستستمر في التساقط حتى يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر، محذراً من أن هناك احتمالاً كبيراً لسقوط أمطار في الساعات المقبلة أشد بكثير مما واجهته مصر أمس، وكاشفاً عن أن الهيئة أبلغت جميع المحافظات بتوقعاتها بشأن موجة الطقس غير المستقرة منذ عدة أيام وطلبت منها الاستعداد لها.
في المقابل، رفض عطا أن يعلق على سبب فشل الحكومة المصرية في مواجهة الأمطار برغم أن الهيئة أرسلت تحذيرات مبكرة لجميع المحافظات.
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد أعلن تعطيل الدراسة اليوم، 23 تشرين الأول/أكتوبر، في كل من محافظات القاهرة والجيزة (غرب القاهرة) والقليوبية (شمال العاصمة)، في جميع المدارس والجامعات، بناء على تقارير قال إنه تلقاها من هيئة الأرصاد الجوية، بشأن احتمال سقوط أمطار غزيرة جديدة.
الأمطار تصل إلى مطار القاهرة الدولي
بحسب مقاطع نشرها مستخدمون مصريون، فقد وصلت الأمطار إلى مرافق مهمة، منها مطار القاهرة الدولي الذي أغرقت المياه إحدى صالاته، وهو أمر لم تنفه السلطات تماماً، إذ خرج بيان رسمي من شركة ميناء القاهرة الجوي، مساء 22 تشرين الأول/أكتوبر، أكد أن "الفيديو الذي تداوله قبل قليل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول وجود تراكم لمياة الأمطار داخل إحدى صالات السفر في مطار القاهرة هو خاص بصالة الرقم 2 في مبنى الركاب الرقم 1 الواقعة في الطابق السفلي بالمطار القديم".
في المقابل، أوضح البيان أن "هذا المكان بعيد تماماً عن صالات السفر والوصول في مبنى الركاب رقم 1 و2 و3 التي تشهد تردد المسافرين من مطار القاهرة وإليه، والتي لم تتأثر مطلقاً بسوء الأحوال الجوية"، مضيفاً أن تجمعات المياة في الصالة حدثت "نتيجة تراكم مياه الأمطار بشكل كبير تجاوز الحاجز الخرساني المقابل للصالة الواقعة في الطابق السفلي تحت الأرض".
وكانت وزارة الطيران المدني قالت في بيان إنه نظراً لسوء الأحوال الجوية وشدة الأمطار، تقرر إعفاء العملاء المسافرين على رحلاتها (مصر للطيران) مساء 22 نشرين الأول/أكتوبر، من أية غرامات أو فروق تغيير مواعيد الحجز، وأرجعت الوزارة ذلك إلى عدم تمكن هؤلاء المسافرين من اللحاق برحلاتهم لتعطل الطرق المؤدية للمطار.
الأمطار وصلت إلى مشاريع الجديدة
مياه الأمطار أثرت كذلك على مشاريع مهمة يفخر النظام الحالي بأنها افتُتحت في عهده.
وعلى سبيل المثال، أغلقت الإدارة العامة للمرور في الساعات الأولى من صباح يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر، الطريق الإقليمي، وهو أحد المشاريع الحديثة، في الاتجاهين، بسبب هطول الأمطار، إذ تسبب تجمع المياه في حدوث هبوط أرضي بالطريق طوله حوالى 150 متراً، وعرضه حوالى 30 متراً، وعمقه 30 متراً.
"مصر بتغرق"
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، عبّر مصريون كثر عن صدمتهم مما حدث للشوارع جراء الأمطار، وصعد وسم "مصر بتغرق" إلى قمة اهتمامات المصريين على موقع تويتر، وكتب مستخدم: "هذه ليست مدينة البندقية ولكنها مدينة تحكمها البندقية"، في إشارة إلى أن الحكم العسكري هو السبب في فشل مصر أخيراً.
وقال مستخدم آخر : " الشتاء جميل جداً لما تكون قاعد في أوروبا، لكن مش جميل في بلد 90% من مبانيها مدفون تحت الأرض وآيل للسقوط، بلد شوارعها بتتحول بركة طين أو بحر من شوية مطر، وشعب فقير بيعمل جمعية علشان يشترى اللبس الشتوي، كنت بحب الشتاء وأنا صغير ولما كبرت فهمت".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين