مساء يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر اشتعلت النيران في كنيسة الشهيد مار جرجس بشرق مدينة حلوان بالعاصمة المصرية، وهي واحدة من أجمل وأقدم كنائس القاهرة، تتميز ببناء خشبي وتصميم فريد من نوعه. كانت الكنيسة مملوكة للطائفة الأرمنية، وكان اسمها في القرن التاسع عشر كنيسة سان جورج، حتى اشتراها الأنبا بولس أسقف حلوان في السبعينيات من القرن الماضي بهدف ضمها إلى كنائس مصر التاريخية ذات التراث المعماري المميز.
هناك أمر إيجابي أثبته الحريق وهو ظهور مجموعة كبيرة من أهالي المنطقة من المسلمين وهي تحاول مساعدة قوات الأمن في إخماد النيران وإنقاذ الكنيسة
يقول القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكاتدرائية لرصيف22 إن الحريق التهم الكنيسة كلها تقريباً، لكنه يضيف أن لا إصابات بشرية جراء الحادث والسبب عدم وجود أحد داخل الكنيسة وقت نشوب الحريق، لأن الوقت كان متأخراً.
يكمل القس حليم أن الكاتدرائية تواصلت بمجرد علمها بالحريق مع قوات الأمن المصرية، التي أرسلت العديد من عربات الإطفاء، لكنها لم تستطع إطفاء النيران بسرعة، بسبب شدتها، مؤكداً أن عملية الإطفاء استمرت ساعات حتى صباح يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر.
"فقدنا الكنيسة التاريخية، لكن نشكر الرب أننا لم نخسر أرواحاً في الحادث الذي لم نعرف سببه حتى الآن"، يقول القس بولس ويكمل أن هناك أمراً إيجابياً أثبته الحريق هو ظهور مجموعة كبيرة من أهالي المنطقة من المسلمين وهي تحاول مساعدة قوات الأمن في إخماد الحريق وإنقاذ الكنيسة.
وكان مصدر أمني في مديرية أمن القاهرة قال لوسائل إعلام مصرية إن حريقاً وصفه بالهائل اندلع داخل كنيسة مار جرجس بدائرة قسم حلوان، ولدى علم السلطات بهذا الحريق دفعت بـ 10 سيارات إطفاء و4 سيارات إسعاف إلى الكنيسة للسيطرة عليه، مضيفاً أن عنصراً من قوات الأمن أصيب وهو يقوم بعمله ونقلته سيارة إسعاف إلى مستشفى قريب.
وأضاف المصدر أن الحريق نشب في غرفة داخل الكنيسة، وتمكن الأهالي ورواد الكنيسة من إخلائها، مضيفاً أن الحادث لم يسفر عن أي خسائر في الأرواح، وأن أجهزة الأمن والحماية المدنية فرضت طوقاً أمنياً حول الكنيسة بهدف السيطرة على النيران، خاتماً بأنه "سوف يتم الكشف عن أسباب الحريق والتأكد من وجود شبهة جنائية من عدمه".
يقول القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكاتدرائية في مصر لرصيف22 إن الحريق التهم كامل كنيسة مار جرجس تقريباً، لكن لا إصابات جراء الحادث. تعرفوا على قصة كنيسة الشهيد مار جرجس التي التهمتها النيران
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي عبر مستخدمون مصريون عن حزنهم على الكنيسة المحترقة، وكتبت مستخدمة: "دي كنيستي كنيسة مار جرجس بحلوان اتحرقت بالكامل.. تحولت لرماد".
وقال مستخدم آخر: "الحقيقة الواحد بيحزن على التاريخ اللي بيتحرق.. لكن إحنا بدورنا بنناشد المسئولين بتفعيل أقسام للسلامة داخل الكنائس والأماكن التاريخي، تكون مهمتها توفير أداوات الإطفاء وتدريب الناس على استخدامها".
تاريخ تعدى 400 عام
وبحسب القس بشارة راعي الكنيسة، فإن كنيسة الشهيد مار جرجس تتبع أبرشية حلوان والمعصرة، وشفيعها هو القديس الشهيد مار جرجس الروماني الكبادوكي.
ويضيف القس بشارة لرصيف22 أن هناك أهمية تاريخية كبيرة للكنيسة، ويؤكد أن عمرها يتعدى الـ400 عام، مضيفاً أنها كانت تحوي العديد من الصور التاريخية النادرة، والأيقونات القبطية التي تضم رموز الكنيسة القبطية والأرمنية في مصر من القرن التاسع عشر.
ويضيف القس بشارة أن إدارة الكنيسة نجحت في إنقاذ جميع رفات القديسين من دون أن يمسها أي تلف جراء الحريق.
وإلى جانب قاعات الصلاة الواسعة، تحوي الكنيسة مسرحاً، ونادياً صيفياً. وكانت ألوانها الأساسية تتكون من البني والأصفر، وجميع حوائطها مزدانة بأيقونات مهمة وصور عديدة لمار جرجس. كما كان سقف الكنيسة يحوي مجموعة كبيرة من النجف الضخم الأبيض اللون والمصنوع من الكريستال الأصلي.
ووفق القس بشارة، فإن مصر تحوي نحو 370 كنيسة تحمل اسم الشهيد مار جرجس من ضمنها كنيسة في عزبة النجارين، بمحافظة المنيا بصعيد مصر، وأخرى بمنطقة برما، في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وثالثة بمركز قويسنا، بمحافظة المنوفية، ورابعة بمدينة طهطا، بمحافظة سوهاج، إضافة إلى عشرات الكنائس الأخرى التي تحمل الإسم نفسه.
ومار جرجس (280-303) هو قديس حسب معظم الكنائس الشرقية والغربية، وهو واحد من المساعدين المقدسين الـ14 حسب التقاليد الكاثوليكية. ويتم الاحتفال بذكراه يوم 23 نيسان/أبريل من كل عام، ومعنى اسمه هو الزارع أو الفلاّح.
لم تلتهم النيران أخشاب هذه الكنيسة التاريخية فحسب، بل التهمت كذلك تاريخاً عريقاً وثروة معمارية فريدة كان يمكن أن تساهم في دعم السياحة الدينية في مصر. وبرغم عدم سقوط ضحايا في الحادث فإن الحزن بسبب فقدان الكنيسة لا يظهر على ملامح مسيحيي مصر فحسب، بل على جميع المواطنين وعشاق الحضارة والتاريخ.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 21 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت