شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
اعتقالات جديدة في مصر... الأمن يستهلك سياسة

اعتقالات جديدة في مصر... الأمن يستهلك سياسة "أخونة المعارضين"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 22 أكتوبر 201905:38 م

بملامح شاحبة، ونظرات تشي بالخوف والقلق، ظهر، اليوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، 22 شاباً مصرياً يقول الأمن المصري إنهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين، عبر مقطع فيديو عرضته أغلب الشاشات المعروفة بقربها من النظام، وهم يتحدثون عن كيفية استغلالهم قضية مقتل الشاب المصري محمود البنا، المعروف باسم "شهيد الشهامة"، "لإثارة الرأي العام".

ومحمود البنا طالب مصري، قُتل وهو يدافع عن فتاة مصرية تعرضت لتحرش من قبل مواطنين في محافظة المنوفية، وأثارت قضيته جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ طالب آلاف المستخدمين "بإعدام قتَلَته".

يرى مراقبون أن توجيه النظام تهمة الانضمام للإخوان إلى كل معارض له الهدف منها نشر ثقافة الخوف في وسط المعارضة.

وفي المقطع الذي وصل للقنوات المصرية عن طريق وزارة الداخلية، قال أحد الشبان إنه شارك في كل التظاهرات من 25 يناير حتى الآن، مضيفاً أنه بدأ في استغلال حادث مقتل محمود البنا، وحاول حشد المواطنين عن طريق شبكة الإنترنت للتظاهر أمام محكمة شبين الكوم بمحافظة المنوفية.

وكانت محكمة شبين الكوم، عقدت يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر، أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل البنا، وقررت تأجيل القضية لجلسة 27 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وكان قد تجمع يومذاك العشرات أمام المحكمة.

وقال الأمن المصري في بيان، يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، إن قطاع الأمن الوطني تمكن "من رصد محاولة الجماعة الإرهابية استغلال حادث الاعتداء على محمود البنا، في تأليب الرأي العام وإثارة الفوضى والبلبلة في أوساط المواطنين، إذ أمكن تحديد العناصر القائمة على هذا التحرك وعددهم 22".

وتابع البيان أنه تم "ضبطهم عقب تقنين الإجراءات حيالهم، وعثر بحوزتهم على (ملصقات إثارية - إسبراي - أسلحة بيضاء – 2 طبنجة صوت - رشاش صوت ) بهدف استغلالها لإثارة حالة من الفوضى والشغب وقطع الطريق وتعطيل حركة المرور أمام مقر محاكمة المتهم بمدينة شبين الكوم خلال الجلسة".

وكثيراً ما تتهم منظمات حقوقية دولية الأمن المصري بتعذيب متهمين من أجل إجبارهم على اعترافات يثبت بعد ذلك أنها غير حقيقية، لكن تنفي الداخلية المصرية هذه الاتهامات.

أنت معارض إذاً أنت إخواني

ويتهم نشطاء كثر النظام المصري بأنه يوجه لكل معارضيه تهمة "الانضمام لجماعة الإخوان"، حتى لو كان هؤلاء المعارضون معروفين بمواقفهم السابقة المعارضة للجماعة التي حكمت مصر بعد ثورة يناير قبل أن يطيحها الجيش في العام 2013، في خطوة وصفتها جماعة الإخوان بأنها انقلاب عسكري، فيما قال مؤيدو الدولة أنها استجابة للتظاهرات الحاشدة التي خرجت ضد الرئيس الأسبق الراحل المنتمي للإخوان محمد مرسي.

وشملت حملة الاتهام بالأخونة نماذج كثيرة من أنصار النظام المصري نفسه، على سبيل المثال كشف الصحافي المصري ورئيس تحرير صحيفة "المشهد" الأسبوعية مجدي شندي، في 10 أيلول/سبتمبر الماضي، عن أن قوات الأمن اقتحمت منزله فجر اليوم نفسه واعتقلت أحد أبنائه "حتى يسلم هو نفسه للأمن"، على الرغم من تاريخه الطويل في الانحياز للنظام الحالي والدفاع عنه، فيما بدأت وسائل إعلام مقربة من النظام في اتهام شندي بالانضمام للإخوان بسبب ظهوره على فضائية الجزيرة القطرية، برغم أنه يظهر دائماً للدفاع عن السلطات.

الأمن المصري يعتقل 22 مواطنًا ويتهمهم بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، واستغلوا قضية مقتل الشاب محمود البنا لإثارة الرأي العام... كيف أصبحت تهمة "الانتماء للإخوان" تواجه كل معارض مصري؟

يتهم نشطاء كثر النظام المصري الحالي بأنه يوجه لكل معارضيه تهمة "الانضمام لجماعة الإخوان"، حتى لو كانوا معروفين بمواقفهم السابقة المعارضة للجماعة التي حكمت مصر بعد ثورة يناير

وقبل أن ينقلب النظام على شندي، انقلب على حازم عبد العظيم الذي عمل منسقاً للجنة الشباب في الحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي في العام 2014، قبل أن ينقلب عليه ويتحول إلى معارض شديد له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قبض عليه في أيار/مايو 2018 بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية، في إشارة لجماعة الإخوان، برغم أن عبد العظيم من أكثر الأسماء التي عارضت الإخوان في الماضي.

اعتقل النظام كذلك نشطاء معروفين بموقفهم المعارض بشدة لجماعة الإخوان، واتهمهم بالانضمام إليها، منهم شادي أبو زيد، الذي اعتُقل في 6 أيار/مايو من العام الماضي، وهو مدون ساخر، ومراسل سابق لبرنامج أبلة فاهيتا الذي يحظى بشعبية كبيرة، ومعروف عن أبو زيد أنه من أشد المعارضين لجماعة الإخوان، لكن هذا لم يمنع السلطات من محاكمته بتهمة "الانتماء إلى جماعة محظورة"، وهو ما حدث أيضاً مع الناشط والمعارض شادي الغزالي.

مسيحيون ولكن إخوان

تهمة الانتماء للإخوان واجهها أيضاً مصريون مسيحيون، وهذا ما أكده في العام 2016، رئيس لجنة العفو الرئاسي حينذاك أسامة الغزالي حرب، حين قال إنه اكتشف أن هناك معتقلين مسيحيين في السجون المصرية بتهمة "الانتماء للإخوان".

ووفق حرب، فإن لجنته وضعت يدها على بعض المعلومات الخاصة عن وجود مسيحيين معتقلين بتهمة الانتماء للإخوان داخل السجون المصرية، مطالباً حينذاك قيادات وزارة الداخلية بالتوضيح وكشف الحقيقة، لكن حتى اليوم لم ترد وزارة الداخلية على طلبه.

وخلال اجتماع مع لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، قال حرب إنه "يوجد محبوسون كثيرون بالسجون بتهمة الأخونة مع أنه ليس لهم أي علاقة بالإخوان".

الإخوان وراء أزمات مصر الاقتصادية

ويبدو أن النظام المصري وأجنحته الإعلامية وجدوا في الإخوان شماعة يمكن تعليق كل الفشل عليها، عبر اتهام الجماعة بالتسبب في أغلب الأزمات التي تعانيها مصر، خصوصاً الاقتصادية منها، على سبيل المثال أشاع النظام في شهر حزيران/يونيو الماضي، أن وراء أزمة ارتفاع أسعار الليمون، الذي وصل لسعر غير مسبوق وقتذاك، جماعة الإخوان، إذ قال الأمين العام لنقابة فلاحي مصر إن "استمرار أزمة ارتفاع أسعار الليمون كل هذا الوقت "مفتعل"، من قبل بعض التجار الكبار المنتمين لجماعة الإخوان، لتصدير أزمات سياسية واقتصادية للمجتمع المصري".

قبل ذلك، في العام 2016، اتهم إعلامي مقرب من النظام جماعة الإخوان بأنها تقف وراء أزمة ارتفاع سعر الدولار في البلاد. وفي العام نفسه تقدم محامٍ مقرب من النظام ببلاغ للنائب العام ضد جماعة الإخوان، لقيامها بتهريب الدولارات خارج البلاد، "وهذا ما أدى إلى ارتفاع تاريخي لسعر الدولار".

مصر "سجن مفتوح للمنتقدين"

ويرى مراقبون أن توجيه النظام تهمة الانضمام للإخوان إلى كل معارض له الهدف منها نشر ثقافة الخوف في وسط المعارضة.

وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت حملة القمع على حرية التعبير في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنها وصلت إلى "أسوأ مستوى لها في تاريخ البلاد الحديث بشدتها غير المسبوقة".

وبحسب المنظمة الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها، فإنه "من الخطر في الوقت الحالي انتقاد الحكومة في مصر أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد الحديث"، إذ "يُعامل المصريون الذين يعيشون تحت حكم الرئيس السيسي مجرمين لمجرد التعبير عن آرائهم بصورة سلمية"، فيما تواصل "الأجهزة الأمنية بشدة إغلاق أي فضاء سياسي أو اجتماعي أو حتى ثقافي، مستقل". ووصفت العفو الدولية هذه الإجراءات بأنها حولت مصر إلى سجن مفتوح للمنتقدين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image