كان عمر الديب، مهندس بترول، في طريقه إلى العمل بمدينة العبور جوار القاهرة، ولفت نظره أشخاص يأكلون من شجرة توت، فبدأ يفكر، لماذا لا يزرع شجراً مثمراً أمام منزله، يأكل منه الجميع.
هكذا حكى الديب، مؤسس مبادرة "شجَّرها" لاستبدال شجر الزينة بشجرٍ مثمرٍ في الحدائق والميادين العامة، عن بداية بزوغ فكرة مشروعه في عقله.
يقول الديب لرصيف22: "من زمان نفسي أعمل حاجة إيجابية، لكن ماكنتش عارف إيه هي، وكان في مخيلتي أن المبادرة تكون في مدينة العبور، لم أكن أتوقع أن تنتشر في أنحاء مصر أو الدول العربية".
البيروقراطية ترفض
توجه الديب، إلى هيئة المجتمعات العمرانية في مدينة العبور لعرض فكرته على رئيس الجهاز، إلا أن الروتين حال بينه وبين تنفيذ الفكرة في المدينة، وعرضها كذلك على الإدارة التعليمية في المدينة ذاتها، لتُعمّم الفكرة داخل المدارس، إلا أنه اصطدم برفض فكرته أيضاً.
اكتشف مؤسّس "شجرها"، بعد ذلك سبب رفض بعض الجهات الشجر المثمر، موضحاً: "رفضوا فكرة تعميم الشجر المثمر في المدارس وقالولي ممكن شجر زينة، واكتشفت أنهم بيخافوا من الجهاز المركزي للمحاسبات أن يحاسبهم على إنتاج الشجر المثمر وأين ذهب الربح، لذلك يخشى مدير المدرسة أن يدخل في الزراعة المثمرة".
وتابع: "الصفحة لم يكن بها إلا 150 مشتركاً، حتى وجدت يوم إيفنت ليوم الغذاء العالمي في محمية وادي دجلة في 2016، وقابلت وزير البيئة حينها، الدكتور خالد فهمي، وعرضت عليه الفكرة وهو ما أثار إعجابه، وزرع معايا شجر مثمر في المحمية".
معايير الاختيار
يختار الديب المكان الذي يصلح لزراعة شجر مثمر، وفق معايير عدة، منها: "وجود مصدر مياه صالح للري، بعيداً عن الضوضاء والتلوث، أن يكون في مدينة جديدة، وجود شخص يرعى الشجر، وأن يشارك أهل المنطقة في الزراعة حتى يشعروا بأن الشجر ملكهم".
أما بشأن المدن القديمة يرى الديب، أن الشجر المثمر لن يكون مفيداً فيها بشكلٍ كبير، لأن نسبة الضوضاء والتلوّث عالية، ولذلك فكر في استبداله بشجرٍ منتج للخشب يمكن استخدامه كخشب بعد زراعة الشجرة 10 أو 15 عاماً، وبذلك نستفيد من العائد الاقتصادي، مثل "الماهوجني والكايا".
أتمت المبادرة منذ إنشائها في منتصف 2016 وحتى الآن زراعة 50 ألف شجرة مثمرة، متنوعة بين التين والليمون والرمّان والخوخ، في مدن القاهرة والعبور والمعادي والشرقية ودمياط والغربية، كذلك شارك بعض متابعي المبادرة التجربة في دول مثل تونس وعمان وتركيا، بحسب الديب.
تدوير الزيت المستعمل
تعمل مبادرة "جرين بان" على إعادة تدوير الزيت المستعمل في المنزل أو المطاعم، وذلك للاستفادة منه بدلاً من تصريفه في مواسير الصرف الصحي.
تعمل المبادرة على تجميع الزيت المستعمل من البيوت من خلال مندوب، يصل إلى منزل المستخدم ويحصل على أقل كمية (5 لتر زيت)، وفي العادة يحصل المستخدم على هدايا مقابل الزيت المستعمل.
"البيئة ليست للإنسان وحده، لكنها ملك كل المخلوقات، لذلك أي تأثير سلبي من كائن يؤثر على كائن آخر"
تهدف "جرين بان" إلى حظر التخلّص من الزيت المستعمل من خلال إلقائه في الصرف الصحي، الأمر الذي سيجعل عملية فصل المياه وإعادة استخدامها في الري ذات تكلفة عالية، فضلاً عن صعوبتها نتيجة اختلاط الزيت بمياه الصرف وتكوين بقعٍ يصعب إزالتها.
تقوم المبادرة في الأساس على تحويل الزيت المستعمل إلى وقودٍ حيوي يمكن استخدامه كسولار ومنتجات صناعية استهلاكية أخرى، مثل الصابون والجلسرين، وذلك في مصنعٍ خاصٍّ بالمبادرة، وعقب عملية التحويل يتم تصدير جزء من الوقود إلى خارج مصر.
بين الحين والأخر توضّح المبادرة حجماً تقريبياً للمياه التي تم الاستفادة منها نتيجة عدم إلقاء الزيت المستعمل في مواسير الصرف الصحي، عقب حساب الزيت الذي حصلوا عليه.
حماية الشواطئ من البلاستيك
المبادرات الشبابية لم تتوقف عند هذا الحد، ففي إبريل 2019، دشن مجموعة من الشباب في أسوان، أقصى جنوب مصر، مبادرة "ضد البلاستيك" وشاركت المبادرة في حملات توعيةٍ في المحافظة ذاتها لحثِّ المواطنين على تنظيف شاطئ النيل، تقول منى راجح، واحدة من مؤسسي المبادرة: "نزلنا ننضف شاطئ النيل، والناس ساعدتنا ووزّعنا أكياس بلاستيك قابلة للتحلل".
تقول راجح، خلال حديثها لرصيف22: "البيئة ليست للإنسان وحده، لكنها ملك كل المخلوقات، لذلك أي تأثير سلبي من كائن يؤثر على كائن آخر".
تنشر "ضد البلاستيك" توعية لمخاطر استخدام البلاستيك على مواقع التواصل الاجتماعي على البيئة، لا سيما البحار والأنهار وعلى الحيوانات في الحياة البرية والبحرية، وذلك من خلال مواد مصورة أو فيديوهات، وتعمل على نشر الوعي الصحي بالمواد الخطرة التي تضر البيئة وتشجّع استبدال البلاستيك بمواد أخرى قابلة للتحلل، وتسير في خطوات توعية الدولة بشأن مصارف النفايات التي تصب في نهر النيل.
في سياقٍ متصل، تعمل مبادرة "ضد البلاستيك" على حثِّ المواطنين بشأن مخاطر استخدام البلاستيك في الحياة اليومية، وتوعية المواطنين بضرورة تقليل معدل استهلاك المواد البلاستيكية.
كان مهندس البترول عمر الديب في طريقه إلى العمل بمدينة العبور بجوار القاهرة، ولفت نظره أشخاص يأكلون من شجرة توت، فبدأ يفكر، لماذا لا يزرع شجرا مثمرا أمام منزله، يأكل منه الجميع
تقول منى، إن البلاستيك أصبح ضاراً بشكلٍ متفاقم، والاستخدام المتزايد أثّر سلبياً على البيئة، موضحةً: "نحاول قدر الإمكان تقليل ما نستهلكه من البلاستيك"، وتشير إلى أن بعض شركات المياه الغازية في بريطانيا بدأت تعبئة المياه في قارورة ألمنيوم بدلاً من البلاستيك، وتقول: "يمكن أن يطبق هذا الأمر في كل الدول خلال الأعوام المقبلة".
وقدمت المبادرة بعض البدائل التي يمكنها تقليل معدل استهلاك البلاستيك، توضح راجح: "يمكن تصميم أو شراء حقيبة قماش عند الذهاب إلى السوق ستوفر نحو 5 أكياس بلاستيك، كذلك يمكن شراء قارورة مياهٍ مصنّعة من البلاستيك الصحي، ويمكن إعادة استخدامها عشرات المرات، وبذلك سيوفر الشخص زجاجتي بلاستيك يمكن أن يشتريها يومياً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com