قبل بضعة أيام، أقدمَ أمريكي مهتم بالتاريخ المصري القديم على صنع رغيف من خميرة مستخلصة من خميرة مصرية يعود عمرها لأكثر من 4000 عام، في فرن عصري في مدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا.
اللافت أن شيموس بلالكي، وهو مطور أجهزة Xbox وعالم فيزياء و"طالب يذاكر كثيراً” بشأن ما يتعلق بصناعة الخبز، يبث مقاطع الفيديو لمخبوزاته عبر تويتر، وجد أن للرغيف المصنوع من المكونات نفسها وبأساليب شبيهة بأساليب المصريين القدماء، "رائحة ونكهة لا تصدقان".
ويؤكد بلاكلي أن "الأمر سار بشكل جيد. الفتات (من الخميرة القديمة) كان خفيفاً وجيد التهوئة".
هواية "الخبز والتاريخ القديم"
ثمة استبيانات تذكر أن أعداد عشاق الخبز والخميرة في تزايد، وأن اهتمامات بعضهم تتجاوز العلوم وفن الطهو والتاريخ. أما بلاكلي فيعدّ هاوياً شاملاً، لأنه يجمع الخميرة البرية من غابات العصور الوسطى، ويعشق الحبوب القديمة ويصور مقاطع فيديو عن قرب (حتى بالإمكان سماع الصوت) أثناء صنعه الخبز وحتى يستطيع أتباعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي "تقدير ملمس العجين الجيد".
كما أنه "متحمس" بشكل خاص للتاريخ المصري القديم. قال عنه في مقابلة سابقة "إنه رائع جداً بالنسبة لي. أعتقد أنه مهم حقاً، ونحن مدينون كثيراً لهؤلاء الأشخاص القدامى".
وأردف: "غالباً، أو ربما دائماً، نفكر في الأشخاص الذين عاشوا في العصور القديمة على أنهم كانوا بسطاء أو أغبياء، هذا بالطبع جنون. كانوا بارعين".
وأعرب بلاكلي عن دهشته، هذا الأسبوع، من "رد الفعل الجيد لميكروبات الخميرة القديمة النائمة".
وأجرى تجربة مشابهة في نيسان/أبريل الماضي، إذ صنع رغيف خبز باستخدام سلالة خميرة قيل إن عمرها يعود إلى 5200 عام.
لم يستخرج تلك الخميرة بنفسه، لم يكن متأكداً من مصدرها بدقة. في الأثناء، ساعده التغريد في موقع تويتر حول تلك التجربة على التواصل مع آخرين يشاركونه في الهواية نفسها. إذ ذاك تعرف على عالم الأحياء في جامعة أيوا الأمريكية ريتشارد بومان وعالمة في الآثار والمصريات سيرينا لوف.
استخراج العينات من دون إضرار بالأواني
ابتكر بومان لبلاكلي طريقة لاستخراج سلالات الخميرة من القطع الأثرية القديمة من دون إلحاق الضرر بها. كذلك ساعدته لوف في الحصول على القطع الأثرية، بما في ذلك الأواني الفخارية التي كان قدماء المصريين يستخدمونها في صنع البيرة وتخزينها وصنع الخبز، من متحف الفنون الجميلة في بوسطن ومتحف بيبودي لعلم الآثار والأجناس التابع لجامعة هارفارد.
وبحسب لوف، كان عليهما "تقديم جميع أنواع الوثائق، وتفصيل أساليبنا وإظهار كيف أنها تمثل تحليلاً غير تدميري (لا يضر بالأواني الأثرية)"، مؤكدةً "حالما تأكدوا أننا لم نؤذِ الأواني، أعطونا الإذن".
بعد ذلك، بدأ بلاكلي استخدام طريقة بومان لطرد عينات من الخميرة التي التصقت بالأواني الفخارية طوال آلاف السنين. وكانت لديه أيضاً عينة من الخبز الفعلي من المملكة المصرية الوسطى، عثر عليها في موقع المعبد الجنائزي للفرعون منتوحتب الثاني وتوجد حالياً في متحف الفنون الجميلة في بوسطن.
أمريكي يهوى الخبز والتاريخ المصري القديم يصنع رغيفاً من خميرة مصرية يعود عمرها إلى نحو 4000 عام، والمثير أن "الرائحة والنكهة لا تصدقان"
أمريكي يستعين بعالمة في الآثار والتاريخ الفرعوني للحصول على الأواني الفخارية القديمة المحتوية على بقايا خبز وأواني تصنيع البيرة وبعالم أحياء لاستخراج ميكروبات الخميرة النائمة آلاف السنين... والنتيجة رغيف خبز يفوق الخبز العصري نكهة ولذة
استخرج بلاكلي الخميرة، وأخذ العينات إلى منزله حيث استخدم الشعير والقمح وحيد الخلية لإيقاظ الخميرة النائمة.
الخميرة شيء حي، فطر. إنها تأيض الكربوهيدرات لتنتج الكحول وثاني أكسيد الكربون كمنتجات ثانوية. يساعد الكحول في صنع البيرة، ويفيد ثاني أكسيد الكربون في صنع الخبز، إذ يساعد الفقاعات على توسعة العجين.
ويشير عالم الأحياء بومان إلى أنه "لدى نفاد الطعام، تتحول ميكروبات الخميرة إلى خلايا نائمة، بدلاً من الموت، وتظل قادرة على البقاء في حالة الكمون آلاف السنين حتى يتم استخراجها".
اهتمام واسع بالتجربة
أضاف: "على الرغم من أن رغيف السيد بلاكلي المخبوز هذا الأسبوع ربما ضم السلالة القديمة من الخميرة، فهو لا يزال يعتبر هذه المحاولة جولة تدريبية".
وعلق على الاهتمام الكبير بها قائلاً "لا أفهم لماذا يهتم الجميع بهذا، لكنني سعيد لأنهم مهتمون. يعطينا هذا فرصة لإظهار العلم الجيد".
وحالما يتم التحقق من (عمر) العينات، يأمل بومان إجراء المزيد من التجارب على أساليب صناعة الخبز التي تحاكي أساليب المصريين القدماء. إنه يريد أيضاً صقل تقنية استخراج بَوغ (خلية التكاثر اللاجنسي التي تنقل النبات من حالة الخمول إلى النشاط، والعكس)".
واختتم بقوله "إن المشروع هواية لنا جميعاً. هو حقاً في مرتبة عليا بعلم الهواة، إذ يفعل الناس شيئاً لأنهم يعتقدون أن من الصواب فعله".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين