شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ورحل فاروق الفيشاوي... بعد 45 سنة من الإبداع والمواقف الجريئة

ورحل فاروق الفيشاوي... بعد 45 سنة من الإبداع والمواقف الجريئة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 25 يوليو 201908:11 م

فجر 25 تموز/يوليو، انتهت مسيرة فنان "كان رمزاً من رموز الفن المصري، وسيظل"، كما وصفته نقابة المهن التمثيلية. مسيرة بدأت من الدراما التلفزيونية ومرت بالسينما والمسرح، وانتهت بوفاة قائدها فاروق الفيشاوي.

توفي الفيشاوي بعد إصابته بغيبوبة كبدية. خرج جثمانه من مسجد مصطفى محمود في منطقة المهندسين الراقية إلى قريته في محافظة المنوفية، حيث يدفن كما أوصى.

مسيرة حافلة بالأعمال المميزة

كان الفيشاوي، الذي التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بعد تخرجه من كلية الآداب، محظوظاً عندما عمل في العام 1979 مع اثنين من أهم رموز الفن في مصر هما الممثل الكوميدي المخضرم عبد المنعم مدبولي ومحمد فاضل مخرج مسلسل "أبنائي الأعزاء… شكراً"، الذي لمع فيه الفيشاوي.

ثم برز الفيشاوي في أعمال مهمة شكلت محطات أساسية في صناعة السينما في مصر. مثّل إلى جانب سعاد حسني وعادل إمام في"المشبوه". وشارك محمود عبد العزيز في "سوق المتعة"، ولعب دور البطولة، إلى جانب الممثل الراحل نجاح الموجي، في فيلم "التحويلة"، الذي مُنع سنوات طويلة من العرض في مصر. هذه أمثلة قليلة عن مسيرة امتدت أكثر من 45 عاماً.

كما تعد أعماله مع الفنان الراحل فريد شوقي مهمة، أبرزها: "الباطنية" و"فتوة الجبل" و"وحوش الميناء" و"عندما يبكي الرجال" و"الكف" و"الأستاذ يعرف أكثر".

ورغم تألقه سينمائياً، لم ينس الفيشاوي أن انطلاقته الفنية كانت من مسلسلات مهمة مثل "المفسدون في الأرض" عام 1973، و"أرض النفاق"، فكرر التجربة في أعمال تلفزيونية عدة، منها "ليلة القبض على فاطمة" و"زينات والثلاث بنات" و"ألف ليلة وليلة" و"دموع صاحبة الجلالة" و"قاتل بلا أجر" و"كناريا وشركاه".

كذلك قدّم الفيشاوي دور البطولة في مسلسل "على الزيبق"، وهو عمل درامي تربّت عليه أجيال عدة في مصر. 

ولم يفت الفيشاوي العمل على خشبة المسرح، فقدم بضعة أعمال مميزة، منها "الدنيا مقلوبة" و"البرنسيسة" و"اعقل يا دكتور" و"الناس اللي في التالت". أما آخر عمل مسرحي له فكان "الملك لير" لشكسبير بمشاركة الفنان يحيى الفخراني.

وكُرم الفيشاوي مراراً في مهرجانات محلية ودولية، أبرزها مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان طنجة. وحصل على درع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي في الملتقى العربي الرابع للمنتجين العرب، ودرع الأكاديمية الأفريقية السينمائية.

حياة "مثيرة" للإعجاب والجدل

ولد الفيشاوي في شباط/فبراير عام 1952. تزوج الممثلة المعتزلة سهير رمزي، ثم الممثلة سمية الألفي، وأنجب منها ولديه عمر وأحمد، والثاني بات ممثلاً معروفاً.

كعادته، أدهش الفيشاوي جمهوره حينما وقف، في 3 تشرين الأول/أكتوبر عام 2018، بعد تسلمه درع تكريمه في مهرجان الإسكندرية، معلناً بكل "بساطة وثبات" إصابته بمرض السرطان.

تدارك الفنان الذكي صدمة الحضور، وأوضح باسماً أنه فوجىء بالأمر وأكد لطبيبه أنه سيتعامل مع المرض على أنه "نزلة برد أو صداع وسيمر"، واعداً بـ"هزيمة المرض وحضور المهرجان في العام التالي".

ظهر الفيشاوي آخر مرة في جنازة زميله عزت أبو عوف، في شهر تموز/يوليو الجاري. ثم تدهورت حالته الصحية ودخل في غيبوبة كبدية قبل يومين من وفاته.

"نزلة برد أو صداع وسيمر"، هكذا قال فاروق الفيشاوي عندما كشف أمام الجمهور عن إصابته بالسرطان، واعداً إياه بهزيمة المرض، لكنه فارق الحياة بعد 10 أشهر...
فاروق الفيشاوي، كان "نجم شباك" في السينما والمسرح والتلفزيون كما سجّل مواقف وطنية وسياسية وفنية جريئة، قبل أن يرحل فجر اليوم إثر غيبوبة... 

تصريحات جريئة 

لم يكن إعلان الفيشاوي إصابته بالسرطان أكثر تصريحاته دهشة. قال سابقاً إنه أدمن تعاطي الهيروين والأفيون، وعبّر عن ندمه لأنه لم يتزوج زميلته ليلى علوي.

لم تقتصر صراحة الفيشاوي على الحديث عن حياته الخاصة، بل تجلت أيضاً في انتقاده ظاهرة "حجاب الفنانات المصريات"، التي قال عنها: "الفن لا يحتمل هذا النفاق الاجتماعي الذي يلعب على الحبلين".

وكان أكثر جرأة حين هاجم عادل إمام واصفاً إياه بـ"فنان النظام السابق"، في إشارة إلى نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مشدداً على أن إمام كان مع "توريث الحكم".

كما أثارت مجموعة من صورت المتداولة وهو يحتضن الفنانة إلهام شاهين، بعد يومين من إعلانه إصابته بالسرطان، على متن يخت بحري، الكثير من الشائعات حول ارتباطهما ومحاولة تعويض قصة حب قديمة. 

مواقف سياسية أكثر جدلاً

في ما يتعلق بمواقفه السياسية، لم يخش الفنان الراحل التصريح خلال المهرجان الدولي للفيلم العربي في وهران في الجزائر عام 2016، بأنه "ليس ضد (رئيس الجمهورية عبد الفتاح) السيسي بل ضد نظام الحكم العسكري"، برغم ما تشهده مصر من تضييق على معارضيها.

في السياق نفسه، أكد الفيشاوي أن ثورة 25 يناير ستظل ساكنة في قلبه وعقله ودمه، مشيراً إلى أنها "الثورة المصرية الحقيقية، التي سنحتفل بها ما دمنا على قيد الحياة، وسنعلم أولادنا أنها الثورة الحقيقية في هذا الوطن، وسيأتي 25 يناير وسنرفع رؤوسنا فخورين بما فعله رجل الشارع المصري فيها".

كما يحسب له تصريحه المعارض لجماعة الإخوان المسلمين وقت سطوتها السياسية في العام 2012، حين أجاب رداً على سؤال عن مدى قدرة الجماعة الإنصاف لدى حكمها البلاد، بأن "ما عهدناه وما نراه منهم لا يبشر بخير".

نعى الفنانون المصريون والعرب الفيشاوي. وأعرب الكثيرون عن حزنهم على رحيله، منهم عادل إمام وإلهام شاهين وأحمد السعدني وصلاح عبد الله وأحمد السقا وتامر حسني وعاصي الحلاني.

وكان المهرجان القومي للمسرح في مصر قد أعلن، الأسبوع الماضي، اعتزامه تكريم الفيشاوي خلال دورته المقبلة في آب/أغسطس المقبل. لكن الموت كان سباقاً إلى نقل الممثل الكبير من بين أهله وجمهوره إلى دار الخلود.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image