لم تتخيل الطفلة المصرية نبيلة محمد أحمد عبيد التي ولدت في حي شبرا بالقاهرة في العام 1945، أن حبها للأفلام السينمائية، وذهابها المستمر رفقة أسرتها إلى سينما "شبرا بلاس" القريبة من بيتها كل يوم الجمعة، هما مقدمة لأن تدخل المجال الفني وتصبح "نجمة مصر الأولى" وهو اللقب الذي كان يسبق اسمها على أفيشات أفلامها قبل أن تتغير المعادلة الفنية في مصر، ويحل نجوم شباب محل النجوم الكبار على الأفيشات.
يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تنطلق فعاليات الدورة الـ 35 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، وبحسب ما أعلنته إدارة المهرجان الذي يترأسه الناقد الأمير أباظة، ستكون نبيلة عبيد نجمة هذه الدورة. هذا التكريم أسعد الفنانة المصرية، التي قدمت العشرات من الأفلام المهمة منذ دخلت المجال السينمائي في أوائل الستينيات من القرن الماضي.
حتى وفاته في العام 2002 كان المخرج عاطف سالم يتحدث عن نبيلة عبيد بحب شديد، معبراً عن حزنه من أن الممثلة التي اكتشفها وتزوجها لم تفكر في زيارته في السنوات التي مرض فيها.
تقول عبيد لرصيف22 إن إطلاق اسمها على الدورة الجديدة لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط جعلها تشعر بسعادة كبيرة، لأن لها ذكريات جميلة مع هذا المهرجان تحديداً، فمنه حصلت على أول جائزة في حياتها الفنية قبل سنوات طويلة، عندما تم اختيارها أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "ولا يزال التحقيق مستمراً" الذي أخرجه أشرف فهمي في العام 1979، مضيفةً أن هذه الجائزة كانت بمثابة تشجيع كبير لها، وجعلتها تقرر أن تختار أفلامها التالية بعناية شديدة.
"بعد هذه السنوات الطويلة تذكرني المهرجان وقرر أن يطلق اسمي على دورته الجديدة، هذا شرف كبير لي، وإنجاز يضاف إلى رصيدي الفني. أشعر أن هذا التكريم جاء في وقته، من الجميل أن يتذكر القائمون على المهرجانات صناع السينما في حياتهم، ولا ينتظرون رحيلهم حتى يفكروا في تكريمهم"، تقول عبيد.
من كومبارس إلى نجمة مصر الأولى
دخلت نبيلة عبيد مجال الفن بطريق المصادفة. كانت تعشق السينما، وتطلب من أسرتها مشاهدة الأفلام في دار سينما شبرا بلاس القريبة من بيتها، وأثناء دراستها في مدرسة البنات بالعباسية، اتفق أن قابلت المخرج المصري عاطف سالم (1921 – 2002)، الذي أعجب بها من حيث الشكل وعرض عليها دوراً صغيراً جداً في فيلم "مفيش تفاهم" في العام 1961.
عشقت عبيد الأضواء، وأدركت حينذاك أن هذا قدرها، لكنها بالنسبة لعاطف سالم لم تكن مجرد ممثلة موهوبة، إذ وقع في حبها وتزوجها في العام 1963 برغم فرق السن الكبير بينهما، وهو 25 عاماً، وساعدها على النجاح في عالم السينما. وكانت البداية في العام 1963، حين شاركت بدور البطولة في فيلم "رابعة العدوية" للمخرج نيازي مصطفى، مع فريد شوقي وحسين رياض، وقُدمت للجمهور في هذا الفيلم باسم نبيلة.
بعد ذلك شاركت بدور سامية في فيلم "زوجة من باريس" في العام 1964 كما أدت دور مشيرة في فيلم "خطيب ماما" في العام 1965 وقمر في فيلم "المماليك" في العام 1965، وشاركت كذلك في مسرحية "الطرطور" وفي فيلم "كنوز" وفيلم "الأصدقاء الثلاثة" وفيلم "3 لصوص" ومسلسل "العبقري"، وكلها كانت في العام 1966.
كان العام 1967 عاماً فاصلاً في حياة نبيلة عبيد، ففيه انفصلت عن عاطف سالم، وهذا ما جعلها تتوقف عن التمثيل لمدة عام كامل، لتعود إليه في خمسة أفلامٍ مرة واحدة بعد أن غيرت اسمها الفني إلى "نبيلة عبيد"، فأدت شخصية نوسة في فيلم "السيرك" وشخصية دنيا في فيلم "أبطال ونساء"، كما ظهرت في فيلم "سارق الملايين" وفي مسلسل "مفتش المباحث" وفيلم "النصابين الثلاثة".
وحتى وفاته في العام 2002 كان سالم يتحدث عن نبيلة عبيد بحب شديد، وقد صرح لوسائل إعلام قبل وفاته أنه حزين لأن الممثلة التي اكتشفها وتزوجها لم تفكر في زيارته في السنوات التي مرض فيها.
الممثلة نبيلة عبيد في تصريح لرصيف22 تقول إنها لم تسع يوماً للقب نجمة مصر الأولى، لكن المنتج إبراهيم شوقي صمم على كتابة اللقب على أفيش فيلم "التحدي" الذي أخرجته إيناس الدغيدي في العام 1989
شاركت عبيد في العام 1969 ضيفة شرف في فيلم "زوجة غيورة جداً" للمخرج حلمي رفلة، وفي العام نفسه ظهرت في مسلسل "أبداً لن أموت"، وفي العام 1970 كانت لها مشاركة في أفلام عدة، منها "رحلة شهر عسل" و"الساعات الرهيبة" و"ابن أفريقيا" و"الساعات الأخيرة" و "هاربات من الحب". كما شاركت في مسلسل "العصابة" وفيلم "الكذابين الثلاثة" وفيلم "واحد في المليون"، وفي السبعينيات شاركت في بضعة أفلام، منها "آدم والنساء" و"لست مستهترة" و"حياة خطرة".
في الثمانينيات، شاركت عبيد في أفلام "الشريدة" و"دائرة الشك" و"سنوات الانتقام" و "الشيطان يعظ" و"اللعبة القذرة" و"الجبابرة" و"قهوة المواردي" و"العذراء والشعر الأبيض" و "الراقصة والطبَّال" و"أرجوك أعطني هذا الدواء" و"أيام في الحلال" و"انتحار صاحب الشقة" و "الصبر في الملاحات" و"الحناكيش" و"شادر السمك” و”اغتيال المدرسة” الذي منحها أقوى أدوارها.
وفي التسعينيات كانت عبيد في قمة تألقها الفني من خلال أفلام مهمة جداً جعلتها تحصل على لقب نجمة مصر الأولى، منها "قضية سميحة بدران" و"الراقصة والسياسي"، و"ديك البرابر" و"تووت تووت" و"الغرقانة"، و"كشف المستور" و"هدى ومعالي الوزير" و"المرأة والساطور" و"الآخر".
وعن لقب نجمة مصر الأولى تقول نبيلة عبيد لرصيف22 إنها لم تسع يوماً لهذا اللقب، مؤكدة أن المنتج إبراهيم شوقي هو أول من كتبه على أفيش فيلم "التحدي" الذي أخرجته لها إيناس الدغيدي في العام 1989، قائلاً لها إنها تستحق هذا الاسم لأن أفلامها تحقق أرباحاً كبيرة، مقارنة بأي نجمة أخرى.
في العام 2000 كانت معادلة السينما في مصر قد تغيرت، وحل نجوم شباب محل النجوم الكبار، وتراجعت نبيلة عبيد مع نجوم آخرين، كنادية الجندي التي كانت أكبر منافسة لها. قدمت عبيد فيلم "امرأة تحت المراقبة" عام 2000، والمسلسل الإذاعي "سجن الزوجية" عام 2001 وفيلم "قصاقيص العشاق" ومسلسل "العمة نور" عام 2003 وفيلم "ما فيش إلا كده" عام 2006 ومسلسل "البوابة الثانية" عام 2009 ومسلسل "كيد النسا 2" عام 2012 ومسلسل "لهفة" عام 2015 والمسلسل الإذاعي "أوراق رسمية" عام 2016، وبرنامج المسابقات "نجمة العرب" عام 2015.
في حوار سابق معها قالت عبيد إنها ليست نادمة على عملها في الفن، مؤكدةً أن الفن برغم أنه سلب منها الاستقرار الأسرى وحرمها من إنجاب أطفال، أعطاها أكثر مما أخذ منها، خاتمة حديثها بأن رحلتها في الحياة كانت إرادة الله.
سيكرم مهرجان الإسكندرية نبيل عبيد “قبل وفاتها” ليكسر نوعاً ما قاعدة دأبت عليها المهرجانات: تذكّر الفنانين بعد رحيلهم. نبيل عبيد التي اختارت قبل سنوات وبإرادتها الابتعاد عن التمثيل، هي اليوم شاهدة حية على أجمل عقود السينما المصرية، هي المخضرمة التي عايشت عمالقة الفن السابع في الستينيات من القرن الماضي، افتكت عن جدارة أدواراً قوية في أفلام التسعينيات.
نجوم الصف الأول من الشباب، ورغم سرقتهم الأضواء في المهرجانات وفي الإعلام، لم يزيحوا نبيلة عبيد عن ذاكرة عشاق الفن السابع ولا حتى عن المهرجانات. من شبرا إلى الإسكندرية…نبيلة عبيد فنانة لم يأفل نجمها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومينالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 3 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت