أثار قرار الحكومة المحلية في كربلاء حالة من السخرية بين المواطنين، بعدما دشنت نصباً تذكارياً لعمال النظافة في المحافظة، في الوقت الذي يشتكي فيه هؤلاء سوء ظروف العمل وتأخر صرف المستحقات المادية.
مطالبة بـ"الحقوق"
وقال محافظ كربلاء نصيف الخطابي خلال إزاحة الستار عن النصب إن وجود هذا النصب "وسط مدينة كربلاء يجسد أهمية دعم شريحة العمال التي تمثل طبقة مهمة في المجتمع"، ورفع عمال نظافة من المحافظة مطالبات بصرف مستحقاتهم ومنحهم حقوقهم، بدلاً من تشييد نصب لهم.
ومن المطالبات التي رفعها العمال، صرف رواتبهم شهرياً وليس يومياً، وتحديد مواعيد ثابتة لذلك، والتثبيت كعمال دائمين، وتطبيق شروط تضمن ظروف عمل عادلة تحفظ سلامتهم البدنية والنفسية.
وتباينت ردود الأفعال بشأن خطوة تشييد النصب، بين من رآها إيجابية تعكس احترام هذه الفئة التي عانت التهميش والنسيان وأحياناً "التحقير"، ومن رآها "استعراضية" ولا تفيد العمال.
ظروف عمل صعبة
وعلى الرغم من تدني أحوال شرائح مختلفة من العمال في العراق، فإن معاناة عمال النظافة تحديداً تعد قاسية. لأن عملهم لا يقتصر على الأجور الزهيدة ولا على التهميش فقط، بل إنهم يجدون مشقة كبيرة خلال ساعات الدوام الطويلة، لا سيما لدى رفع الركام والأنقاض إثر حوادث التفجير التي تضرب البلاد. عدا أنهم يضطرون أحياناً إلى رفع بقايا أشلاء الجثث بعد انتهاء عمل المسعفين.
وفي آذار/مارس الماضي، نظم العشرات من عمال النظافة ببلديات ذي قار تظاهرة سلمية في الناصرية (جنوب العراق)، ناشدوا خلالها المسؤولين تحسين رواتبهم أسوةً ببقية موظفي الدولة. ورفعوا لافتات كتب عليها "انصفوا عمال النظافة" و"نطالب بإنصاف موظفينا أسوة بباقي الوزارات"، وتضامن معهم عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أن الأجر اليومي (لا يزيد على 5 دولارات لكل منهم) لا يكفي لزيارة طبيب.
بدلاً من تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور، شادت محافظة كربلاء نصباً تذكارياً لعمال النظافة… هل هذه البادرة تقدير لهم أم مجرد استعراض؟
نصب عمال النظافة في الدول العربية
وكانت محافظة ذي قار الجنوبية أولى المحافظات العراقية في تشييد نصب لعمال النظافة في أيلول/سبتمبر عام 2014. اللافت أن إقامة النصب جاءت عقب قرار للمحافظة بخفض الرواتب قالت آنذاك إنه اضطراري بعد قرار لوزارة المال العراقية قضى بإنهاء خدمة 30% من موظفي الخدمات.
ونهاية عام 2017، أقامت مدينة "منزل جميل" في بنزرت التونسية نصباً يصور مجموعة من عمال النظافة في مدخل المدينة، في حركة رمزية تعكس تقديرها لجهود "جنود الخفاء" في تنظيف المدينة وتحسين جودة الحياة.
وفي شباط/فبراير عام 2018، أعلن محافظ جنوب سيناء خالد فودة بدء خطوات إنشاء "ميدان ونصب تذكاري" لعمال النظافة في مدينة شرم الشيخ السياحية اعترافاً بدورهم الفاعل في المحافظة.
وفي آذار/مارس الماضي، افتتح نصب من الحجر الأبيض لعامل النظافة في منبج (شمال سوريا) تقديراً لجهود من وصفوا بأنهم "مهندسو أناقة المدينة" و"الجنود المجهولون الذين يعملون على قدم وساق من دون الاكتراث لأحوال الطقس القاسية، صيفاً وشتاءً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...