تتجه الحكومة المغربية إلى اعتماد مشروع قانون يسعى إلى إقرار إجازة أبوّة مدفوعة الأجر تصل إلى شهر كامل للآباء الجدد، بعد مساعٍ برلمانية لمد الإجازة التي لا تتجاوز حالياً الـ3 أيام.

ووفق ما أكدته وسائل الإعلام المحلية، أعدت الوزارة المنتدبة لإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية في حكومة سعد الدين العثماني، مشروعاً "بات جاهزاً للعرض قريباً" على مجلس الوزراء المغربي بهذا الخصوص.

تفعيلاً للمسؤولية المشتركة

وينطلق مشروع القانون من "المسؤولية المشتركة للزوجين" عن رعاية الأبناء لمنح كل أب حديث عطلة تمتد إلى شهر، بينها 11 يوماً مدفوعة الأجر.

وكان برلمانيون مغاربة قد طالبوا في اقتراح مشابه، قبل نحو 10 أشهر، زيادة مدة إجازة الأبوة إلى 30 يوماً، بغية "تمكين الآباء من المكوث قرب مواليدهم" في الأسابيع الأولى.

وتبنّت الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطني للأحرار في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) هذا المقترح الساعي إلى تغيير نصوص المادتين 269 و270 من القانون الرقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل.

وتضمن مقترح الكتلة البرلمانية: "يستفيد كل أجير بمناسبة كل ولادة من إجازة مدتها 30 يوماً، بينها 15 يوماً إجبارياً مدفوع الأجر، و15 يوماً اختيارياً بدون أجر".

ويضمن التعديل المقترح دفع المقابل المادي للأجير من قِبل مشغله بحلول موعد أداء أول أجر، بعد تقديمه وثيقة الولادة الرسمية.

تغير نظرة المجتمع

ودعمت الكتلة النيابية اقتراحها، قائلةً إن "نظرة المجتمع إلى العملية التربوية تبدلت داخل الأسرة خلال العقود الأخيرة في دول كثيرة من العالم،  هذا ما رسم ملامح جديدة لصورة الوالد في علاقته مع أفراد أسرته، وأثمر عن بعض الحقوق التي نالها الأب تدريجياً، ومنها الاعتراف بحقه في إجازة الأبوة التي اعتمدها المغرب كذلك بمنح الأجير 3 أيام مدفوعة الأجر".

وشددت على أن مقترحها يهدف إلى "دعم العدالة والمساواة في تطبيق القوانين والحرص على تعادل الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة"، منبهةً إلى ما تتحمله الزوجة قبل الولادة وبعدها من أعباء كثيرة تفوق طاقتها نظراً لغياب الأب أو انشغاله.

ما أهمية إجازة الأبوة؟

بشكل عام، تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن ثلثي الرضع في العالم يولدون في بلدان لا يحق لآبائهم فيها التمتع بإجازة مدفوعة الأجر ولو يوماً واحداً، وفق آخر تحليل للمنظمة الأممية والصادر في منتصف حزيران/يونيو عام 2018.

وفي ما يتعلق بأهمية هذه الإجازة، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا فور: "التفاعل الإيجابي والمُجدي مع الأمهات والآباء منذ البداية المبكرة يحدد نمو دماغ الأطفال ونماءهم طوال حياتهم، ويجعلهم يتمتعون بصحة وسعادة أكبر، ويزيد قدرتهم على التعلم"، مشيرةً إلى مسؤولية الحكومات في "تمكين الأمهات والآباء من القيام بهذا الدور".

وأشار تقرير المنظمة إلى "وجود أدلة على أن الآباء عندما يرتبطون بأطفالهم الرضع منذ بداية حياتهم، من الأرجح أن يقوموا بدور أكثر نشاطاً في نمو فلذات أكبادهم. كذلك تفيد الأبحاث بأن الأطفال عندما يتفاعلون تفاعلاً إيجابياً مع آبائهم، تتحسن صحتهم النفسية واعتدادهم بالنفس ورضاهم عن عيشهم على المدى الطويل".

ويشدد خبراء علم النفس والاجتماع على أهمية وجود الأب إلى جانب الأم في الفترة الأولى من الولادة نظراً لما تعانيه من آلام جسدية ونفسية، أبرزها اكتئاب ما بعد الولادة.

الحكومة المغربية تتجه إلى اعتماد مشروع قانون يمد إجازة الأبوة من 3 أيام إلى شهر … ما موقف باقي الدول العربية؟

برلمانيون مغاربة دعوا إلى إطالة إجازة الأبوة شهراً "مراعاة للعدالة والمساواة وتحقيق التوازن في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة"، مؤكدين أن "نظرة المجتمع تغيرت"

اتجاه عربي متزايد لإقرارها

وبينما تمنح جزر القمر إجازة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 10 أيام، يقرها الأردن والجزائر والمغرب ولبنان والإمارات لمدة 3 أيام فحسب.

وتبقى تونس صاحبة أطول إجازة أبوة مدفوعة الأجر في العالم العربي إذ تصل إلى 15 يوماً، بعدما عدّلت مدتها في مناسبة يوم المرأة العالمي (8 آذار/مارس) خلال العام الجاري بعدما كانت تقتصر على يوم واحد.

عالمياً، وافقت مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مطلع العام الجاري، على إقرار "إجازة أبوة" لمدة عشرة أيام حداً أدنى في جميع دول الاتحاد، في خطوة من شأنها تعزيز المساواة بين الجنسين.

وفيما لا تمنح 92 دولة في العالم الأباء الجدد إجازةً، تمنح كوريا الجنوبية واليابان إجازة أبوة مدتها عام مدفوع الأجر.