شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
بيع رأس توت عنخ آمون في لندن… كيف فشلت مصر في استعادة آثارها المنهوبة؟

بيع رأس توت عنخ آمون في لندن… كيف فشلت مصر في استعادة آثارها المنهوبة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 4 يوليو 201904:50 م

على الرغم من الغضب الشعبي المصري وجهود يقول المسؤولون عن الآثار إنهم بذلوها، تعرض صالة "كريستيز" رأساً للإله آمون بوجه توت عنخ آمون،  للبيع في مزاد علني مقابل 4 ملايين جنيه إسترليني (قرابة 5 ملايين دولار) 4 يوليو/تموز في لندن. 

وتسبب إعلان الصالة عرض القطعة الأثرية التي يبلغ عمرها 3000 عام، بتوتر العلاقات بين لندن والقاهرة. وتمسكت الصالة بما اعتبرته "حقها" في إتمام بيع القطعة التي حصلت عليها من تاجر الآثار الألماني هاينز هيرزر عام 1985، مشددةً على أنها خرجت من مصر في ستينيات القرن الماضي. غير أن السلطات المصرية وتقارير صحافية كذبت هذه الرواية. 

هل تحمي مصر آثارها؟

وينتقد مدير عام النشر العلمي بآثار أسوان أحمد صالح، تعامل  المسؤولين المصريين في قضية بيع الرأس الأثري، مؤكداً أنه "اقتصر على التصريحات العنترية (الاستعراضية)".

ويذكر المختص في الآثار المصرية في حديثه لرصيف 22، بواقعة يراها مماثلة، عندما باعت الدار نفسها (كريستيز) تمثال سخم-كا في يوليو/تموز عام 2014.



ويقول صالح: "هي الأزمة نفسها والتعامل الرسمي الهزيل نفسه، رغم أن ملكية القطعة معروفة والصالة لا تمتلك وثائق واضحة بأحقيتها فيها إذ يقتصر عمل الجهات الحكومية على نظام المراسلات الروتينية من الخارجية المصرية إلى  السفارة المصرية في لندن والتي تحدثت بدورها إلى الخارجية البريطانية".

ويردف: "فشلت هذه الطريقة في إعادة تمثال سخم-كا، فلمَ نعيد الكرة مع حادثة بيع رأس توت عنخ آمون؟".

أضاف صالح "كان واضحاً من بداية إعلان الدار عن المزاد أننا فقدنا الرأس للأبد. اكتفى المسؤولون في وزارتي الآثار والخارجية بمحاولة تهدئة الرأي العام الغاضب عبر التصريحات الاستعراضية بأن الرأس لن يباع مهما كان، قبل أن يطلعوا حتى على ما لدى الدار من وثائق". 

وأوضح صالح أن كريستيز "تكذب بلا شك وليس لها الحق في بيع الرأس، لكنها حرصت على اختلاق رواية تفيد بأن القطعة خرجت من مصر قبل عام 1960، حتى تكون بعيدة عن المساءلة قانونياً وفق اتفاقية اليونسكو بشأن منع وحظر تصدير الممتلكات الثقافية بطرق غير شرعية والتي وقعت عام 1970".

واستشهد صالح بتقرير خاص لموقع "Live Science"، نشر في 25 يونيو/حزيران الماضي، دحض رواية كريستيز بتواصله مع أسرة الأمير فيلهلم فون ثور أوند تاكسي الذي زعمت الدار أن التمثال كان بحوزته بين عامي 1973 و1974. ونفت الأسرة امتلاك الأمير التمثال في أي وقت، وفق التقرير.

ويقول صالح: "كان على المسؤولين المصريين استغلال هذا التقرير المهم للمطالبة بوقف البيع لأنه يؤكد أن الرأس خرج من مصر بطريقة غير شرعية".

يتابع:" كان بإمكان السلطات المصرية الضغط أكثر على نظيرتها البريطانية للتدخل ووقف البيع بدلاً من موقفها السلبي الراهن. هناك أكثر من 50 بعثة بريطانية تعمل في مصر حالياً.  كان وقفها سيرغم البريطانيين على التحرك قبل المصريين لوقف هذه الجريمة".

حلول مستقبلية للحفاظ على الآثار المصرية

ورغم أن صالح عكف على التذكير بعرض الرأس عبر حسابه على فيسبوك منذ 11 يونيو/ حزيران على مدار الساعة، فإنه يرى أن "الرأس ضاع منا (من مصر) للأبد، والأهم هو منع حدوث سرقة مثلها مستقبلاً، إذ ما دام هنالك دور العرض فسيستمر بيع التاريخ".

ويقترح صالح لمنع ذلك: "تعديل اتفاقية اليونسكو لحظر بيع القطع المسروقة بالتفاوض وحتى الضغط على اليونسكو لتشمل حظر بيع أي قطعة أثرية تم الاستيلاء عليها بطريقة غير شرعية حتى إذا حدث ذلك قبل تاريخ توقيع الاتفاقية" لوقف مثل هذه الحالات على المدى البعيد.

أما داخلياً، فيوصي المختص بالآثار المصرية بـ"تسجيل القطع الأثرية التي تم العثور عليها قبل عام 1970. يحتاج ذلك مشروعاً قومياً ضخماً يمتد لعشر سنوات من وزارة الآثار بتكريس شباب الأثريين للعكوف على قراءة الدراسات التي تدور حول الكشوف التي جرت قبل التاريخ المذكور وتحديد القطع التي عثر عليها جميعاً ومن ثم تسجيل أي منها خرج على سبيل الإهداء وأي منها غادر البلاد بطريق القسمة (منح المكتشف 10% من القطع المكتشفة) وأي منها خرج بطريقة غير شرعية".

الموقف الرسمي:"بريطانيا خذلتنا"

وشرعت كريستيز، 3 يوليو/تموز، في عرض نحو 32 قطعة آثار مصرية متنوعة، بينها تابوت خشبي يعود للأسرة السادسة والعشرين، وتمثال لقطعة من البرونز يعود للفترة نفسها، وتمثال آخر لقطة من العصر البطلمي، وتماثيل أوشابتي، وقناع لمومياء من العصر البطلمي، في حين تستكمل الخميس 4 يوليو/تموز مزادها بعرض رأس توت عنخ آمون.

وفي أول رد فعل رسمي، اعتبرت وزارتا الخارجية والآثار المصريتان، في بيان مشترك الأربعاء، أن ما تقوم به دار كريستيز "أمر يتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية"، وأشارتا إلى أنها "لم تستجب للمطالب المصرية المشروعة على مدار الأسابيع الماضية والخطوات الرسمية من الوزارتين واليونسكو ووزارة الخارجية البريطانية، ولم تقدم للجانب المصري المستندات التي تثبت أحقيتها بالقطع الأثرية".

كما أكد الأمين العام للمجلس المصري الأعلى للآثار مصطفى وزيري، مساء  3 يوليو/تموز، فشل الجهود المصرية لوقف عملية البيع قائلاً "بريطانيا

خذلتنا".

رأس الإله آمون بوجه توت عنخ آمون، يباع في مزاد علني في لندن مقابل 4 ملايين جنيه إسترليني (5 ملايين دولار). كيف فشلت مصر في وقف بيع الأثر الثمين؟ مدير عام النشر العلمي بآثار أسوان ينتقد في حوار مع رصيف22 التقصير الرسمي والفشل في استعادة الآثار المنهوبة

وأضاف وزيري خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "على مسؤوليتي" المذاع عبر قناة صدى البلد، أن: "اللجنة القومية للآثار المستردة عقدت اجتماعاً وخاطبت السلطة المركزية البريطانية. ورغم اتخاذ الإجراءات الممكنة من الخارجية المصرية واليونسكو، خذلتنا بريطانيا واستمرت في تنظيم المزاد".

وأردف: "ستستمر مصر في ملاحقة المتورطين قضائياً وأي جهة تشتري آثاراً مصرية"، لافتاً إلى "احتمال اتخاذ قرارات ضد البعثات الأثرية البريطانية التي تعمل بمصر لمخالفة لندن المعاهدات الدولية بموقفها السلبي من بيع الآثار المصرية".

وسبق أن صرح وزيري لرصيف22، في 13 يونيو/حزيران، بأن بلاده "لن تسمح ببيع الرأس".

وشدد الأثري المصري البارز ووزير الآثار السابق زاهي حواس، في تصريحات صحافية في 4 يوليو/تموز، على أن "هذا الرأس سرق من معبد الكرنك بعد عام 1970"، مشيراً إلى أنه طالب "النائب العام المصري نبيل صادق بإصدار  إنابة قضائية وإرسال خطاب إلى اليونسكو بشأن ما يحدث". 

ولفت حواس إلى أن إتمام بيع الرأس سيكون "نقطة سوداء" في تاريخ دار العرض الشهيرة.

وكان القانون المصري يسمح بتجارة الآثار وتداولها، قبل صدور القانون الرقم 117 لسنة 1983 الذي يجرم ذلك.   

وكانت صالة سوذبيز الأمريكية عرضت، في 8 ديسمبر/كانون الأول عام 2015، عدداً كبيراً من الآثار المصرية للبيع، بينها تمثال نصفي من البازلت للملك تحتمس الثالث وتمثال شمعي مجزّأ الرأس من الجرانيت الأحمر للملك أمنحتب الثالث وتمثال ضخم من الجرانيت للإله سخمت.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image