شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"وصلت حدها" في العراق... والقوات الأمنية تقمع المتظاهرين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 2 أكتوبر 201902:51 م

الغاز المسيل للدموع، والماء الحار الممزوج بمواد كيميائية حارقة، وقنابل الفلفل الحار، كلها طرق اعتادت القوات العراقية استخدامها لقمع المتظاهرين العراقيين في محافظات مختلفة، وهذا ما مارسته في مواجهة آلالاف المتظاهرين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد.

وخرج عراقيون إلى الشوارع في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر وعادوا اليوم في الثاني منه، في تظاهرات شعبية ضد الفساد والبطالة ونقص الخدمات والمحاصصة السياسية.

هي تظاهرات "عفوية"، حسبما قال ناشطون لرصيف22، ودعي الناس للمشاركة فيها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ومنذ أعوام، يتظاهر عراقيون للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي كفلها لهم الدستور، والتي تلاقي إهمالاً من قبل الحكومة العراقية.

وانتشر في الآونة الأخيرة وسم #وصلت_حدها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو وسم أطلقه ناشطون شباب دعوا عبره الشعب إلى المشاركة في تظاهرات في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، والنزول إلى ساحة التحرير، للمطالبة بحقوقهم التي حرموا منها في بلد غني بالثروات.

كما ظهرت صفحة على فيسبوك باسم نازل آخذ حقي، وأنشأها ناشطون شباب لنشر كل ما يتعلق بالتظاهرات التي خرجت في محافظات عراقية مختلفة، بينها البصرة والكوت والديوانية والنجف وذي قار، ورفعوا في بعضها شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

على هذه الصفحة، يضع الناشطون صوراً وفيديوهات للتظاهرات، وأماكن انطلاقها وزمانها، لتكون منصتهم الحرة بعد أن امتنعت بعض القنوات التلفزيونية عن نقل معاناتهم، لأنها رسمياً تتبع الدولة.

حملة الشهادات العليا

تظاهرات بغداد في تصاعد مستمر، وتجددت اليوم وتطالب بتغيير النظام، بعد أن عجزت الحكومة عن الاستجابة لمطالب الشعب، وأهمها فرص العمل

 فيها، يطالب حملة الشهادات العليا وزارة التعليم العالي بضرورة توفير فرص عمل لهم بعد أن قضوا سنوات من عمرهم في الدراسة، ويطالب آخرون بمطالب مختلفة، كما رفع البعض صور الفريق عبد الوهاب الساعدي الذي يرفض عراقيون كثر قرار نقله من قيادة قوات جهاز مكافحة الإرهاب ووضعه في إمرة وزارة الدفاع.

"هل رشنا بالماء الحار هو مكافأتنا؟"، يتساءل عباس الخشلوك (29 عاماً)، وهو متظاهر جاء من محافظة ذي قار، جنوب العراق، إلى بغداد للاعتصام والمطالبة هو وزملائة في تعيينهم في وظائف.

عباس الخشلوك وهو يتصدى لخراطيم المياه الحارة

ويقول لرصيف22: "ليس لدى الحكومة ما تقدّمه لنا سوى خراطيم المياه الحارقة للجلد والغاز المسيل للدموع، والضرب. هكذا عاملونا حماة الوطن"، في تظاهرات البارحة، ويضيف: "مع الأسف، مع الأسف، تعرّضنا للضرب من قبل قوات مكافحة الشغب الخاصة بحماية المنطقة الخضراء، ولإهانة وقمع لا يوصفان. ضربت النساء والأطفال وكبار السنّ، رغم أن تظاهرتنا سلمية".

الخشلوك مع زملائه من حملة الشهادات العليا يرابطون في ساحة التحرير منذ أكثر من مئة يوم، ولكن لا استجابة لمطالبهم من قبل الجهات الحكومية. يهتفون بعبارات "حقنا نريده"، "كافي ظلم"، و"كافي تهميش".

"أقول لرجل الأمن لا تضرب النساء، اضربني أنا الشاب، فيفعل العكس، يزيد من ضرب النساء من أجل استفزازنا، كما ألقوا علينا قنابل مسيلة للدموع، تسببت بأكثر من 30 إصابة نقلناها إلى مستشفى الشيخ زايد في بغداد، وعدد من حالات الإغماء، وجرحى، عدا حالات الاحترق بالماء الحار"، يروي الخشلوك.

ما تعرّض له الشاب العشريني، تعرضت له فاطمة. هي أيضاً من حملة الشهادات العليا اللواتي تعرضن للضرب والعنف من قبل قوات مكافحة الشغب العراقية. تقول لرصيف22: "اعتصامنا سلمي ولكن فوجئنا بالضرب والقمع بكل أنواع الأسلحة، وتوجيه خراطيم المياه نحونا. الكل تعرض للضرب، من أطفال وشباب ونساء، وحتى الكبار في السن"، وتضيف: "الشرطي اعتدى عليّ وسحب حجابي لكي يفض الاعتصام، وحتى نتراجع، لكننا مستمرون في التظاهر حتى الحصول على مطالبنا".

ضياء الهندي في تظاهرات ساحة التحرير

وتحدث ضياء الهندي (29 عاماً)، ناشط من محافظة كربلاء، لرصيف22 بصوت مختنق، بعد أن تعرض للاختناق بالغاز المسيل للدموع أثناء تظاهرات البارحة، وقال: "مطلبنا هو إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، أو التنحي عن السلطة وتشكيل وزارة عراقية لا تابعة لسين ولا لصاد".

وأضاف: "أنا ومجموعة من الشباب ذهبنا إلى بغداد للمشاركة في تظاهرات ساحة التحرير، ولكن تعرّضنا للقمع من قبل القوات الأمنية التي عاملتنا بعنف بكل ما أوتيت من قوة وبكل ما تمتلكه من سلاح"، وتابع: "ستستمر التظاهرات في بغداد والمحافظات ولا يهمنا قمع السلطات".

جريح في أحد مستشفيات بغداد

وأعلنت وزارة الصحة مقتل شخص واحد وجرح 200 آخرين. ويروي الهندي: "فقط أمام عيني سقط 6 أشخاص برصاص حي أطلقته القوات الأمنية"، مشككاً بصحة أرقام وزارة الصحة التي "دائماً ما تقلل من أعداد القتلى والجرحى"، لا سيما أن العديد من الجرحى "فضّلوا الذهاب إلى منازلهم وليس إلى المستشفى، خشية التعرض للاعتقال، إذ لحقت القوات الأمنية الجرحى إلى المستشفيات واعتقلتهم".

وقال عبد الأمير المختار، المستشار في وزارة الصحة، في بيان أرسله إلى مواقع إخبارية في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، إن "الأعداد الكلية لمَن راجع المستشفيات في بغداد بلغ نحو 400 شخص، تلقوا العلاجات فوراً وتم شفاء أغلبهم"، مضيفاً أن "هنالك بعض الإصابات الخطيرة و3 وفيات".

متظاهرون من كل العراق

مصطفى وعد (25 عاماً)، من سكان محافظة بغداد، يقول لرصيف22: "شاركت في التظاهرات لأسقاط النظام الحالي، ولأعترض على تفشي الفساد وسرقة المال العام، والمحاصصة وكثرة البطالة المستشرية في البلاد".

ويضيف: "توجهنا إلى المنطقة الخضراء ولكن القوات الأمنية المسؤولية عن حماية المنطقة اعتدت علينا بكل وسائل القمع. خوف وذعر ورمي قنابل صوتية ورصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع، ثم الرصاص الحي والضرب المبرح، هكذا مرّ يوم أمس".

"خوف وذعر ورمي قنابل صوتية ورصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع، ثم الرصاص الحي والضرب المبرح"... هذا ما شهدته بغداد البارحة مع خروج تظاهرات تطالب بالتغيير، والمتظاهرون عادوا اليوم إلى الشوارع
"بعض الشباب ماتوا من شدة الضرب. الدماء ملأت أجساد المتظاهرين. كانوا يضربوننا بدون رحمة"... قمع تظاهرات مطالبة بالتغيير في بغداد والمتظاهرون يعودون إلى الشوارع لليوم الثاني على التوالي

وتابع وعد أن "بعض الشباب ماتوا من شدة الضرب. الدماء ملأت أجساد المتظاهرين، كانوا يضربوننا بدون رحمة" وأكمل: "أحمّل قوات مكافحة الشعب والحكومة العراقية مسؤولية ما حصل من اعتداء علينا".

فاطمة تتعرض لخراطيم المياه

ونشرت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي بياناً أبدت فيه اعتراضها على أساليب قمع التظاهرات السلمية، مطالبة بتشريع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي.

ومنذ صباح اليوم، الأربعاء في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، تشهد العاصمة بغداد قطعاً للطرق الداخلية لمنع مرور السيارات، في خطوة لمنع الوصول إلى ساحة التحرير، وانتشاراً أمنياً كثيفاً في كل المناطق.

ورغم تزايد حدة القبضة الأمنية، إلا أن ذلك لم يوقف المتظاهرين ولم يمنعهم من تجديد تظاهراتهم، ورفعوا سقف مطالبهم، إذ قال محتجون لرصيف22: "سنطالب الحكومة بالكشف عن الأشخاص الذين تسببوا بقتل المتظاهرين".

اعتقالات مستمرة

"الاعتقالات مستمرة بحجة عدم امتلاكنا للموافقات الرسمية، بينما الدستور العراقي كفل لنا حق التظاهر السلمي، لكن السلطات العراقية لا تنفّذ ما نص عليه الدستور وتلزم المتظاهرين بالحصول على موافقات رسمية من السلطات، وهذه حجة ليتم منعنا من ممارسة حق التظاهر السلمي" يقول لرصيف22 يقول بهاء الإبراهيمي (45 عاماً)، من محافظة البصرة.

ويضيف الشاب الذي خرج في تظاهرات في البصرة: "عندما نقدّم طلباً للتظاهر، لا يعطونا موافقة بحجة أن المسؤول غير موجود لتوقيع الطلب، ويحاولون منعنا من التظاهر بكل الوسائل" ويتابع: "أخذوا منّا تعهداً بعدم التظاهر، ولكي يطلقوا سراحنا، قمنا بتوقيع العقد حفاظاً على سلامتنا".

"قبل لحظة اعتقالي، قلت لرجال الأمن إننا متظاهرون سلميون، لم يستمعوا إلي، تقدموا نحوي واعتقلوني أنا و10 آخرين كانوا بقربي، اقتادونا إلى مقر قيادة شرطة البصرة، بقينا ساعات في الاحتجاز وأطلقوا سراحنا بعد ضغط من قبل منظمات حقوق الإنسان وناشطين شباب في البصرة".

وقال: "خرجنا من أجل المطالبة بحقوقنا المشروعة، نحن في البصرة من أغنى مدن العالم بالنفط، وأبناؤنا يعانون للحصول على فرصة عمل، نريد حياة كريمة، ونريد خدمات، وتوفير الكهرباء. هذه حقوق أساسية ولكنها صارت أمنيات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image