"يخوض المجتمع السعودي معارك مع الأفكار القديمة التي جعلت الجميع بلا استثناء يعيشون في كهف مظلم. فمن الظلم أن يخرج الجميع من الكهف ونبقى نحن أفراد مجتمع الميم داخله نعاني بلا ذنب"... هذا ما قالته مؤسِّسة منظمة "مختلف"، وهي أول منظمة سعودية مدافعة عن حقوق مجتمع الميم، روين عطيف (26 عاماً) لرصيف22، متمنية أن يأتي اليوم الذي لا تستثني فيه الحكومة السعودية مجتمع الميم، أي مثليي الجنس ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً، من أي قانون يُوضع لمكافحة الكراهية والتمييز.
راويةً عدم تقبلها عائلياً، تقول روين، المقيمة في مدينة ستوكهولم في السويد حالياً بعد حصولها على لجوء: "كانت أيام سوداء. لم يكن مظهري 'الذكوري' يعجب أمي، وبقية أفراد عائلتي. أعاني مع هويتي الجندرية كل يوم. ولم يشعر أحد منهم بالصراع الداخلي، لا أستطيع ارتداء ثياب الفتيات مثلما تريد أمي ولا إطالة شعري ولا تعديل ميولي الجنسية ناحية الإناث".
لفتت روين في حديثها إلى أنها "اعتمرت 100 مرة" لإقامتها (سابقاً) في مكة المكرمة مع عائلتها، ولكن العمرة والتقرب من الله لم "يصلحا" حالها، كما يعتقد البعض، مؤكدةً: "إذا كانت العبادة والصلاة تغيران الميول الجنسية، لتغيرت، لأني قضيت كل طفولتي ومراهقتي في الحرم المكي الشريف".
وأشارت إلى أنها هربت إلى بلد وسيط، ثم انتقلت إلى السويد بعد حصولها على حق اللجوء، مطلقةً المنظمة من هناك. وللمنظمة 15 عضواً من جميع أطياف مجتمع الميم، 13 منهم سعوديون، وواحد من الكويت وواحد من مصر. (بعضهم لا يزال عالقاً في السعودية بسبب نظام الولاية الذي بموجبه تحتاج المرأة البالغة إلى تصريح من ولي أمرها في أمور عدة، منها السفر إلى الخارج).
لدينا أربعة أهداف
تهدف المنظمة إلى تحقيق أربعة بنود أساسية هي: إلغاء تجريم المثلية ومظاهر اختلاف الهوية الجندرية، والتعهد بحماية مجتمع الميم من الاعتداءات اللفظية والجسدية، والسماح بتوعية المجتمع بأمور الجندر والميول الجنسية في جميع المدن السعودية، وتحديث الدين وفصله عن الرعاية الطبية الخاصة بمجتمع الميم.
"إذا كانت العبادة والصلاة تغيران الميول الجنسية، لتغيرت، لأني قضيت طفولتي ومراهقتي في الحرم المكي الشريف"... ظهور أول منظمة سعودية مدافعة عن مجتمع الميم
"يخوض المجتمع السعودي معارك مع الأفكار القديمة التي جعلت الجميع بلا استثناء يعيشون في كهف مظلم. فمن الظلم أن يخرجوا من الكهف ونبقى نحن"... روين عطيف تخبر رصيف22 تفاصيل إنشاء أول منظمة سعودية مدافعة عن مجتمع الميم
وقالت روين إن الفريق يسعى بهذه الأهداف إلى رفع مستوى حقوق أفراد مجتمع الميم الذين يرغبون في التعبير عن هوياتهم بشكل "مختلف". والاختلاف هنا يأتي بمعنى الكشف عن الهوية الجندرية الحقيقية والعيش بها بدلاً من تزييف أخرى، كخطوة أولى.
"جمعنا بين جريمتين"
تقول روين: "لا يوجد قانون في السعودية يسمح بإنشاء المنظمات بشكل عام، حتى لو كانت منظمة سلمية من حيث المبدأ في نظر المجتمع".
وأوضحت أن محاولة إنشاء المنظمات تعد جريمة قد يتعرض مؤسّسها لعقوبة، مضيفةً: "كنا نعرف إنه إذا كشف أمرنا، فسوف نقتل أو سنطلب الموت لنرتاح من التعذيب، لأننا جمعنا بين جريمتين في القانون الجنائي السعودي: الانتماء لمجتمع الميم وإنشاء منظمة تطالب بحقوقنا".
وتابعت: "نحن نموت في السعودية، المنظمة هي الحل الوحيد، وعلى أحدهم أن يفعل شيئاً، فالسعودية لا تستجيب أي مطالبات دولية لإصلاح أوضاعنا المأسوية".
"المثلية موجودة في السعودية"
في إشارة إلى مأسوية وضع مجتمع الميم في السعودية، تقول روين إن المثليين جنسياً يعانون من رهاب المثلية أيضاً، كما يخافون البوح بمثليتهم ويعيشون حالة إنكار لأنهم "مدركون أن الكشف عنها يؤدي إلى الحرمان من الحق في الحياة".
وتؤكد روين أن "المثلية موجودة في السعودية"، قائلةً إن المنظمة تتلقى الكثير من الرسائل، وقد تتلقى مزيداً منها لولا شعور البعض الدائم بمراقبة حساباتهم.
"يعتقدون أننا لا نفكر إلا في ممارسة الجنس"
لفتت روين إلى أن المجتمع السعودي كثيراً ما يربط المثلية الجنسية بـ"الدعارة والجنس"، موضحةً: "يعتقدون أننا نعيش حياة إباحية ولا نفكر إلا في ممارسة الجنس. المثلية موجودة بين المفكرين والمخترعين والمؤثرين. لديهم عقول مبدعة ومشجعة وميولهم الجنسية لا تمنعهم من أن يقوموا بخدمة أوطانهم".
وأكدت مؤسِّسة "مختلف" أن "المنظمة إنسانية حقوقية سعودية وطنية وليست معارضة سياسية"، وأنها "لن تسمح لأحد بالتسلق على معاناة مجتمع الميم لتحقيق أهدافه الخاصة".
وأضافت: "نفكر بدقة ولدينا نظرة بعيدة للأمور. لا نريد للمعارضين السياسيين مستقبلاً، وإن كانوا مؤيدين لحقوق مجتمع الميم، الانضمام للمنظمة حتى لا تكون هناك أي فرصة ولو بسيطة لتحويل قضايانا الإنسانية إلى أهداف سياسية... كما لا نريد لما بنيناه أن يذهب لأهداف أخرى على حساب حقوقنا الإنسانية العادلة في وطننا لأننا عانينا بما فيه الكفاية".
هنالك أمل
لا تستبعد روين إلغاء تجريم المثلية في السعودية، مرجحةً تحقيق ذلك عند "مراجعة النصوص الدينية التي على أساسها تم تشريع القتل للمثليين لأنها ملأى بالفجوات والتناقضات"، على حد تعبيرها، مضيفةً: "أتينا من نواة المجتمع السعودي ومن نواة الدين ومن قلب الحرمين الشريفين، لدينا كامل الإرادة للعمل على ذلك".
وأشارت إلى وجود آراء مختلفة بين أعضاء المنظمة حول المثلية، ولكن الجميع يتفق على أنها "ليست مرضاً بل ميول طبيعية، وليست محرمة".
وبعد تكفير وتخوين ومحاولات عدة لإغلاق الحساب "الذي لا يمثل المملكة"، بحسب البعض، على تويتر، يؤكد أعضاء المنظمة: "إذا اختلفت مع شخص لا تجرده من وطنيته وحبّه لوطنه وولي أمره. إن الذين غادروا من مجتمع الميم يحاولون صنع غد أجمل لجيل لا يرحل بسبب الاختلاف. الاختلاف لا يعني الإقصاء. فالوطن يتسع للجميع".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...