شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
حياتنا حالات وحالاتنا رقصات… تعرَّفوا على اليمن بـ

حياتنا حالات وحالاتنا رقصات… تعرَّفوا على اليمن بـ"هزّ الخصر"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الأربعاء 31 يوليو 201905:24 م

نشوة بانتصار المقاومة ضد المحتل، الزواج، الاجتماعات القبلية، فرحة استقبال العائد من السفر والغربة، لكل لحظة حالتها الخاصة، ولكل حالة رقصة، يتشاركها أبناء وبنات اليمن منذ قرون بعيدة.

"من خلال المناسبات والحفلات نتعلم الرقص بأي طابع، سواء أكان الرقص يمنياً أم خليجياً أم أجنبياً (غربياً)، فالمهم أن يمتزج جسدك مع الموسيقى، وتتحرّك أعضاؤك بكل مرونة"، يقول  يحيى هزاع (26 عاماً) من مدينة تعز.

يشرح يحيى أجواء الرقص في اليمن لرصيف22: "خلال مناسبات الزواج يُحضر أهل العريس فرقةً موسيقية تظلّ في الغالب أكثر من ثلاث ليال، نسهر فيها حتى منتصف الليل، نمضغ القات ونرقص بشكلٍ جماعي على مختلف الألحان".

يُفضّل يحيى الرقص اليمني بمختلف أنواعه، وخاصَّة اللحجي، وكذلك البرع الشعبي.

"الصنعانية" أحلى الرقصات

تتقن أم محمد (30 عاماً)، تسكن بالعاصمة صنعاء، عدَّة رقصات شعبية وعربية، فعلى أي نغم تستطيع تحريك أعضاء جسمها، ومن خلال الرقص تشعر بالنشاط والحيوية، وكلما ذهبت إلى مناسبة تتقن رقصة جديدة.

يختلف الرقص حسب الأغنية التي نسمعها، فلكل صوت شجي، ونغمة موسيقية إيقاعاتها الخاصة، وحركاتها الخاصة، فإذا أردت أن تتقن الرقصة فيجب أن تندمج روحك مع إيقاعات ورنين العود، بحسب أم محمد في تصريحات لرصيف22.

تفضل أم محمد، الرقصة الصنعانية، وترى أنها أجمل من الرقصات الأخرى لخفّة حركاتها، وأيضاً صعوبة تعلّمها، وتعتمد على النوتة التي يعزفها الفنان.

على الرغم من محاربة المجتمع للرقص ونظرته لهذا الفن من زاويةٍ ضيقة، بسبب النظرة الدينية المتشددة التي تحارب جميع الفنون الشعبية في اليمن، إلا أنها لم توقف علي المحمدي عن دراسة الرقص وتعليمه أيضاً.

في سبعينيات القرن الماضي، التحق علي المحمدي (60 عاماً)، يشغل حالياً مدير مركز الفنون الشعبية، وقائد فرقة الفرقة الوطنية للفنون بالعاصمة صنعاء، بفرق الرقص بمدينة عدن، التي كانت منها الانطلاقة الأولى لإنشاء الفرق الراقصة وتدريبها في اليمن، حيث جرى تكوين أول فرقة للفنون الشعبية عام 1974.

يعتبر الفنان علي المحمدي من الرعيل الأول للفرق الراقصة في اليمن، وحصل على الماجستير في فنون الباليه في مدينة سان بطرسبرغ الروسية عام 1985، وفضّل العودة إلى صنعاء لتدريب فرق الفنون الشعبية.

التراث الكبير الذي تمتلكه اليمن في الفنون الشعبية، غير المدوّن والذي بات عرضةً للاندثار والضياع، دفع علي المحمدي، وبمشاركة ياسمين الشلال، إلى تأليف كتاب يحوي العديد من الرقصات اليمنية، التي تصل إلى أربعمائة رقصة شعبية، من خلال النزول الميداني، ومتابعة ما يُكتب عن الرقص، وأيضاً ممارسته للرقص ودراسته في هذا المجال.

"تقف جماعات دينية متشددة أمام تدريس الرقص وتعليمه في اليمن"

ويؤكد علي الذي دوّن في كتابه "الرقصات اليمنية" 37 رقصة شعبية في 15 محافظة بإيقاعاتها وحركاتها وأزيائها، أنه لا يوجد زمن محدد لظهور الرقص في اليمن، ولا توجد أي معاهد لتدريس الرقص في اليمن، سوى المراكز الثقافية الحكومية، التي تخلو من الراقصين، بسبب عدم توفر الدعم الحكومي.

يقول علي المحمدي لرصيف22: تقف جماعات دينية متشددة أمام تدريس الرقص وتعليمه في اليمن.

ويضيف المحمدي: إن النظرة الدنيوية لمن يمتهن الرقص، والمعاملة المهينة، تجعلان الكثير من الشباب يرفضون الانضمام إلى فرق الفنون الشعبية في اليمن.

ولم تقم فرقة الرقص بالعاصمة صنعاء والتي يقودها علي المحمدي، أي أنشطة خلال السنوات الخمس الماضية، بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، بحسب المحمدي.

"من خلال المناسبات والحفلات نتعلم الرقص بأي طابع، سواء أكان الرقص يمنياً أم خليجياً أم أجنبياً (غربياً)، فالمهم أن يمتزج جسدك مع الموسيقى، وتتحرّك أعضاؤك بكل مرونة"

رقصة الحرب

تُعدّ رقصة "البرع الصنعاني" أشهر الرقصات في اليمن، وتُسمى "رقصة الحرب"، وعلى الرغم من انتسابها إلى العاصمة صنعاء الا أنها تنتشر في معظم المحافظات اليمنية، وتختلف الرقصة من منطقةٍ إلى أخرى، وهي خاصّة بالرجال، وتؤدى بشكلٍ جماعي ويستخدم فيها الجنابي، وهي الخناجر اليمنية المعقوفة، التي تُعدّ أبرز أوجه التراث في اليمن.

وتبدأ رقصة "البرع" بقرع "الطاسة"، وهي إناء نحاسي مغطى بالجلد، يصدر نغمات رنَّانة وقويّة ،ويصاحبه "المَرْفَع".

وتتكون إيقاعات "رقصة البرعة"، المشتقة من البراعة في اللغة العربية كما يطلق عليها في اللهجة اليمنية، من أربعة إيقاعات مختلفة مبنية بالأساس بشكل تصاعدي، وهي تبدأ بالدسعة ثم الوسطي والسارع وتنتهي بإيقاع الهوشلية، وتختلف مسمياتها من منطقة إلى أخرى، بحسب كتاب "الرقصات اليمنية" للمحمدي.

رقصة الأعياد

تشكل عودة السكان من المدن إلى الأرياف خلال إجازة عيد الأضحى  والفطر فرصةً لاجتماع رجال القبيلة، ويتبادلون الزيارات، ويحتفلون في ميدان واسع بعد صلاة العشاء حتى ساعات متأخرة من الليل، يضرمون فيها النيران ويبدأون بدق الطبول والرقص.

في محافظة إب وسط اليمن، كان الرقص واللعب يستمران حتى الفجر عقب عيد الأضحى، ونؤدّي عدة رقصات وألعاب، يقول قاسم قايد (70 عاماً) لرصيف22.

ويضيف: تبدأ برقصة البرع بشكل جماعي، ثم نؤدي رقصة البريشة، وهي نزال بين شخصين، وتُؤدَّى بعدة حركات قتالية، والغالب فيها الذي يتمكَّن من نزع العمامة من رأس خصمه بالجنبية، ونختتم ذلك بمسابقة الجارية، ويتم فيها ملاحقة شخص نلبسه لباس الجارية، ونظل نتصارع في الحصول عليها حتى ساعات متأخرة من الليل.

ويرى قاسم في رقصة البرع قياساً لقدرات الإنسان، ومهاراته القتالية، ورياضته البدنية، بل وأيضاً فرصة للالتقاء والاجتماع وحل المشكلات والنزاعات بين أبناء المنطقة.


أمُّ الرقصات الحضرمية

كانت رقصة العدة الحربية رمزاً لمقاومة أبناء حضرموت للبرتغاليين في الماضي، وتحولت إلى فن وفلكلور شعبي خلده التاريخ، ويحضر في كل المناسبات الاجتماعية والثقافية والوطنية.

تُسمَّى رقصة العدة الحربية أم الرقصات، وتعتبر رمزاً لمقاومة أبناء حضرموت للبرتغاليين في الماضي، وتحضر في كل المناسبات الاجتماعية والثقافية والوطنية

تُؤدَّى الرقصة بشكل جماعي في صفين متقابلين، تتفاوت أعدادهم، بملابسهم التقليدية يحملون بين أيديهم العصي، وتُستبدل بالسيوف أحياناً، يقول عيدروس الخليفي، الناشط الاجتماعي في محافظة حضرموت.

ويضيف عيدروس (38 عاماً) لرصيف22 أن الراقصين يرددون لحناً شعبياً "وولا كب وولا كب"، وبعد ذلك، يظهر شاعر في الوسط يلقي بيتين من الشعر، كل شطر يردّده أحد الصفين.

وترافق الرقصة الطبول "الدفوف والهاجر والمراويس والطويس”، وتعتبر أم الرقصات والأكثر حضوراً في المناسبات الاجتماعية من بين أخواتها "الشبواني" و"الزربادي" و"المساجلات الشعرية"، بحسب الخليفي.

لا يقتصر الرقص على الرجال فقط، بل إن للنساء اللواتي يختفين خلف جدران المنازل رقصات متنوعة، وتقام بمشاركة الرجال أحياناً، مثل الصنعاني واللحجي، ورقصة الشرح والحناء، وغيرها من الرقصات الأخرى.


وعلى الرغم من الثراء اليمني في الرقصات الشعبية، الا أن للرقصات العربية والأجنبية التي اكتسبوها من خلال التلفاز والإنترنت حضوراً ملحوظاً في المناسبات الاجتماعية، كما يقول الفنان الشعبي غمدان العاطفي (30عاماً).

ويقول العاطفي أن نسبة غير قليلة من اليمنيين يفضلون الرقص الخليجي والمصري، كما يتجهون نحو الرقص الغربي، ويحذر من أن التدافع نحو الرقصات غير اليمنية، سيؤدي إلى ضياع الكثير من الرقصات اليمنية واندثارها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image