جدد المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان تأكيده عدم تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعرضه على القضاء المحلي عوضاً عن ذلك.
وخلال مقابلة له مع برنامج "بلا قيود" على بي بي سي عربية، بثت اليوم20 تموز/يوليو، أكد رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان أن "السلطات العدلية السودانية لديها القدرة التي تمكننا من محاسبة كل شخص داخل السودان".
ورداً على السؤال "أي أنكم لن تسلموا الرئيس السابق البشير إذا طلبت منكم المحكمة الجنائية الدولية؟"، قال البرهان: "نعم. المحكمة الجنائية الدولية نفسها أشارت إلى إمكانية المحاكمة داخلياً. هي تقول إن لم يحاكم داخلياً ينقل إلى المحاكمة بالخارج".
وأضاف البرهان: "عندما نتحدث عن اجتثاث النظام السابق ليس المقصود به الإقصاء نهائياً أو القطع من الجذور وإنما المقصود اقتلاع الفساد والمفسدين فقط. كل من شارك في الفساد عرضة للمحاسبة".
"من أقدم المطلوبين دولياً"
ويقبع البشير، الذي حكم السودان بقبضة من حديد 30 عاماً، في سجن كوبر على ذمة اتهامه بالفساد وحيازة مبالغ ضخمة من النقد الأجنبي. كما يُحتمل أن يواجه اتهامات بقتل متظاهرين خلال التظاهرات الشعبية التي أسقطت نظامه.
وكانت منظمة العفو الدولية قد ناشدت السلطات السودانية، في 17 نيسان/أبريل الماضي، تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، معتبرةً المساعدة في إفلاته من الاعتقال "فضيحة دولية وخيانة لمئات الآلاف من ضحايا جرائمه في دارفور".
ولفت تقرير المنظمة غير الحكومية آنذاك إلى أن "البشير من أقدم الهاربين من المحكمة الجنائية الدولية"، حيث صدرت بحقه مذكرتا اعتقال في 4 آذار/مارس عام 2009، وفي 12 تموز/يوليو عام 2010.
ويتهم البشير بالمسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية عقب أعمال القتل والتشويه والتعذيب بحق مئات الآلاف في إقليم دارفور السوداني، إثر الصراع الذي اندلع فيه عام 2003.
وبرغم عدم وجود إحصاء دقيق لعدد القتلى المدنيين نتيجة لهذا الصراع، تشير تقديرات إلى تجاوزه 300 ألفاً، بحسب الأمم المتحدة.
وأحال مجلس الأمن الدولي الوضع في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية عام 2005. واتهمت المحكمة الدولية البشير بتدبير الأحداث التي وقعت بين عامي 2003 و2008.
وصدر أمر اعتقال البشير استناداً إلى "أسباب معقولة للاعتقاد بأنه، فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ارتكب عمليات إبادة جماعية ضد قبائل الفور والمساليت والزغاوة العرقية".
مع إصراره على "حصانة" قضائية تُمنح لأعضائه، يتشدد المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان في رفض تسليم البشير إلى المحكمة الدولية التي تتهمه بجرائم اشترك فيها بعض رموزه
هل يسمح المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان بتسليم البشير للمحكمة الدولية، فيما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع متهمان معه بجرائم دارفور؟
ووجهت إليه في النهاية خمس تهم بارتكاب جرائم حرب، وتهمتان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وثلاثٌ بالإبادة الجماعية في دارفور.
10 تهم يتقاسمها معه "العسكر"
إلى جانب البشير، يُعد الجيش السوداني، وميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع) المتحالفة معه، والشرطة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني متورطين جميعاً في الاتهامات الموجهة إلى البشير.
وترى المحكمة الجنائية الدولية أن البشير لعب "دوراً أساسياً" في تنظيم الهجمات والاعتداءات غير القانونية ضد المدنيين، بما في ذلك قتل آلاف المدنيين واغتصاب آلاف النساء، وتعذيب أعداد ضخمة من المدنيين ونهب البلدات والقرى. بالإضافة إلى عمليات الترحيل القسري التي تعرض لها مئات الآلاف من المدنيين.
ويُعتبر تورط الجيش وقوات الدعم السريع في الجرائم المتهم بها البشير أحد أهم أسباب تشدد المجلس في عدم تسليمه لمحاكمة جنائية دولية. كما يشغل قائد وحدات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي) منصب نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم حالياً.
ومنذ اللحظة الأولى لانقلابه على البشير، في 11 نيسان/أبريل الماضي، أعلن المجلس العسكري عدم اعتزامه تسليم البشير، مصراً على محاكمته داخلياً.
وقال متحدث باسم المجلس آنذاك: "نحن كمجلس عسكري لن نسلّم الرئيس في فترتنا إلى الخارج. نحن عساكر، نحاكمه بحسب قيمنا. نحاكمه، لكن لا نسلمه".
وكان رئيس المجلس العسكري حينذاك هو عوض بن عوف المدرج أيضاً على قائمة العقوبات الأمريكية بسبب الجرائم المرتكبة في دارفور.
حصانة لكل العسكر
ويتزامن تصريح البرهان بشأن عدم تسليم البشير مع إصرار المجلس، الذي يتفاوض مع المعارضة السودانية بعد أشهر من الاضطرابات التي شهدتها البلاد، على بند يمنح أعضاءه "حصانة قضائية" ضمن الاتفاق النهائي للفترة الانتقالية المقبلة.
في سياق متصل، كشفت لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة بالمعارضة، في 20 تموز/يوليو، عن سقوط 268 قتيلاً، وجرح 1353 منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وكثيراً ما اتُّهمت قوات الدعم السريع بالوقوف خلف أعمال القتل والعنف والتعذيب والاغتصاب التي شهدتها البلاد أخيراً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...