في العام 1920، قرر الشاب المصري سعيد محمد الرحماني، أن يكون له مشروع خاص يكسب منه بعض المال، ففكر أن يفتتح محلاً صغيراً لبيع "السوبيا" التي كان يجيد صناعتها، وبعد بحث، وجد المحل في منطقة الخيامية (فن مصري يعتمد على صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في عمل السرادقات) الواقعة بحي المغربلين في القاهرة القديمة، فاستأجر الرحماني المحل، وبدأ يبيع فيه مشروب السوبيا الذي لم يكن منتشراً في مصر بدرجة كبيرة وقتذاك، ويتكون من اللبن والسكر وجوز الهند والفانيليا، وكان كل من يتذوق المشروب لا ينسى مذاقه الطيب، ومن هنا بدأت قصة "سوبيا الرحماني" أشهر محل يقدم هذا المنتج في مصر.
استمر المحل نحو 30 عاماً في حي المغربلين، حتى قرر أحمد، نجل سعيد، أن ينقله إلى حي السيدة زينب بقلب القاهرة، فاشترى محلاً صغيراً جداً في العام 1950، ونقل كل معدات والده إليه، وصار هذا المحل الذي حمل الإسم نفسه علامة من علامات الحي العريق، الذي يحوي مساجد ومباني تاريخية مهمة، على رأسها مسجد ومقام السيدة زينب، ومبنى مؤسسة دار الهلال إحدى أقدم المؤسسات الصحفية في مصر.
يقع "سوبيا الرحماني" في ناصية شارع محمد عز العرب، الذي يبعد نحو دقيقة عن مسجد السيدة زينب، والمحل لا تزيد مساحته عن 15 متراً مربعاً، وهو لا يحتوي على أماكن للجلوس، بل معدات صناعة السوبيا، وثلاجة يوضع فيها المنتج، وشخص جالس إلى يسار بوابة المحل يتلقى الطلبات.
"نحن أصل السوبيا في مصر" يقول لرصيف22 الشاب المصري أحمد إبراهيم، أحد موظفي المحل، ويضيف أنه رغم أن محالّ عديدة في مصر تقدم مشروب السوبيا حالياً، فإن طعم "سوبيا الرحماني" لا يمكن تقليده لأن أصحاب المحل حافظوا على سر الصنعة منذ ابتكرها المؤسس سعيد محمد الرحماني في العام 1920.
وقبل أن ينتقل سوبيا الرحماني إلى السيدة زينب كان يقدم السوبيا مشروباً سائلاً، يتكون من اللبن والسكر وجوز الهند والفانيليا، لكن بعد انتقاله إلى السيدة زينب تم تطوير المنتج ليصبح أكلة وليس مشروباً، وتمت إضافة الأرز المسلوق إليه كي يتحول إلى منتج أشبه بالآيس كريم أو المهلبية ويؤكل بالملعقة.
يرفض إبراهيم أن يخبر رصيف22 بسر خلطة أكلة السوبيا التي يقدمها الرحماني لرواده، قائلاً إن الخلطة "سر حربي" ممنوع على جميع الموظفين الحديث عنه لوسائل الإعلام أو للزبائن، لكنه يقول إن هناك سراً آخر يمكنه الحديث عنه، وهو قرب المحل من مسجد ومقام السيدة زينب، اللذين يؤمن الموظف أنهما سبب البركة الحقيقية التي حولت الرحماني إلى أشهر محل سوبيا في مصر كلها على حد قوله.
في حي السيدة زينب جنوب القاهرة، يقع "سوبيا الرحماني"، محل عتيق عمره 100 عام اختص بصناعة السوبيا وهي مشروب يتكون من اللبن والسكر وجوز الهند والفانيليا يقول ورثة الرحماني إنهم وحدهم يعرفون سر وصفتها
أمام المحل يتجمع عشرات الزبائن القادمين من مناطق مختلفة، كما تقف سيارات فارهة أمام المحل وينزل منها نجوم أو شخصيات مهمة، فالمحل له زبائن من المشاهير، منهم بحسب إبراهيم، عادل إمام، والمشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، والكاتب الراحل نجيب محفوظ، والفنان الراحل فاروق الفيشاوي، والفنانة شريهان، والفنانة ليلى علوي، ولاعب كرة القدم محمد أبو تريكة، والمخرج الراحل يوسف شاهين، والمطرب محمد حماقي، والمطربة شيرين عبد الوهاب وغيرهم.
عن السوبيا وزبائنها
يقدم الرحماني لرواده ثلاثة أنواع من السوبيا، فهناك سوبيا حلوة، وأخرى مززة، أو حادقة، والثالثة يطلق عليها المحل سوبيا جلاس وهي أقرب ما يكون للآيس كريم، وجميعها توضع في عبوات صغيرة وتؤكل بالملعقة، وتبدأ أسعار عبوة السوبيا من 10 جنيهات (أكثر بقليل من نصف دولار)، إلى 40، (حوالى دولارين ونصف الدولار).
يعمل في المحل 8 موظفين، منهم من يجهز السوبيا منذ الصباح، ومن يتلقى طلبات الزبائن، ومن يقوم بتجهيز الطلبات وتسليمها للزبائن، ورغم بساطة المحل فإن الموظفين يتعاملون مع الزبائن بود، ولا يمنعون أي شخص من الدخول لمشاهدة كيفية تجهيز السوبيا كما لو كان المضيف يحمل ضيفه إلى المطبخ.
مدير المحل حالياً هو مصطفى الكواملي، الذي يقول لرصيف22 إن للسوبيا التي يقدمها الروحاني فوائد عدة، منها إمداد الجسم بالكالسيوم الذي يحتاجه الجسم، إلى جانب تنشيط خلاياه، وجعل الشخص نشيطاً، معتبراً أن السوبيا وجبة غذائية متكاملة، لكنه يحذر من تناولها بكثرة لأنها تزيد من الوزن.
بحسب الكواملي، فإن هناك نوعين من الزبائن الذين يقبلون على المحل، النوع الأول يأتي لاستكشاف المكان وتجربة السوبيا، وغالباً هو من السياح الذين يجربون المنتج مرة واحدة، ويتركون الزيارة الثانية للظروف، أما النوع الثاني فهو مدمنو سوبيا الرحماني، يأتون بشكل متكرر، ويومي أحياناً، ويقولون إنهم لا يستطيعون العيش من دون سوبيا الرحماني، بحسب قوله، ويؤكد الكواملي أنه وباقي الموظفين يستطيعون معرفة الفرق بين النوعين جيداً.
ويجزم الكواملي أن المعدات التي تستخدم في إنتاج السوبيا لم تتغير تقريباً منذ افتتاح محل حي المغربلين في العام 1920، مضيفاً أن الطريقة التي تتم بها صناعة السوبيا تغيرت حين قررت إدارة المحل جعل السوبيا أكلة لا مشروباً، لكنه يؤكد أن المكونات لم تتغير بدرجة كبيرة، وأن الرز وحده أُضيف إليها لجعل القوام مناسباً للأكل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع