حملة أمنية مكثفة تشنها السلطات الكويتية على ما تصفه بـ"الحسابات الوهمية المتخصصة في إثارة البلبلة والفتنة وزعزعة الأمن والحط من كرامات الناس ونشر الأكاذيب" عبر "تويتر"، بلغت ذروتها مع تسجيل نحو 1100 شكوى ضد أصحاب 6 حسابات، بحسب صحف كويتية.
وذكرت جريدة "القبس" الكويتية، اليوم، أن "الحرب التي تشنها وزارة الداخلية، ممثلة بإدارة الجرائم الإلكترونية، تتصاعد على أكثر من مستوى أمني وقضائي، بالكشف عن مزيد من أصحاب هذه الحسابات واستدعاء متهمين جدد".
"حرب على مافيا تويتر"
أما جريدة "الراي" الكويتية فذكرت، نقلاً عن "مصادر مطلعة"، أن هذه "حرب على الابتزاز ضد مافيا تويتر الذين تحولوا إلى فاشينيستات (أصحاب موضة) سياسية يوجهون أسلحة النقد والتطاول والتجريح للآخرين".
وتسعى إدارة الجرائم الإلكترونية، التابعة للإدارة العامة للمباحث الجنائية في البلاد، إلى الكشف عن هويات أصحاب هذه الحسابات المتهمين بـ"السب والقذف وإثارة الفتنة".
وأشارت "القبس" إلى أن "بعض هذه الحسابات يديرها مغردون من الخارج، عبر شبكات إنترنت عالمية من الولايات المتحدة وهونغ كونغ وبريطانيا والصين، وصدرت أوامر بالقبض عليهم فور عودتهم إلى البلاد".
وأوضحت أن "التحقيقات مع مغرد يدير حساباً وهمياً خطيراً فجرت مفاجآت من العيار الثقيل لدى اعترافه بأسماء أشخاص متعاونين معه سرّبوا معلومات ومستندات ذات قيمة مهمة، بهدف الإضرار بسمعة شخصيات، واستغلال تويتر في تصفية حسابات، وجعله ساحة للإساءة إلى كرامة الناس".
ولفتت "القبس" إلى أن السلطات توصلت إلى هوية اثنين من أصحاب أكثر من 30 حساباً وهمياً تم رصدها أخيراً، أحدثها "مخطور، وجنوب السرة، ودسمان، وقناة بريطانيا الحرة، وقناة روسيا الحرة".
وذكرت القبس أن "النيابة تحقق مع متهمين جدد (5 أشخاص، أحدهم كويتي واحد على الأقل، بحسب "الرأي") بتهم تسريب المعلومات والتعاون مع المغرد المعروف بعتيج المسيان، الذي قالت إنه "مسجون حالياً في السجن المركزي، لافتةً إلى أن "فحص جهازه النقال من قبل جهاز أمن الدولة الكويتي كشف عن متهمين جدد".
"شبكات منظمة لابتزاز المسؤولين واختطاف القرار"
وكانت الصحف الكويتية أكدت خبر القبض على صاحب الحساب الذي يتابعه أكثر من 44 ألف شخصاً، في 21 من الشهر الجاري، مشيرةً إلى أنه "أحد المقيمين بصورة غير قانونية (البدون)"، وزاعمةً أنه اعترف بإدارة الحساب الذي قُدمت فيه نحو 400 شكوى، رفقة شخصين آخرين (في السويد وبريطانيا).
والمسيان صاحب أحد الحسابات المعروفة في الكويت وكثيراً ما ينتقد السعودية والإمارات، ودافع أحياناً عن قطر، وهذا ما دفع بنشطاء كويتيين إلى اتهامه بتلقي "دعم قطري". واعتاد الحساب الكشف عن قرارات حكومية مهمة بشكل استباقي وفضح الكثير من التجاوزات عبر هاشتاغ #الفساد_بالكويت، كان آخرها قضية شهادات مزورة لمسؤولين في مناصب مرموقة.
وأشارت "الرأي" في 24 من الشهر الجاري، نقلاً عن مسؤول رسمي لم تذكره، إلى أن القبض على المسيان كشف عن "مافيا تويتر وهي شبكات إلكترونية خفية كبرى تعمل بشكل منفرد أو جماعي، وتسعى إلى المال واختطاف القرار وإخضاع مسؤولين ونواب وشخصيات عامة، تستغل حساباتها الاجتماعية والإعلامية في الهجوم على الفريسة ثم ابتزازه وإخضاعه لها مقابل الحصول على المال أو المعلومات أو تعيينات ووساطات أخرى، أو إرهاب المسؤولين والنواب لاتخاذ مواقف أو قرارات معينة".
وأكدت أن 90 % من هؤلاء المخططين غير كويتيين، وكثير منهم موجود خارج البلاد.
"حرب على الابتزاز ضد مافيا تويتر الذين تحولوا إلى فاشينيستات (أصحاب موضة) سياسية يوجهون أسلحة النقد والتطاول"... هكذا فسرت السلطات الكويتية الحملة الأمنية غير المسبوقة على "الحسابات الوهمية"، وسط مخاوف على الحريات
"هل شيطنة تويتر هي الحل؟"... طرح متابعون السؤال متخوفين من أن تكون حملة السلطات الكويتية الواسعة على من أسمتهم "شياطين تويتر" ضد الحريات و"محاربي الفساد"
في سياق متصل، أكدت مصادر للرأي، اليوم، "رضوخ مسؤولين حكوميين وغيرهم لهذه الشبكات المنظمة الابتزازية"، معتبرةً "حاجة المسؤول إلى التلميع" سبباً لهذا الرضوخ. وأشارت إلى أنه "من غير المفهوم كيف يرضخ أحدهم لحسابات تشتمه فيزودها بالأموال والمعلومات ويقع لاحقاً تحت رحمتها بما يعرفونه عنه، وبما في هواتفهم من طرفه".
وأضافت: "مجلس الوزراء سيواصل متابعة وزرائه، وكل وزير مطلوب منه متابعة المسؤولين في وزارته ليتبين هل بينهم من يتعامل مع مثل هذه ‘المافيات‘ الالكترونية وإيقافه على الفور".
حملة ضد الحريات "ومحاربي الفساد"
في المقابل، نفى حساب المسيان أن يكون قد سجن، وذلك في تغريدة جاء فيها: "لكل اللي كان يقول أن تم القبض على عتيج المسيان أقوله ‘تخسي". واستمر الحساب في التغريد بعد نشر هذا التقرير ببضع ساعات.
واعتبر المسيان أن "الحكومة وبعض المتنفذين الفاسدين يحاولون تمرير قانون آخر يقيد الحريات أسوأ من الموجود حالياً، والهدف أن لا تتم محاسبة أي فاسد أو مزور أو حرامي وفي الوقت نفسه لا يقدرون إلا على البدون فتم اتهامهم بالحسابات الوهمية".
وكان قد كتب في 26 تموز/يوليو: "الفاسدين بالكويت حاسين بالخطر بسبب تويتر والحسابات اللي قدرت تكشف سرقاتهم وبيعهم للوطن بمبالغ زهيدة، صار تويتر أسوأ كابوس".
لكن "القبس" نقلت عن مصدر مطلع طمأنته الكويتيين على أن "حريات التعبير مكفولة، وكل مستخدم لمواقع التواصل يلتزم القانون لن يضره شيء، على قاعدة ‘لا تبوق ..لا تخاف‘"، مشدداً على أن "هذه الإجراءات تشمل المسيئين والمتجاوزين فقط".
هل شيطنة تويتر هي الحل؟
لتويتر والسياسة في الكويت ارتباط وثيق، يرويه الكاتب الكويتي داهم القحطاني في مقال منشور أمس في "القبس". وتعد البرلمانية الكويتية السابقة أسيل العوضي في عداد أوائل مستخدمي تويتر لدى انطلاقته، إذ دأبت على نشر صورها في مجلس الأمة عبره عام 2010، داعيةً بقية النواب لاستخدامه.
وظل انتشار تويتر في الكويت بطيئاً، حتى وقعت حادثة ديوان الحربش في 8 كانون الأول/ ديسمبر عام 2010 عندما أقدمت الشرطة الكويتية على الاعتداء على مواطنين عزّل لعقدهم ندوة سياسية.
آنذاك، فتح نواب المعارضة، الذين لم يجدوا فرصة لنشر تصريحاتهم الحادة جداً، حسابات لهم في تويتر، سرعان ما راجت.
ويرى القحطاني أن زيادة الاهتمام الكويتي بتويتر والعلاقة الوثيقة بين السياسة وهذه المنصة على وجه التحديد سببهما الحكومة الكويتية التي لم تدرك أجهزتها أهمية التحول المبكر للإعلام الجديد، في ظل ملل المواطنين من الإعلام التقليدي الذي يعج بالتصريحات الحكومية الرتيبة وغير الصادقة.
ويؤمن القحطاني، شأنه شأن فريق من الكويتيين، أن حل ما يحدث حالياً (أزمة تسريب المعلومات والحسابات الوهمية) "ليس بشيطنة تويتر وتقييده"، وهذا ما يعتبره "محاولة خاسرة ولن تؤدي إلا إلى زيادة عدد سجناء الرأي في الكويت".
في المقابل، يقترح الكاتب الكويتي "سن تشريعات عبقرية تقوم بتقييد المسيء ولا تتسبب بالضرر للمستخدم الإيجابي، وهذا ما يتطلب الذكاء والفطنة والحكمة".
وانتقد حساب لكاتب كويتي، يحمل اسم سعود العصفور، الحملة الأمنية على تويتر بالقول: "قانون تويتر في الكويت، أنت حساب مستعار عادي إلى أن تتعرض ‘لمصالحهم‘ فتصبح بعدها ساعياً إلى الفتنة والفوضى ومتجاوزاً للقوانين".
لكن فريقاً معارضاً، منه الإعلامي الكويتي راشد الهلفي، يرى أن ما تنشره هذه الحسابات "ينال من كرامة هذا الوطن (الكويت) وسمعته".
يُشار إلى أن تقريراً حقوقياً صدر عن "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" المصرية بالتعاون مع مؤسسة "مهارات" اللبنانية، في أيار/مايو عام 2015، أكد أن "الكويت هي الدولة الأولى عالمياً في ملاحقة رواد تويتر ، إذ لديها أكثر من 300 قضية ضدهم خلال عامين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...