تندرج المادة ضمن "كتبي وكتّابي وكاتباتي" زاوية نلتقي فيها كلّ أسبوع مع روائي/ة أو مترجم/ة ليجيب عن أسئلةٍ ثابتة نتعرّف من خلالها أكثر على رواياته المفضّلة والكتّاب الذين أثّروا فيه، وعن علاقته هو مع نتاجه الأدبي.
في هذا الأسبوع نلتقي مع الروائي التونسي الحبيب السالمي, صاحب بكارة ونساء البساتين.
1. إذا قُيّض لك أن تقضي أمسية برفقة روائي من الزمن الحالي أو من الزمن الماضي، من تختار؟ ولماذا؟
ليست لدي رغبة في أن أقضي أمسية برفقة أي روائي. أجمل علاقة يمكن أن نقيمها مع أي روائي هي أن نقرأ أعماله. وعلى أي حال أنا أفصل بين الروائي بوصفه روائياً والروائي بوصفه إنساناً. هناك فرق كبير - كما تقول الكاتبة الفرنسية مارغريت دوراس - بين الأنا الكاتبة والأنا الاجتماعية. وإن كان لا بدّ أن أختار أظن أني سأختار الفرنسي مارسيل بروست.
صورته الرائجة (بشاربه الرقيق ومفرق شعره) توحي لي بأن من الممكن أن أقضي أمسية رائقة برفقته. أتصوّر أن الحوار معه حول ما كان يدور في ذهنه وهو يكتب رائعته "البحث عن الزمن الضائع" التي لا تشبه أي رواية أخرى سيكون مفيداً إلى حد بعيد. سأحاول أن أعرف ما إذا كان واعياً بأهمية ما كان يكتب. سأسأله أيضاً عن لغته. لماذا اختار أن تكون جملته طويلة جداً ومعقدة؟ وكيف استطاع أن يتجنب السقوط في البلاغة والإنشاء وأن يحافظ على جمالية لغته وصفائها. وإن قَبِل أن يرافقني في جولة في الأمكنة التي كان يتردد عليها في باريس سأكون سعيداً جداً.
2. إذا افترضنا أنه يحق لك توجيه سؤال وحيد لروائي تحبه، من هو الكاتب؟ وما هو السؤال؟
الروائي هو الجنوب أفريقي ج. م. كويتزي. والسؤال: في روايتك "الخزي" استطعت أن تبني عالماً ثرياً متكاملاً انطلاقاً من حكاية صغيرة. تبدو الرواية عميقة بقدر ما هي بسيطة. هل بذلت في كتابتها جهداً أكبر مما بذلت في رواياتك الأخرى، لكي تصل إلى هذه المعادلة الصعبة التي لا يقدر عليها الكثير من الروائيين.
3. ما هي الروايات التي تعتبر أنك لولا قراءتها لما كانت صنعتك الروائية ما هي عليه اليوم؟
كل الروايات التي أحببتها.
4. إذا سُمح لك أن تختار شخصية روائية واحدة لتقضي برفقتها يوماً كاملاً في مدينتك، من تكون هذه الشخصية؟ ولماذا اخترتها؟ وإلى أين ستصطحبها؟
"راسكولينكوف" الشخصية الرئيسية في رواية "الجريمة والعقاب" لدوستويفسكي. اخترته لأنه من أعمق الشخصيات الروائية ولأني أرغب في النقاش معه حول رؤيته للبشر "الأقوياء الذين يجب أن يعيشوا والفقراء الذين يجب أن يموتوا". سأصطحبه إلى قريتي "العلا" في ريف تونس. ربما يكتشف هناك أن البسطاء يستحقون هم أيضاً الحياة.
5. من الروائيين العرب، من هو الروائي الذي يعجبك وتظن أنه لم يقرأ بالشكل الكافي من قبل القراء العرب؟ وبأي رواية له تنصحهم؟
غسان كنفاني. أعتقد أن المناضل فيه عتّم على الكاتب. لغته كانت حديثة في عصره، وقصصه القصيرة جميلة.
"أحب أن أتناقش مع راسكولينكوف بطل رواية الجريمة والعقاب، حول رؤيته للبشر: (الأقوياء الذين يجب أن يعيشوا والفقراء الذين يجب أن يموتوا) وسأصطحبه إلى قريتي في ريف تونس، ربما يكتشف هناك أن البسطاء يستحقون هم أيضاً الحياة"، الروائي التونسي الحبيب السالمي
"في روايتي حفر دافئة، الرواة متعددون، وما يروونه عن حياتهم بالتناوب يتلاقي ويتقاطع ويتمازج فنشعر في النهاية كأنهم يروون حياة واحدة"، الروائي التونسي الحبيب السالمي
6. قسم كبير من الروائيين يقولون إنهم في طفولتهم أو يفاعتهم حين اكتشفوا رغبتهم في الكتابة، حاولوا تقليد رواية ما. هل حصل الأمر نفسه معك؟ وما هي الرواية التي حاولت تقليدها؟
موسم الهجرة إلى الشمال للروائي السوداني الطيب صالح.
7. حين تنهي روايتك فإنك بشكل ما تضع حداً لعلاقتك مع شخصيات الرواية، لتستطيع التفكير بشخصيات رواية أخرى. هل حصل معك أن طيف شخصية لاحقك بعد انتهاء الرواية، ولم تستطع التخلص منه بسهولة. من هي هذه الشخصية ومن أي رواية؟
الشيوخ الأربعة في رواية "عشاق بية".
8. من رواياتك، ما هي الرواية التي تعتقد أنها الأكثر طموحاً على صعيد البناء؟ لماذا؟
ربما هي "حفر دافئة" لأن الرواة فيها متعدّدون ولأن ما يروونه عن حياتهم بالتناوب جاء على شكل مقاطع طويلة تتقاطع وتتلاقى وتتمازج، بحيث نشعر في النهاية كأنهم يروون حياة واحدة.
9. لجملة البداية في الرواية أثر ساحر. ما هي البداية التي تبادرت إلى ذهنك مباشرة الآن، ومن أي رواية ولمن؟
كان بإمكاني أن أذكر لك جملة " اليوم ماتت أمي. أو ربما أمس. لا أدري.." التي تبدأ بها رواية "الغريب" لألبير كامو التي يذكرها الكثيرون للإجابة عن هذا السؤال. ولكني لن أفعل لسبب بسيط وهو أني لا أؤمن كثيراً بـ"سحر" جملة البداية. كل ما في الرواية مهم. للبداية قيمتها ولكن للنهاية أيضاً. هناك روايات غير مهمة على الرغم من أنها تبدأ بجمل رائعة.
10. ما هي آخر رواية قرأتها وأعجبتك وتحب أن تقترحها لقراء رصيف22؟
"ذكريات نائمة" للفرنسي باتريك موديانو. قرأتها بالفرنسية، ولا أدري إن ترجمت إلى العربية أم لا.
الحبيب السالمي روائي تونسي من مواليد عام 1951. يُقيم في باريس منذ أكثر من ثلاثة عقود. ترجمت أعماله إلى الإنكليزية، الفرنسية، النرويجية، العبرية، الألمانية، الإيطالية، وغيرها. صدرت له مجموعتان قصصيتان، وعشر روايات، من أبرزها: "عشاق بية"، "أسرار عبد الله"، "عواطف وزوارها"، "بكارة"، وقد وصلت روايتاه "روائح ماري كلير"، و"نساء البساتين" إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في دورتي 2009 و2012.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...