صفقة القرن، عبارةٌ تتكرر على الأفواه منذ مدةٍ، وفي خضم الرحلات المكوكية التي تؤديها وفودٌ رسمية لعواصم خليجية منذ أسبوع، عادت العبارة لتُلفظ مجدداً وبقوة. أمس الأحد جاءت "صفقة القرن" على لسان الرئيس الفلسطني محمود عباس الذي قال "صفقة القرن لن تمرَّ" مشبهاً إياها بوعد بلفور قبل قرن، الذي مهد لظهور إسرائيلَ شوكةً في خاصرة العرب. في خطابٍ ألقاه الأحد أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، قال عباس إن "وعد بلفور كان البداية، وهو أساس المشكلة، وإذا مرَّ وعد بلفور فلن تمرَّ صفقة القرن". وتابع الرئيس الفلسطيني مخاطباً أعضاء المجلس المركزي "أنتم اليوم أمام لحظةٍ تاريخية يجب أن تنتبهوا إليها جيداً، ما زالوا يتحدثون عن صفقة العصر، وأنهم سيقدمونها بعد شهر أو شهرين، لكنهم قدموا كل صفقة العصر ولم يبق منها شيء". تابع: "لقد مررنا بمثل هذه المرحلة وبمراحل خطيرةٍ لكن ليس أخطر من هذه المرحلة". وبلهجةٍ حازمة أضاف عباس: "القدس نقلوا السفارة إليها، وحق اللاجئين يحاولون أن ينهوه، وترامب (الرئيس الأمريكي) قال بكل وقاحةٍ إن اللاجئين 40 ألفاً. يخرب بيتك"، مصححاً أن عددَ اللاجئين الفلسطنيين ستةُ ملايين موضحاً: "قالوا إنهم (اللاجئون) 40 ألفاً فقط من أجل إنهاء قضيتهم وأنا أقول إنها لم تنته". ونقلت فرانس برس عن عباس قولَه لأعضاء المجلس المركزي "لقد اتخذتم قراراتٍ سابقة، وآن الأوان لتنفيذها لأنهم لم يتركوا لنا أي طريقٍ للمصالحة ولا للتسوية ولم نعد نحتمل". وكان المجلس المركزي، أعلى هيئةٍ تشريعيةٍ لمنظمة التحرير، قد اتخذ سابقاً قراراتٍ بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ودعوة اللجنة التنفيذية للمنظمة إلى إعادة النظر في الاعتراف بالدولة العبرية. وجدد عباس تأكيدَه مواصلةَ دفع رواتب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وأُسر الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، وهو ما تعارضه إسرائيل. وبلهجة شديدة النبرة قال عباس: "أقولها للجميع إن رواتب أسرانا وجرحانا خطٌّ أحمر. يحاولون بكل الوسائل ويضغطون وما زالوا يضغطون لوقف صرفها، ولو أدى هذا إلى خصم أموالنا التي يجبونها.. هذا الأمر مقدس والشهداء وعائلاتهم مقدسون، اعملوا ما شئتم". كان ترامب قد اقترح خطةً للسلام في الشرق الأوسط، دون أن يعلن تفاصيلها كاملة، وهي الخطة التي عرفت بمصطلح "صفقة القرن". وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت عن مسؤولٍ أمريكي في 26 يوليو قوله إن خطوات تنفيذ الصفقة ستصاحبها "خطةٌ اقتصادية قوية" هدفها "المساعدة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
محمود عباس: صفقة القرن هي وعد بلفور جديد... لن تمر
لا دولة في قطاع غزة
وفي الخطاب ذاته تحول عباس من مهاجمة ترامب وإسرائيل إلى مهاجمة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، فاتهمها بالوقوف مع ما قال إنه أفكار الأعداء، في إشارةٍ إلى الولايات المتحدة. ويخشى عباس من أن تكون الولاياتُ المتحدة تخطط لاقتراحٍ يمنح الفلسطينيين دولةً محدودة في قطاع غزة وبعض الحكم الذاتي في أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، مطالباً بالاستقلال التام في المنطقتين. وتابع الرئيس الفلسطيني: "أقول لحماس أنتم تقفون مع أفكار الأعداء الذين يريدون إقامةَ شبه دولة في غزة وحكمٍ ذاتي في الضفة الغربية"، مضيفاً: "القدس وفلسطين ليستا للبيع، ولا دولة في قطاع غزة ولا دولة دون غزة، ونرفض الدولة ذاتَ الحدود المؤقتة". ويأتي اجتماع المجلس المركزي وسط حالةٍ من الجمود السياسي بين السلطة الفلسطينية وحماس من جهة، وبين إسرائيل والفلسطينيين من جهة أخرى، منذ توقف المفاوضات الثنائية بين الطرفين عام 2014.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...