فضيحة جديدة تهدد بالعصف بمستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعدما بثت القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي مساء 2 أيلول/سبتمبر تسجيلاً صوتياً يثبت تورطه في توجيه وزير الاتصالات الإسرائيلي السابق أيوب قرا للتدخل لفائدة قناة 20 الإسرائيلية المحسوبة على اليمين الذي ينتمي إليه نتنياهو للسماح لها ببث البرامج الإخبارية إثر معركة تخوضها تلك القناة ضد مجلس الكابلات والبث الفضائي الذي أمر نتنياهو الوزير بالسعي لحله.
في التسجيل، خاطب نتنياهو الوزير قرا بلهجة حادة وقال له "هل جننت”. تلك التسجيلات وثقت لمشاورات بين نتنياهو وقرا ومسؤول رفيع بحزب الليكود، في كانون الأول/ديسمبر عام 2017، حول القيود على القناة 20 وفق ما نشرته صحيفةهآرتس الإسرائيلية.
واحتدم الخلاف خلال تلك الفترة بين المجلس والقناة بسبب انتهاك الأخيرة "شروط تخصصها". في التسجيلات سأل نتنياهو عن انتهاكات قنوات إسرائيلية أخرى خلال دفاعه المستميت عن استمرار بث قناة 20.
نفوذ نتنياهو
وخلال تشكيل حكومته الرابعة في العام 2015، احتفظ نتنياهو لنفسه بحقيبة الاتصالات (الإعلام). لكن تقارير إعلامية تكشف عن علاقة مشبوهة وتورطه في فضائح ورشى إعلامية دفعت المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ميندلبليت إلى إصدار قرار بمنعه من التدخل في شؤون الوزارة.
كما جرى تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا ضد تولي نتنياهو منصب وزير الاتصالات، وبالفعل استقال مطلع العام 2017 من المنصب وعين تساحي هنغبي بدلاً منه، قبل أن يعين أيوب قرا خلفاً له بعد قرابة ثلاثة أشهر.
وكان قرا قد استقال في حزيران/يونيو الماضي، زاعماً أنه ترك المنصب لأن علاقته مع نتنياهو أثرت في عملية صنع القرار كوزير اتصالات..
وتبرهن التسجيلات التي بثتها القناة 13 أن نتنياهو "واصل ممارسة نفوذه في مجال الإعلام الإسرائيلي، حتى أثناء التحقيق معه في قضيتين جنائيتين تتعلقان بالموضوع (القضية 2000 و4000 المعروفتان بملف شركتي بيزك ويس للاتصالات)".
إدمان السلطة
وبحسب هآرتس فإن "القضايا الجنائية ضد نتنياهو حتى الآن هي نتاج عن علاقته المريضة بوسائل الإعلام".
وتؤكد الصحيفة على أن التسجيلات تكشف أيضاً سبب سوء علاقة نتنياهو بجميع الوزراء الذين تولوا وزارة الاتصالات.
وتضيف: "عادةً ما استخدمت كلمة ‘الهوس‘ لوصف علاقة نتنياهو بوسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تهاجمه. وفيما اعتبر البعض ذلك مبالغة من قبل الصحفيين المعادين له، فإن ما بثته القناة 13 يؤكد أن علاقته بالإعلام تجاوزت مرحلة الهوس”.
شبهت الصحيفة نتنياهو بـ”المدمن” ووصفت علاقته بالسلطة باضطراب تعاطي المواد المخدرة بل وأضافت أنه "المجرم الذي يظل يتردد على مكان الجريمة" حتى بعد إجباره على التخلي عن وزارة الاتصالات.
واستشهدت بضغطه على قرا حتى ينفذ توجيهاته بكلمات مثل "إلغه! حله! أسرع في ذلك! افعل شيئاً ما!"، مبينة أن جنونه بلغ الذروة حين ورد اسم وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة إيليت شاكيد التي لا تحبها عائلته، ليصرخ في الوزير "هل جننت؟".
وشددت هآرتس على أن نتنياهو لم يتوقف عن التدخل في شؤون الوزارة للحظة. فمن ناحية، سعى إلى تقويض القنوات التلفزيونية التجارية التي لم تكن بوقاً له ومن ناحية أخرى، سعى إلى تيسيرعمل قناة 20.
فخور بذلك
وعقب تداول التسريبات، رد مكتب نتنياهو في بيان زاعماً أنه "تصرف وفق تعليمات المدعي العام". وورد في البيان: "يسمح لنتنياهو بالتعامل مع الأمور المتعلقة بمختلف المكاتب الحكومية، وحقيقة أنه لا يشغل حقيبة الاتصالات لا تنفي مشاركته في مجال الاتصالات في وظيفته كرئيس للوزراء".
حرب إعلامية… تسجيلات صوتية مسربة بثتها القناة 13 الإسرائيلية تكشف عن تدخل نتنياهو في الإعلام الإسرائيلي
ودافع نتنياهو عن تدخله في شؤون وزارة قرا لمنع إغلاق قناة 20، بل وافتخر بذلك، حيث ذكر البيان: "لسنوات، كان رئيس الوزراء يقود حملة مفتوحة لتشجيع وتنويع وسائل الإعلام، بطريقة تعبر بشكل مناسب عن مجموعة من الآراء تمثل الجمهور الإسرائيلي. إن تصميم رئيس الوزراء على إحداث التغيير وكسر احتكار اليسار للرأي في وسائل الإعلام جعلاه هو وعائلته أهدافاً للهجمات التي تهدف إلى كبحه".
لكن رئيس تحالف "أزرق أبيض"، بيني غانتس، المنافس الأبرز لنتنياهو في الانتخابات، علق على هذه الفضيحة بقوله إن "نتنياهو فقد كافة الضوابط المطلوبة للامتثال لتعليمات القانون" و"يعتقد أن الوزراء ومؤسسات الدولة أدوات في ملعبه الشخصي".
ومن جهته، دعا حزب العمل ميندلبليت إلى الشروع في التحقيق في هذه القضية.
ونفى قرا تسريب المكالمة بدوره، مشدداً على أنه سيتقدم بشكوى رسمية لتسجيل مكالمته مع نتنياهو، فيما اعترفت وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة إيليت شاكيد بالسعي خلال شغلها المنصب، وبالتعاون مع الوزير قرا إلى منع إغلاق قناة 20 نافيةً طرح موضوع حل مجلس الكوابل والأقمار الصناعية.
ورئيس الوزراء الإسرائيلي قيد التحقيق في الوقت الحالي في قضايا تتعلق بعدة تهم جنائية ارتكبت خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الاتصالات، في القضايا المعروفة باسم "ملف 1000 وملف 2000 وملف 4000".
وهو متهم بـ"دفع رشى والاحتيال وخيانة الأمانة" في القضية المعروفة إعلامياً بملف (4000) أو قضية بيزيك، وهي أكبر شركة اتصالات في إسرائيل. ومتهم بالسعي للحصول على تغطية إعلامية إيجابية في موقع "والا" الإخباري العبري المملوك لشاؤول إيلوفيتش رئيس مجموعة بيزيك مقابل خدمات وتسهيلات حكومية عادت على مجموعته بمئات ملايين الدولارات.
ويتهم نتنياهو أيضاً بتقديم خدمات لأصدقاء أثرياء مثل المنتج الإسرائيلي في هوليود أرنون ميلتشان والملياردير الأسترالي جيمس باكر مقابل "خط إمداد" من الشامبانيا والسيجار باهظ الثمن، وتغطيات إعلامية إيجابية لصالحه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...