ليس بيرني ساندرز، السناتور الديمقراطي من ولاية فرمونت، مرشحا رئاسيا تقليديا بالمعايير الأمريكية. فهو ديمقراطي اشتراكي من أصل يهودي، وتقدمي يساري راديكالي لا يتردد في انتقاد سياسة الهيمنة والتدخلات الأمريكية حول العالم.
كما أنّه باعتقادي المرشح الأمريكي الأفضل للقضية الفلسطينية.
برز ساندرز بوصفه المرشح الوحيد الذي انتقد مرارا العنف الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين. فهو لم يتردد في إدانة العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة، والدفاع عن حقّ الفلسطينيين في المقاومة السلمية. وفي حين سارع معظم السياسيين الأمريكيين إلى إلقاء اللوم على أهل غزة المحاصرين، أشار ساندرز إلى الحصار الإسرائيلي المتواصل كمصدر للأزمة الإنسانية في القطاع. كما كرر دعوته لرفع الحصار وإعادة إعمار غزة، وإعادة برنامج الدعم المالي الأمريكي للأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
ليس مفاجئا أنّ دعم ساندرز الصريح للفلسطينيين قد وضعه في صراع مباشر مع اللوبي الإسرئيلي إيباك. فلطالما رفض ساندرز الظهور شخصيا في مؤتمر إيباك السنوي، الأمر الذي حدا بالمنظمة إلى استهدافه في إعلانات انتخابية في الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية، وحثّ آلاف المصوتين على توقيع عريضة على الإنترنت تذكّره بأنّ "أمريكا تساند إسرائيل." قارنوا ذلك بالمرشحين الديمقراطيين المنافسين لساندرز، والذين يتهافتون على إبداء دعمهم المطلق لإسرائيل إرضاءً لإيباك.
وسط موجة العداء المتنامي للفلسطينيين في الولايات المتحدة، يعرب ساندرز باستمرار عن دعمه لحقوق الفلسطينيين المدنية في البلاد. فقد عارض بشدة قوانين مكافحة البي دي إس في الكونغرس، وهي قوانين مكارثية تجرّم مقاطعة إسرائيل وتحظى بتأييد الحزبين. ودافع عن الحقوق المدنية للفلسطينيين في فلسطين وداخل إسرائيل، مدينا الحملة الانتخابية العنصرية التي شنّها بنيامين نتنياهو ضدّ الناخبين العرب، وقانون الدولة القومية لليهود تم إقراره من حكومة نتنياهو، والذي ينص صراحةً على أن "إسرائيل دولة قومية لليهود فقط"، ويعتبر العرب مواطنين من الدرجة الثانية. كما صنّف نتنياهو عضوا في "محور سلطوي" دولي يشمل دونالد ترامب ومحمد بن سلمان.
أما رؤية ساندرز للسلام في فلسطين، رغم أنها لا تزال تتأسس على "تقليعة" حلّ الدولتين، فتخرج عن نطاق الإجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. فهو يدافع عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وينتقد الاحتلال ويدعو إلى تفكيك المستوطنات باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي وشرطاً مسبق للسلام.
كما ألمح ساندرز مرارا أنه في حال انتخابه، سيفرض عقوبات حقيقية على إسرائيل إذا واصلت مشروع احتلالها، بما في ذلك تقليص المساعدات المالية وصفقات الأسلحة الأمريكية لها.
ولعلّ دعم ساندرز للحقوق الفلسطينية هو أمر شخصي بقدر ما هو سياسي. ففي حديث مصور له هذا العام، في المنتدى العالمي للجنة اليهودية الأمريكية، ربط المرشح اليهودي بين قتل النازيين لعائلته ومعارضته للاحتلال الإسرائيلي.
الحزب الديمقراطي الأمريكي اليوم يضم أعضاء بارزين، مثل رشيدة طليب وإلهان عمر، يعارضون الاحتلال ويدعمون حقوق الفلسطينيين وحملة مقاطعة إسرائيل. كما تظهر استطلاعات الرأي أنّ الديمقراطيين، ولا سيما في أوساط التقدميين الشباب، يتعاطفون بشكل متزايد مع محنة الفلسطينيين
برز ساندرز بوصفه المرشح الوحيد الذي انتقد مراراً العنف الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين. فهو لم يتردد في إدانة العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة، والدفاع عن حقّ الفلسطينيين في المقاومة السلمية
ويعتبر ساندرز دفاعه عن حقوق الفلسطنيين جزءا من أجندته الاقتصادية التقدمية، حيث يدافع عن حقّ الفلسطينين في إنشاء دولة مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة اقتصاديا.
ولعلّ موقف ساندرز من القضية الفلسطينية ليس تقدميا بقدر ما ينتظر من يساري كافح ضد الحرب في فيتنام ونظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا. فقد صوت باستمرار لصالح المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، ولا يزال يعارض حملة مقاطعة إسرائيل (في حين يدين قوانين تجريم الحملة). كما يدعم بعناد عقيدة حلّ الدولتين، بدلاً من دولة موحدة ديمقراطية توفر حقوقاً متساوية للفلسطينيين.
مع ذلك، لا يزال سجّل ساندرز في دعم حقوق الفلسطينيين راديكاليا في ظل نظام سياسي يتسامح مع قتل الفلسطينيين، ويسخر من تطلعاتهم لإنهاء الاحتلال والاستقلال وبناء دولتهم؛ نظام ينكر كبار السياسيين فيه، مثل المرشح الجمهوري السابق مايك هاكبي، وجود الشعب الفلسطيني أصلا، ويتسابق فيه السياسيون، من ديمقراطيين وجمهوريين، في إبداء ولائهم الأعمى لإسرائيل.
فساندرز المرشح الأمثل لتجاوز عقدة دعم إسرائيل في الولايات المتحدة، ليس لأصله اليهودي فحسب، بل نظرا للتحولات الراهنة في الدينامية السياسية في الولايات المتحدة. فالحزب الديمقراطي اليوم يضم أعضاء بارزين، مثل رشيدة طليب وإلهان عمر، يعارضون الاحتلال ويدعمون حقوق الفلسطينيين وحملة مقاطعة إسرائيل. كما تظهر استطلاعات الرأي أنّ الديمقراطيين، ولا سيما في أوساط التقدميين الشباب، يتعاطفون بشكل متزايد مع محنة الفلسطينيين.
كما أنّ رئاسة ساندرز ستعطي زخما جديدا لحركات الحقوق المدنية الفلسطينية في فلسطين والولايات المتحدة. فمع ساندرز رئيسا، ستفقد إيباك حليفهما التقليدي في البيت الأبيض، ناهيك عن التفويض المطلق لاستهداف الفلسطينيين الذي منحه ترامب لداعمي إسرائيل. في المقابل، سيجد الفلسطينيون في المكتب البيضاوي حليفا يساريا لم يتردد عن معارضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في شبابه، ولا يتردد في التحدث علنا حول الظروف "الشبيهة بالفصل العنصري" في فلسطين اليوم.
إذن، هل يعتبر ساندرز المرشح الأفضل للفلسطينيين؟
وفقًا لمعايير السياسة الأمريكية، بلا شك. في الوقت الحالي، هو المرشح الوحيد الذي يمكنه إحداث تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه الصراع في فلسطين. ولعلّ الفلسطينيين كفّوا من زمن طويل عن البحث عن منقذهم السياسي بين مرشحي الرئاسة الأمريكية، لكنّ ساندرز قد يكون أفضل رهان لهم في الوقت الحاضر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين