- إن لم تطعيني تلعنك الملائكة حتى نصبح
- خلها (دعها) تلعنّي. أصلاً أنا ملعونة اللي (أنّي) وافقت عليك!
هذا حوار دار بين رجل وزوجته في لوحة تعبيرية تمّ تداولها بين ناشطات سعوديات على تويتر منذ 23 آب/أغسطس تحت هاشتاغ #سعوديات_نطالب_بتجريم_الاغتصاب_الزوجي، وهو مطلب يأتي بعد منح المرأة السعودية بعض الحقوق لا سيما في ما يتعلق بالسفر من دون "محرم" واعتبارها "رباً" لأسرتها.
وتحت هذا الهاشتاغ، روت سعوديات قصص اغتصابهن من قبل أزواجهن، وهو ما يعرف بـ"الاغتصاب الزوجي" الذي تعارضه الإنسانية، ويُشرّعه الكثيرون باسم الدين، والعادات، والتقاليد. فيعتبر البعض أن الملائكة تلعن المرأة التي ترفض ممارسة الجنس مع زوجها استناداً لما نقله أبو هريرة عن رسول الله قوله: "إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ".
والاغتصاب الزوجي هو "إقدام الزوج على ممارسة الجنس بالقوة مع زوجته، أو تهديدها وترويعها لتقبل العلاقة الجنسية دون رغبة منها"، وفقاً لموقع الحب ثقافة المعلوماتي المعني بمواضيع الحب والعلاقات والجنس والزواج.
وفي ظل هذه الحملة الافتراضية التي أطلقتها السعوديات، تذكّرت إحدى المشاركات ما تعرّضت له ليلة دخلتها حينما تركها زوجها خلال ممارسة الجنس قائلاً: "بتلعنك الملائكة"، موضحةً أنها لم تكن تمانع الممارسة ولكنه "لم يعرف التعامل بلطف، وأذاني، وحينما بكيت، قرر أن يعيدني إلى منزل أهلي لمدة أسبوع".
وروت إحداهنّ "اغتصاب" صديقتها على يد زوجها ليلة دخلتها برغم أنها كانت في فترة الطمث (الدورة الشهرية) وهو ما أثار انزعاجه قائلاً: "كان المفروض ترتبين الوقت زين"، ولكن ذلك لم يمنعه.
وروت أخرى تعرّض صديقة لها لاغتصاب زوجي ليلة الدخلة أيضاً والدافع كان: "دفعت مهرك عشان ترفضيني؟".
ولامت مغردة "الجهل" في الطب، قائلةً: "زوجة اشتكت معاشرة زوجها لها أكثر من مرة كل يوم مع أنه مدمن أفلام إباحية ولا يستثار إلا بها. اتهمها بالبرود الجنسي وأجبرها على مراجعة طبيبة نساء، سألت الزوجةُ الطبيبةَ: هل أنا باردة ولا هو غير طبيعي؟ قالت أنتِ باردة وزوجك طبيعي! لدينا تخصص في الطب اسمه جهل".
وتشرح إحدى المشاركات بالهاشتاغ رفض بعض الفتيات السعوديات إقامة علاقة جنسية في ليلة الدخلة قائلةً إنها "تعرف بنات لم يعرفن أزواجهن إلا بعد الزفاف، فتخيلين أن يغتصبن جنسياً في أول لقاء لهن مع أزواجهن…"، وهو ما دفع مغردة لتوجه رسالة للنساء قائلةً: "الملائكة لن تلعنك لأنك مرهقة. الملائكة لن تلعنك لأن نفسيتك تعبانة. الملائكة لن تلعنك لأنك خايفة ومتوترة. للملائكة أشغال أهم من أن تلعنك بسبب الذكور الأنانيين المهتمين برغباتهم فقط".
"الجنس قوة"
ولشرح حالة الاغتصاب الزوجي، استعان الدكتور علي قرقر بمقولة ذُكرت في مسلسل House of Cards وهي: "كل شيء في الحياة متعلّق بالجنس، إلا الجنس. الجنس متعلّق بالقوة"، قائلاً إن المقولة تفسّر التحرّش العلني الذي قد يكون لمسة، أو عبارة بنبرة جنسية، من دون أن يكون هناك "مردود استثاري"، ولكنه يُشعر المتحرّش بالقوة.
وتابع لرصيف22: "لكِ أن تتخيلي في مجتمعات يمكن وصفها بالبطريركية والذكورية كيف يتعامل البعض مع زوجة ترفض الجنس".
ولفت إلى أن "الاغتصاب الزوجي قد يحظى بقدر عالٍ من التطبيع في مجتمعات تمارس الزواج التقليدي أو الزواج من دون موافقة حقيقية من الزوجة أو زواج الفتيات المبكر".
ولفت الطبيب إلى أن الاغتصاب الزوجي ليس بفداحة الاغتصاب التقليدي أو أنه قد يؤدي لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD مثلاً، ولكنّه "يخلّف إحساساً بعدم الأمان، وهو احساس متكرر ومستمر لعلم الزوجة أنها عُرضة للاغتصاب في أي وقت".
وأضاف أنه قد يتسبب باضطراب نفسي ويؤدي لأعراض واضطرابات الاكتئاب أو القلق أو إلى كليهما.
لماذا يُشرَّع الاغتصاب الزوجي؟
فيما تتعرض 35% من النساء لاعتداء جسدي أو جنسي من الشريك الحميم، بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، لا تزال العديد من المجتمعات تشرّع هذا الاغتصاب لثلاثة أسباب هي: عدم تجريمه، سوء تلقي النصوص الدينية واعتبار الجنس حقاً شرعياً يمكن للزوج المطالبة به في أي وقت، ونقص الوعي الجنسي.
واعتبر تقرير للأمم المتحدة أن "المنزل هو أحد أخطر الأماكن بالنسبة للمرأة"، نظراً إلى أن 4 دول من 10 تجرّم الاغتصاب الزوجي، منها: الولايات المتحدة وبريطانيا ونيبال وجنوب أفريقيا، علماً أن نحو 50 دولة تجرّم الاغتصاب الزوجي، وليس بينها دولة عربية واحدة.
وفي تقرير الأمم المتحدة نفسه، أشارت ناشطة مصرية في مجال حقوق المرأة تدعى مروة شرف الدين إلى أن "البعض ينظر إلى عقد الزواج في العالم العربي وكأنه تصريح جنسي".
وتدرج الأمم المتحدة الاغتصاب الزوجي تحت بند "العنف ضد المرأة" الذي أعلنت عام 1993 عزمها القضاء عليه، معتبرةً إياه "مثل السرطان، سبب جوهري للوفاة والعجز للنساء في سن الإنجاب، وسبب أخطر يؤذي للعِلّة مقارنة بحوادث السير والملاريا معاً".
"قال لي في ليلة الدخلة إن الملائكة ستلعنني بعدما بكيت من الألم"... سعوديات يطلقن هاشتاغ #سعوديات_نطالب_بتجريم_الاغتصاب_الزوجي، لماذا يعتبر بعض الرجال الجنس "قوّتهم"؟ ولماذا يُشرَّع الاغتصاب الزوجي؟
تقول الأمم المتحدة إن 35% من نساء العالم يتعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي من الشريك الحميم، معتبرةً أن "المنزل هو أحد أخطر الأماكن بالنسبة للمرأة"... لماذا يُشرَّع الاغتصاب الزوجي في الدول العربية؟
باسم الدين
عدا عدم تجريم الاغتصاب، وقلّة الثقافة الجنسية في مجتمعات يخجل بعضها من الحديث عن الجنس، تعد التفسيرات الدينية أحد أسباب تشريع الاغتصاب الزوجي.
وعلى موقع "إسلام وِب" الذي يطرح عليه البعض أسئلة لتلقي فتوى دينية، سأل شخص: "هل إذا دعا الزوج زوجته للجماع وهي غاضبة منه لمشكلة ما وأبت، فهل هذا حرام؟ علماً أنها كانت تريد منه أن يصالحها أولاً".
فجاء الردّ: "من حق الزوج على زوجته أن تمكنه من نفسها متى طلب منها ذلك إلا لعذر من مرض وحيض ونحوه، وهذا الحق ثابت له بتسليمه مهرها المعجل"، مضيفاً أنه "لا يجوز لها الامتناع لغير عذر وليس الغضب عذراً في الامتناع، فكما أنه لا يجوز له الامتناع عن النفقة لغضب، فلا يجوز لها الامتناع عن الوطء له، فاستحقاقه للوطء مقابل استحقاقها للنفقة، ولكن ينبغي للرجل مراعاة شعور امرأته وعدم الإغلاظ عليها وأخذ حقه منها بعنف، فإن اللين والرفق ومعالجة الأمور بالحكمة من شأن أهل الفضل والعقل".
في سياق متصل، ورداً على النصوص الدينية التي أباح سوء فهمها اغتصاب الزوجة، أصدر مفتي الجمهورية التونسية، حمدة سعيد، عام 2015 فتوى قال فيها إن "الإسلام حرّم الإكراه على الجماع بين الأزواج"، مشيراً إلى أن الإجبار لا يوجد في العلاقة الزوجية، وأن الإسلام حثّ على المودة بين الرجل والمرأة، كما ساوى بينهما وخلقهما من نفس واحدة، معتبراً ما هو عكس ذلك "جهلاً بالدين".
ولفت إلى أن الإسلام فرض على الزوجين "آداب المعاشرة الزوجية"، وأن الرسول أوصى أن تكون لهذه العلاقة مقدمات تحبب فيها، وبالتالي لا يمكن أن تقام على الإكراه.
وتعليقاً على الحديث الذي جاء فيه "إذا دعا أحدكم زوجته للفراش فأبت فهي باتت في غضب الله"، قال المفتي إن تفسير هذا الحديث مربتط بـ"الحالات العادية" التي تكون فيها المرأة على استعداد، ويكون فيها الجو ملائماً للعلاقة الجنسية.
"ستجبريني على خيانتك"
أشار موقع الحب ثقافة إلى أن هناك أشكالاً أخرى للاغتصاب الزوجي، منها ممارسة الجنس مع الزوجة وهي غير واعية، أو تهديدها بالإيذاء إن لم ترضَ، أو ابتزازها عاطفياً.
ويأتي الابتزاز العاطفي حينما تكون الزوجة متعبة أو غير مستعدة نفسياً لممارسة جنسية، فيوجه لها الزوج عبارات من قبيل "أنتِ باردة جنسياً"، أو "ستجبرينني على خيانتك"، أو تهديدها بالزواج عليها، أو اتهامها بأنها زوجة سيئة ومحبِطة لزوجها، وإهانتها والانتقاص من أنوثتها.
ويقدّم بعض الأزواج الحب والاهتمام مقابل الجنس بقولهم: "أحبك عندما لا تعارضينني" أو "وافقي دائماً ولن نتشاجر" أو "هكذا تكونين زوجة حقاً"، وهو ما يدفع بالزوجة لقبول ممارسة الجنس، وهي غير راغبة فيها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...