شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لنقطع عنق الوقت بالسيف...حملة لإلغاء الوقت على جزيرة نرويجية

لنقطع عنق الوقت بالسيف...حملة لإلغاء الوقت على جزيرة نرويجية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 22 يونيو 201907:07 م

لنتخيل المشهد: مكان بلا وقت، لا حدود للزمن فيه، لا ساعات، لا توتر، ولا وعيد يكرره على مسامعك العاتبون: “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”…الأمر يبدو أشبه بالهذيان لكن إلغاء الوقت فعليًا هي المعركة التي يقودها بضراوة سكان جزيرة نرويجية.

الحملة هذه “لقتل الزمن" يقودها 350 شخصاً هم سكان جزيرة "سوماروي" أو "جزيرة الصيف" الواقعة شمال النرويج، معربين عن أملهم في إعلان جزيرتهم "أول منطقة لا تتقيد بالوقت في العالم" للتحرر من التأثير الطاغي للساعات.

الحملة انطلقت تزامناً مع موعد الانقلاب الصيفي في شمال الكرة الأرضية في 21 يونيو/حزيران، إذ يبدأ فصل الصيف فلكياً فيزداد النهار طولاً ويقصر الليل بل يكاد يتلاشى كون الشمس عصية على الغروب هناك.

فالصيف مختلف جداً في هذه الجزيرة التي حملت اسمه لأن الشمس لا تغيب عنها لمدة 69 يوماً، من 18 مايو/ أيار حتى 26 يوليو/تموز .

في المقابل، لا يرى سكان هذه الجزيرة التابعة لمدينة ترومسو النرويجية الواقعة في شمال الكرة الأرضية، الشمس طوال أشهر الشتاء الممتدة من نوفمبر/تشرين الثاني حتى يناير/كانون الثاني بسبب ظاهرة الليل القطبية (عدم شروق الشمس إطلاقاً).

في سياق متصل، يسعى السكان لاستغلال أشهر الصيف بكل لحظاتها الثمينة، وعدم التقيد بالوقت أو الساعة، لتعويض أشهر الشتاء.

بعد فلسفي

يوضح زعيم الحملة كيل أوف هفيدينغ أن "الكثير من الأشخاص حول العالم يشعرون بالإحباط والاكتئاب والتوتر، وفي كثير من الأحيان يُلقى باللوم على الوقت"، مبيّناً أن هذا السبب دفعهم للمطالبة بإلغاء الاعتراف بالوقت.

ويصف إجيل ويلر، أستاذ الفلسفة بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، الفكرة بأنها "مثيرة للاهتمام"، لكنه يشير إلى صعوبة تطبيقها، مشككاً في احتمال الاعتراف بها رسمياً. 

يضيف: "إنه مفهوم رائع. لم تكن المجتمعات محكومة على مدار الساعة ومنضبطة بشكل ملزم إلا خلال القرنين الماضيين فقط".

وتابع: "قبل ذلك، كان الناس يعملون، في الغالب، عند الحاجة لجلب الطعام في حين يستلقون للراحة عند التعب"، مردفاً "في المجتمعات الحديثة، كل ما نقوم به محكوم بسرعة الوقت، منذ اللحظة التي نستيقظ فيها".

وكان سكان الجزيرة اجتمعوا، في 13 يونيو/حزيران الجاري، لتوقيع عريضة تطالب بإلغاء الوقت رسمياً. والتقى هفيدينغ أحد أعضاء البرلمان النرويجي لمناقشة العراقيل العملية والقانونية، التي قد تواجهها الخطوة.

وكتب السكان في بيان الحملة: "بفضل ضوء النهار الدائم، إذا كنت تريد طلاء منزلك في الساعة الثانية فجراً، فلا بأس بذلك. نريد أن نسبح في الساعة الرابعة صباحاً. هنا، نستمتع بكل دقيقة من شمس منتصف الليل. نعم، القهوة مع الأصدقاء على الشاطئ في الثانية صباحاً أمر طبيعي".

وبحسب ما قاله هفيدينغ، لشبكة الإذاعة النرويجية العامة، فإن الإعلان الرسمي يعني "مجرد إضفاء طابع رسمي على ممارسات سكان الجزيرة دامت لأجيال وتحويلها إلى أمر رسمي".

ويرغب أهالي الجزيرة جراء هذه الخطوة في التحرّر من أوقات العمل التقليدية والتعامل بمرونة أكبر مع ساعات عمل المدارس والوظائف.

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. ماذا لو قطعنا عنق الوقت بالسيف وألغيناه من حياتنا؟ سكان جزيرة "سوماروي” في النرويج يقودون حملة لإلغاء الوقت أملاً في التحرر من التأثير الطاغي للساعات.

حيلة لجذب السياح؟

يعمل غالبية سكان الجزيرة في مجالي الصيد أو السياحة، وكثيراً ما يقضي الصيادون المحليون أياماً وسط المحيط، بانتظار فريستهم من دون التقيد بجدول زمني، وفق هفيدينغ.

ويقول خبراء إن الحملة ربما كانت "حيلة ذكية" لجذب المزيد من السياح إلى الجزيرة في الصيف. لكنه من الواضح أن السكان يتحلون بالجدية في تعاملهم مع الوقت بالطريقة التي يتحدثون عنها.

ويلاحظ زوار الجزيرة أن الجسر الواصل بينها وبين اليابسة مغطى بساعات اليد بدلاً من أقفال الحب، التي تغطي العديد من الجسور حول العالم، دليلاً على ضرورة نسيان الأشخاص للزمن على أرض هذه الجزيرة.

في الأثناء، فكرة إلغاء الوقت حتى قبل البت فيها رسميًا، جذبت بالفعل عدداً كبيراً من الزوار إلى الجزيرة وعززت السياحة النرويجية بشكل كبير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image