ردت الرئاسة الفلسطينية ووزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، مساء 25 آب/أغسطس، على حذف الخارجية الأمريكية أي إشارة لدولة فلسطين أو الأراضي الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية من خريطتها لدول المنطقة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي مقارنةً القرار بأفكار اليمين الإسرائيلي.
وأشار الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إلى أن إقدام وزارة الخارجية الأمريكية على شطب فلسطين من قائمة دول المنطقة "يأتي اتساقاً مع أفكار اليمين الإسرائيلي المتطرف" ويمثل "انحداراً غير مسبوق في السياسة الخارجية الأمريكية".
"مسلسل المؤامرات"
وبيّن أن الخطوة الأمريكية تأتي في إطار "مسلسل المحاولات اليائسة لشطب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، والتي بدأت بوقفها استخدام مصطلح ‘الأراضي الفلسطينية‘ مروراً بوقف استخدام مصطلح ‘الأراضي المحتلة‘ وصولاً إلى هذه الخطوة المستهجنة والمدانة والمرفوضة".
وشدد أبو ردينة على تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وصموده على أرضه وعدم رحيله عنها "مهما تعاظمت المؤامرات ضده"، مبيناً أن الخطوة "تعكس مضمون ما تسمى بصفقة القرن الأمريكية".
خطوة غير مؤثرة
في حين أوضحت الخارجية الفلسطينية، في بيان، أن "عدم اعتراف دولة الاحتلال بالشعب الفلسطيني وأرض وطنه لم يلغ وجود الشعب الفلسطيني، وأن عدم اعتراف الخارجية الأمريكية بالسلطة الفلسطينية وشطب مسمى ‘أراضي السلطة الفلسطينية‘ من قائمة الدول والمناطق ‘لا يلغي وجود دولة فلسطين‘ على حدود الأرض المحتلة منذ العام 1967".
ولفتت إلى أنه "لا يلغي كذلك اعتراف 140 دولة بفلسطين، وتمثيلها في الأمم المتحدة كدولة مراقب، ووجودها في المنظمات الأممية، خاصة اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان، فضلاً عن عضويتها في أكثر من 100 معاهدة واتفاقية دولية".
واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن "الإدارة الأمريكية الحالية تنفذ الرؤية الإسرائيلية بتدمير حل الدولتين والهروب من استحقاقاته، وشطب الذاكرة الجمعية الدولية المتصلة بالاحتلال ومحاولة ‘تبييض‘ اسم إسرائيل من الاحتلال وتبعاته القانونية"، مشيرةً إلى أن "ما قامت به الخارجية الأمريكية يظهر اعتناقها هذه الرؤية وانسياقها معها بالكامل".
وأكدت الوزارة أن الخطوة الأمريكية "لن تغير في الواقع شيئاً، وإنما تظهر انحياز الإدارة الأمريكية الكامل والمطلق للاحتلال وفقدانها صدقيتها أمام العالم أجمع، ويثبت، من جديد، ما كنا نردده باستمرار عن هذه الإدارة الأمريكية وتبعيتها للسياسات الإسرائيلية".
واعتمدت الخارجية الأمريكية بضع تسميات في الإشارة لدولة فلسطين، بدءاً من السلطة الفلسطينية مروراً بالأراضي الفلسطينية ثم أراضي السلطة الفلسطينية قبل حذفها نهائياً.
اسم "عريق"
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإن اسم "فلسطين" قديم جداً، وورد ذكره أول مرة في السجلات المصرية التي تعود إلى العصر البرونزي المتأخر إبان فترة حكم الفرعون المصري رمسيس الثالث، إذ استخدم المصريون الاسم (بلست(pelest ، كما هو مدون بالهيروغليفية على جدران معبد الكرنك للإشارة إلى سكان ساحل فلسطين الجنوبي.
كما ورد الاسم لاحقاً في العهد القديم وفي السجلات الآشورية في إشارة إلى سكان المنطقة نفسها من يافا شمالاً حتى رفح جنوباً، ومن هنا تعارف الناس على تسمية هذه المنطقة باسم "فيلستيا".
ومنذ عهد المؤرخ اليوناني هيرودوت، في القرن الخامس قبل الميلاد، بات يشار من خلال "فلسطين" إلى فلسطين التاريخية بزواياها الأربع، من نهر الأردن شرقاً إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً ومن الساحل الفينيقي (لبنان حالياً) شمالاً، إلى البحر الأحمر وصحراء سيناء المصرية جنوباً.
"انحدار غير مسبوق في السياسة الخارجية الأمريكية” هكذا وصفت الرئاسة الفلسطينية إقدام الخارجية الأمريكية على حذف أي إشارة لفلسطين أو الأراضي المحتلة من خريطتها لدول المنطقة
سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "المنحازة" ضد السلطة والشعب الفلسطينيين تبدو أكثر اتضاحاً الآن بعد حذف أي إشارة للأراضي الفلسطينية على خارطة الخارجية الأمريكية لدول المنطقة، لكن هذه الخطوة ليست منعزلة بل تأتي في سياق خطوات تصعيدية من جانب ترامب
سياسة إدارة ترامب تجاه فلسطين
وشهدت السياسة الخارجية الأمريكية تحولاً واضحاً في إطار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وانحيازاً أكبر للجانب الإسرائيلي، منذ تولي دونالد ترامب الحكم مطلع العام 2017، وتجلى الأمر عندما اعترف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل في كانون الأول/ديسمبر عام 2017.
وقاطع الفلسطينيون جهود الإدارة الأمريكية الرامية لإحلال السلام منذ ذلك الحين.
ونهاية آب/أغسطس عام 2018، أعلنت الإدارة الأمريكية وقف تقديم 365 مليون دولار سنوياً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي توفر الخدمات التعليمية والطبية لملايين اللاجئين الفلسطينيين الفقراء في لبنان والأردن وسوريا، وداخل الأراضي الفلسطينية، وتوظف نحو 30 ألفاً، معظمهم من الفلسطينيين.
آنذاك، تذرعت واشنطن بأن "عمل الأونروا والممارسات المالية يَشِيان بعملية معيبة يتعذر إصلاحها"، لكن مجلة "فورين بوليسي" فضحت في الشهر نفسه "مخططاً أمريكياً لتصفية الأونروا باعتبارها سبباً في إطالة أمد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وخلال التجمع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة، في أيلول/سبتمبر عام 2018، كشف ترامب عن "خطة مقترحة" لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعكف على وضع الخطة التي اتضحت معالمها مطلع العام الجاري صهرُ ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر ومبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات وكلاهما يهودي ومعروف بالانحياز التام إلى إسرائيل.
ولم يعول الفلسطينيون على صفقة القرن إذ رفضوها منذ اليوم الأول واعتبروها هي ومحاولات تعطيل الأونروا "مخططاً لتصفية قضيتهم".
وتكشف الجانب الاقتصادي، الجزء الأول، من صفقة القرن خلال ورشة اقتصادية استضافتها العاصمة البحرينية المنامة نهاية حزيران/يونيو الماضي، وتبين أنها تركز على منح الفلسطينيين مكاسب مالية في حين لا تعترف بمبدأ "حل إقامة الدولتين".
وبحسب الخارجية الفلسطينية، فإن "الخطوة الأمريكية التصعيدية بحذف اسم فلسطين تسقط أية رهانات على إدارة ترامب أو ‘براءتها‘ في ما تفعل أو رهانات على ‘حسن نياتها‘ حيال الفلسطينيين، وتشكل إمعاناً أمريكياً في معاداة شعبنا وحقوقه، وفي تنفيذ سياستها الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء كل ما من شأنه أن يُذَكّر العالم بالقضية الفلسطينية وحق شعبنا في إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون