من دون توقف، استمر آلاف اللبنانيين في التظاهر لليوم الثاني على التوالي، في 18 تشرين الأول/أكتوبر، بينما غطى السواد وسط العاصمة بيروت بعد ليلة صاخبة من الاحتجاجات ضد حزمة الضرائب التي أقرتها حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري في موازنة العام 2020.
اتحد اللبنانيون، في مشهد نادر، بعيداً من نزاعاتهم السياسية والطائفية على مدى بضع ساعات، للخروج، في 17 تشرين الأول/أكتوبر، في واحد من أكبر الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وانطلقوا من ساحتي رياض الصلح والشهداء منددين بالأوضاع المعيشية والاقتصادية وتكالب الضرائب الحكومية عليهم.
اعتداء على المتظاهرين
وأسفرت أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات عن وفاة شخصين. وكانت قوات الأمن قد استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين في بيروت في الساعات الأولى من صباح 18 تشرين الأول/أكتوبر، وهذا ما أدى إلى وقوع جرحى وإغماءات بينهم، وفق ما أكدته قناة "الجديد" اللبنانية.
وشهدت أيضاً ساحة رياض الصلح مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية وقوات مكافحة الشغب، أمام السرايا الحكومية، فأدّى ذلك إلى سقوط جرحى في صفوفهم، وفي صفوف القوى الأمنية.
وقطع محتجون بعض طرق العاصمة بيروت بالإطارات المشتعلة. وأغلق المحتجون العديد من الطرق في مختلف المناطق والمحافظات، ويسعى الجيش اللبناني إلى إعادة فتحها.
وأغلقت المدارس والجامعات بقرار من وزير التربية أكرم شهيب.
وأكد النائب حسين الحاج حسن، عبر تويتر، أن وزراء حزب الله رفضوا الضريبة على مكالمات واتساب والضرائب الأخرى، لكن العديد من النشطاء اللبنانيين استهجنوا إعلان الحزب "المتأخر" بعد خروج المحتجين وبعدما طال متظاهرون غاضبون بعض مقار حزب الله في أكثر من منطقة.
وكان متظاهرون قد وثقوا، في صور ومقاطع فيديو متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قيام الحرس المرافق للوزير أكرم شهيب بإطلاق الرصاص الحي في الهواء لدى مرور موكبه وسط المحتجين مساء 17 تشرين الأول/أكتوبر.
وطالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب البرلماني السابق وليد جنبلاط شهيب "تسليم الذين أطلقوا النار في الهواء"، مضيفاً في تغريدة عبر تويتر "نحن تحت القانون لكن نطلب تحقيقاً شفافاً ونرفض الاعتداء على أي كان".
تحذير أمني
في المقابل، زعمت قوى الأمن الداخلي اللبناني، عبر حسابها في تويتر، أنّ عدد الجرحى في صفوف عناصرها 60، محذرةً من أنه "مع حرصنا وايماننا بحرية التعبير، لن نقبل بالاعتداء على عناصر قوى الأمن وعلى الأملاك العامة والخاصة".
وأشارت إلى أن "كل مخل بالأمن وكل شخص تبين أنه اعتدى على الأملاك العامة والخاصة وعلى عناصر قوى الأمن سيتم توقيفه وفقاً للقانون".
إلغاء الجلسة الحكومية
وأكدت وزيرة الداخلية ريا أبو الحسن إلغاء رئيس الوزراء سعد الحريري جلسة الحكومة المقررة في 18 تشرين الأول/أكتوبر، مشيرةً إلى أن الأنظار تترقب كلمته للشعب.
وكانت قد راجت أنباء عن إلغاء الجلسة والاستعاضة عنها بـ"رسالة" تهدئة للبنانيين. ورجحت تقارير إعلامية أن سبب إلغاء الجلسة هو احتمال عدم إمكان الوزراء الوصول إلى قصر بعبدا.
وجاء ذلك بعدما أكدت أنباء نقل مكان انعقاد الجلسة الحكومية من السرايا في تمام الثانية بعد الظهر إلى القصر الجمهوري.
ليست ثورة واتساب
تتعدى الاحتجاجات ما أسماه البعض "ثورة واتساب"، بعدما قرن البعض خروج المحتجين بإعلان الحكومة اللبنانية فرض رسوم يومية على المكالمات عبر واتساب والإنترنت.
الشاهد هنا هو أنه رغم سحب الحكومة الرسوم الجديدة التي كانت مقترحة على مكالمات الواتساب، استمر المحتجون الغاضبون في تظاهراتهم المطالبة بإسقاط الحكومة.
وانخفضت سندات لبنان الدولارية، إثر الاحتجاجات، بمقدار 1.9 سنت، بحسب وكالة رويترز.
بعد سقوط قتيلين وجرحى عدة، اللبنانيون مستمرون في انتفاضتهم ضد الإجراءات الاقتصادية… ويطالبون بإسقاط الحكومة
إلغاء جلسة الحكومة اللبنانية بعدما كان مقرراً عقدها في القصر الرئاسي… في الأثناء يترقب اللبنانيون كلمةً متلفزة من الحريري
"سقوط الحكومة ليس حلاً"
وفي ساعة متقدمة من مساء 17 تشرين الأول/أكتوبر، قالت وزيرة الداخلية اللبنانية لصحيفة "النهار" المحلية، إن "الإجراءات الاقتصادية التي تدرسها الحكومة لم يبلعها الشعب اللبناني"، واستفاضت شارحةً "منذ البداية، ورئيس الحكومة يقول إن ثمة إجراءات صعبة ستُتخذ، لكنني أتفهم صرخة الشعب الذي يقول إنه لا يستطيع التحمّل. نعلم أننا متّجهون الى أيام صعبة، والحكومة لا تملك خيارات كثيرة، والمهم أن نجد صيغة تعالج الأزمة الاقتصادية ونخفّف من وطأتها على الشعب".
وشددت الوزيرة على أنه "لا اتجاه لدى الرئيس سعد الحريري لتقديم استقالته، فأي أهداف تحقّقها الاستقالة؟ إذا ظن الناس أنه باستقالة الحكومة سيتحسن الوضع، فهم مخطئون. ذلك أن لا خيارات كثيرة أمام الوضع الاقتصادي الراهن (في لبنان) سوى الخيارات التي نتخذها".
واستطردت: "إذا سقطت الحكومة فسيسوء الوضع ولن يتحسن. وأي حكومة جديدة ستضطر لاتخاذ الإجراءات نفسها التي تتخذها هذه الحكومة".
ويتفق فريق من اللبنانيين مع أبو الحسن على أن رحيل الحكومة ليس الحل إذ لا بديل منها في الوضع الراهن، وينبغي لها أن تصلح ما أفسدته.
غير أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وجه، في بيان، "دعوة صادقة" إلى الحريري للاستقالة. وكان جنبلاط قد وجه الدعوة نفسها للحكومة.
وأعربت أبو الحسن عن "تفهمها غضب الناس"، مردفةً "علينا أن نرى إذا كان الأطراف السياسيون موافقين على هذه الكأس المرّة التي سنشربها كلنا".
وأضافت: "لا بد من الجلوس معاً والبحث في سلة إجراءات نتخذها، ولكن بطريقة نقدر من خلالها تخفيف وطأتها على الناس. علينا أن نعمل يداً واحدة. أمّا التنصل من المسؤولية، فلا يساهم في تمرير المرحلة المقبلة".
وفي ما يتعلق بتعامل قوى الأمن مع المتظاهرين، أوضحت الوزيرة: "قوى الأمن الداخلي تستوعب الناس. أما إذا حصلت أعمال شغب كبيرة فعندها لكل حادث حديث. لكن حتى الساعة فإن التعليمات موجّهة لمنع أي احتكاك مع المتظاهرين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم