حثّ زعيم كتلة المعارضة الرئيسية في البرلمان التركي بلاده على تغيير سياستها الخارجية، لا سيما عودة العلاقات الطبيعية مع مصر ونبذ جماعة الإخوان المسلمين، والكف عن تسليح الحكومة الليبية ودعم الحوار الداخلي.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال قليجدار أوغلو في كلمة أمام كتلته النيابية في البرلمان التركي: "لا بد من تغيير جذري في السياسة الخارجية لتركيا. فالسياسة الخارجية يجب أن تتوافق مع مصالح الأمة".
ويعدّ حزب الشعب الجمهوري الحزب المعارض الرئيسي، وله في البرلمان 142 مقعداً من 600، وينتهج الأيديولوجيا الكمالية (الأفكار المؤسسة لتركيا الحديثة والتي وضعها مصطفى كمال أتاتورك)، ويصنف حزباً اشتراكياً ديمقراطياً.
واقترح أوغلو تأسيس "منظمة سلام وتعاون لدول الشرق الأوسط تقودها تركيا"، مضيفاً: "سيتعين على البلاد تحمل عواقب وخيمة إذا اتبعت سياسة خارجية مغامرة".
"التصالح مع مصر شرط للسلام"
واقترح قليجدار أوغلو أمرين لتحسين السياسة الخارجية لبلاده، أولهما نبذ جماعة الإخوان المسلمين، وثانيهما التصالح مع مصر وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها.
وقال المعارض التركي البارز: "لتكسب تركيا في سياستها الخارجية فعلى (الرئيس رجب طيب) أردوغان أن يتخلى أولاً عن الإخوان المسلمين. من هم الإخوان؟ مصالح الدولة التركية فوق كل شيء".
وتابع مخاطباً الرئيس التركي: "ثانياً عليك أن تتصالح مع مصر التي نتشارك معها التاريخ والثقافة... على أي أساس نحن نخاصمها؟ هذه المخاصمة تنعكس سلباً على تركيا"، مضيفاً أنه "كي يسود السلام المنطقة، لا بد من تحسين العلاقات مع مصر".
ماذا عن ليبيا وسوريا؟
واستنكر أوغلو السياسة التي ينتهجها أردوغان في ما يتعلق بالأوضاع في سوريا وليبيا، وحث على "التوقف عن إرسال الأسلحة إلى ليبيا"، قائلاً: "ماذا تريدون من ليبيا؟ لماذا تغذي الصراع بين الأشقاء بينما يمكنك أن تكون وسيطاً لإنهاء الحرب؟".
وخلال الأسابيع الأخيرة، أفادت تقارير عدة بإرسال تركيا بضع شحنات من الأسلحة والعتاد لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً في ليبيا لدعمها في مواجهة المشير خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا، والمدعوم بدوره من أطراف عدة، على رأسها مصر والإمارات وروسيا.
إلى ذلك، شدد قليجدار أوغلو على أهمية وحدة الأراضي السورية بالنسبة إلى تركيا، مطالباً بعقد "محادثات على المستوى الرسمي مع سوريا (مع النظام السوري) في أسرع وقت ممكن"، ومتسائلاً: لماذا لا يوجد لدينا سفير في دمشق؟ ولماذا نعقد محادثات غير مباشرة (مع النظام عبر روسيا)؟".
انتقادات سابقة وتحذيرات
وهذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها قليجدار أوغلو السياسة الخارجية لأردوغان. سبق أن أكد في مقابلة مع صحيفة حرييت التركية الناطقة بالإنكليزية في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أن حزبه يسعى "لإصلاح السياسة الخارجية التي وصلت إلى طريق مسدود بسبب سياسات (حزب) العدالة والتنمية"، لافتاً إلى أن ذلك "سيكون صعباً وسيستغرق بعض الوقت".
ولفت إلى أن الزيارات الخارجية إلى مصر والعراق نجحت في تحسين العلاقات بعض الشيء، موضحاً أن تركيا ليست "العدالة والتنمية" فحسب، ومنتقداً "دعم حزب أردوغان لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات أخرى أكثر تطرفاً بطرق مختلفة، لا سيما المتشددين في سوريا، حتى جر تركيا إلى مستنقع حيث تنظيمات إرهابية تعمل على سلب أموال مواطنينا وأرواحهم".
وركّز قليجدار أوغلو على أن بلاده بسبب سياسات حزب أردوغان "المغامرة" باتت "أقل نفوذاً وثقلاً في المنطقة، وأكثر شبهةً بالارتباط بالجماعات الإرهابية، ومعزولة".
وهاجم سياسات حكومة أردوغان في العام 2015 إثر تجميد مصر اتفاقية "الرورو" للنقل البحري، التي جرى توقيعها في العام 2012 لتسهيل نقل صادرات البلدين واستغلال الموانئ المصرية لنقل الصادرات التركية إلى دول الخليج العربي.
وفي حزيران/يونيو 2015، حذر المعارض البارز الرئيس التركي من أي تدخل عسكري في سوريا، قائلاً: "أنا أحذرك. أنت لا تجرؤ. لا تجر البلد إلى مغامرة، ستكون التكلفة باهظة جداً ليس على السياسيين فحسب، بل أيضاً على الناس الذين سيدفعون الثمن".
زعيم المعارضة في تركيا ينتقد سياسة أردوغان الخارجية ويقول إن نبذ الإخوان المسلمين يفيد "المصلحة الوطنية"
هاجم أردوغان سابقاً وقال له: "أحضرت إشارة الأربع أصابع الخاصة بجماعة إرهابية وجعلتها رمزاً"... زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو للرئيس التركي: "عليك أن تتصالح مع مصر... هذه المخاصمة تنعكس سلباً على تركيا"
كذلك هاجم قليجدار أوغلو أردوغان سابقاً بسبب انحيازه للإخوان المسلمين. وقال في حزيران/يونيو 2017: "مصر والسعودية والإمارات تصنّف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لكن أردوغان يجعل من شعار ‘رابعة‘ رمزاً لحزبه (العدالة والتنمية). هذه ليست حركة محلية أو وطنية. أنت (أردوغان) أحضرت إشارة الأربع أصابع الخاصة بجماعة إرهابية وجعلتها رمزاً".
واعتمد أنصار الإخوان المسلمين علامة الأربع أصابع في إشارة إلى مقتلة ميدان رابعة العدوية في القاهرة، والذي شهد مجزرة دموية أثناء فض اعتصام أنصار الرئيس المصري السابق محمد مرسي في آب/أغسطس 2013، خلّفت مئات القتلى وآلاف المعتقلين.
ورفض أردوغان انتقادات أوغلو آنذاك، وسخر منه بقوله إن "الشخص الذي كان يقود أكبر أحزاب المعارضة غيور جداً بسبب إيماءتي"، موضحاً أنه يقصد بإشارة الأصابع الأربع "بلد واحد، علم واحد، أمة واحدة، وولاية واحدة".
وبدأ التوتر في العلاقات بين تركيا ومصر مع إطاحة الرئيس محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه في العام 2013، عندما ناصرت تركيا الجماعة.
وبلغ التوتر ذروته مع مطالبة مصر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 السفير التركي بمغادرة البلاد معتبرةً إياه "شخصاً غير مرغوب فيه"، لترد أنقرة بالمثل مخفّضةً مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى درجة "القائم بالأعمال".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...