شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"حلمتُ، فواجهتُ، فنجحت".. الطريق الصعب لـ"ملكة مصر" سارة عصام

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 18 يونيو 201903:33 م

في عام 2013، لعبت كرة القدم في أكاديميّة نادي وادي دجلة المصري، وهي في سنِّ الرابعة عشر عاماً، لكن قصّتها مع اللعبة التي يعتبرها كثيرون "ذكوريّة" بدأت قبل عشر سنوات تقريباً، حينما ركلت الكرة لأوّل مرّة بقدمها مع شقيقها، لتبدأ قصّة حبِّها لرياضةٍ لا تأخذ نصيباً عادلاً من الاهتمام في بلاد النيل..

سارة عصام، أوّلُ لاعبةٍ مصريّةٍ تلعب في الدوري الإنجليزي لكرة القدم النسائيّة، والتي فازت مؤخّراً بجائزة الحذاء الذهبي في "البريميرليج" كما فعلها النجم المصري محمد صلاح، في الدوري الإنجليزي لكرة القدم رجال، تحدّثت لرصيف 22 عن رحلتها مع الكرة.

"بدايتي مع أخوية وأصحابه"

بدأت سارة مع شقيقها وأصدقائه منذ أن كان عمرها أربع سنوات، وتقول: كنت أحبُّ كرة القدم كثيراً وألعبها، لكن لم يكن أحد يسمع عن فرقٍ للكرة النسائيّة في مصر، لذا لم أكن أخطط لاحتراف اللعبة، وكنت ألعب كرة السلّة، وهي لعبةٌ لا تجد الاهتمام أيضاً في مصر، فتركت اللعبة.

أدركت سارة أن الموهوبات في كرة القدم قليلات، لكنهن كثيرات في كرة السلة، وهي كانت تمتلك الموهبة، فقرّرت في العام 2013 البدء من الصفر وخوض التحدّي، تقول: خضت التحدّي وانضممت إلى أكاديميّة نادي وادي دجلة وأنا في سنِّ الرابعة عشر، والتي كانت تعرف وقتها باسم "أكاديميّة أرسنال".

"أسرتي لم تدعمني"

تحبُّ التحدّي والمنافسة والتفوّق فيما تقوم به.. أو كما تقول "بحب أوصل لـTop"، لكن ذلك لا يعني أنَّ رحلتها كانت خاليةً من الصعوبات والصراعات.

تخبرنا "سارة" التي سجّلت 12 هدفاً في 12 مباراة مع "ستوك سيتي" بالدوري الإنجليزي هذا الموسم: واجهت الكثير من الصراعات الداخليّة خلال رحلتي مع اللعبة، فقد كان هناك مشكلات مع الأسرة التي لم تكن تدعمني، لأن وجهة نظرها كانت أنه لا يوجد اهتمام بالكرة النسائيّة في مصر.

"واجهت الكثير من الصراعات الداخليّة خلال رحلتي مع اللعبة.. وأسرتي لم تكن تدعمني"

وتضيف: "ما أفعله في وجهة نظر أسرتي كان تضييع وقت.. "ماكانوش مهتمّين قوي.. لو كان فيه اهتمام بالكرة النسائيّة في مصر أكيد كانوا هيدوني الدعم، وكانت هناك أوقات صعبة جداً وضغط من الكرة، بجانب ضغط البيت، ولهذا لم يكن الدعم الذي أحصل عليه سوى دعمي لنفسي.. كنت أقول لنفسي، مش عايزة أضيّع كلّ ده، وإن شاء الله اثبتلهم لحد ما يدوني الـ Support"


تعترف سارة، التي ولدت في 6 أبريل من العام 1999، بأنها شعرت باليأس خلال مسيرتها قبل الاحتراف في الدوري الإنجليزي للسيّدات، وتقول: في بعض الأوقات كنت على وشك الاستسلام، لكن حينها كنت أحدّث نفسي "مش بعد كل ده حاسيب حلمي".

لحظة صعبة 

تقول سارة عن أشد اللحظات صعوبة في مسيرتها: بعد أن وضعتُ قدمي في الملعب واشتركت في أكاديميّة وادي دجلة وقرّرت خوض التحدّي.. لن أترك حلمي وألقي به على الأرض. كنت دائما أفكّر في الله، وأن لكلِّ مجتهدٍ نصيب "وأنا كنت باتعب"، لكن هناك حقاً لحظات صعبة أثّرت فيّ، أهمّها حينما تمَّ تصعيدي إلى المنتخب الأول، ولعبت تصفيات أمم أفريقيا، وقبل السفر إلى البطولة بيومٍ واحدٍ تم استبعادي من قائمة الفريق التي ستخوض البطولة.. وقتها كانت هذه اللحظة من الممكن أن تكون نقطة تحوّل - تقصد التخلّي عن حلمها - حيث كان الأمر صعباً وغير متوقّع.

عن تلك اللحظة تقول سارة: "كان بقالي سنة ونصّ في معسكرات، وكنت تعبانة جداً وكنت بحاول أوفّق بين الدراسة والمعسكرات، وفي ظلِّ مشكلات مع الأسرة، لكن فكّرت في ربنا وأنه لن يضيع مجهود أحد، وأن أي شيء يحدث يكون هنالك حكمة من عند الله".


تضحيات من أجل الحلم

بالتأكيد كان هناك تضحيات حتى تصبح سارة "Egyptian Queen" كما يُطلق عليها الناس وزميلاتها في نادي "ستوك سيتي" حيث تلعب في إنجلترا الآن؛ تقول: لم أكن أعيش مثل أي بنتٍ في سنّي، وفي الكثير من الأوقات كانت أولويتي لكرة القدم بأن أتدرّب جيداً «واعمل اللي عليّا وزيادة عشان فيه حاجه معينة عايزة اوصلها»، لذا كنت دائماً مضغوطة، وأتمرّن 3 مرّات في اليوم، مع الأكاديميّة والناشئين والفريق الأوّل، فلم يكن لدي وقت لأيِّ شيء آخر وأن أحاول الاستذكار لكي أحقّق توازناً بين كرة القدم والدراسة.

"لم أكن أعيش مثل أي بنتٍ في سنّي، وفي الكثير من الأوقات كانت أولويتي لكرة القدم"

لم تحرز سارة تقدّماً في مسيرتها الرياضية فقط، بل كانت متفوّقةً في دراستها أيضاً، تدرس الهندسة في إنجلترا. يبدأ يومها في الصباح الباكر حيث تتوجّه إلى الجامعة، ثم إلى النادي، ثم تتوجّه من جديد إلى الجامعة، وبحلول المساء تعود إلى المنزل.

عن دراستها والصعوبات التي واجهتها لتحقيق التوازن بين الكرة والدراسة، تقول سارة: كنت أدرس في مدرسةٍ دوليّة، في سنةٍ من السنين، حاولت إنهاء موادي الدراسيّة في سنتين بدلاً من ثلاث سنوات، حتى أركّز في السنة الثالثة في تصفيات أمم إفريقيا والبطولة التي تمَّ استبعادي منها لاحقاً قبل يوم من السفر.. "ضغطت نفسي سنتين ورا بعض، وتالت سنة دي سبتها أني اركّز في الكورة اكتر، والحمد لله بعدها سافرت فلكلّ مجتهدٍ نصيب وأكيد أي حد بيضحي بحاجات وبيعمل اللي عليه بزيادة ربنا مش حايسيبه".

تعتبر "سارة" مرحلة ما قبل الانتقال إلى إنجلترا "تمرين كوّيس" وخبرات جيّدة جداً، فهي كانت "مع نادي وادي دجلة وهو فريق يفوز بالدوري ورقم واحد في الكرة النسائيّة المصريّة". كما لعبت عدداً من المباريات في منتخب الناشئات وصعدت للفريق الأول.


"الكورة مش للرجالة بس"

تقول الفتاة ذات العشرين عاماً، التي اقتحمت "رياضةً ذكوريّة" يصعب على الكثيرات النجاح فيها بجانب الحياة الدراسيّة: الناس يقولون "البنات اللي بتلعب كورة مسترجلة وشكلها مسترجل" لأن الفتيات يروجن بسلوكهن لهذه الصورة. وتضيف: "نعم هي لعبةٌ عنيفةٌ ولكن هذا داخل الملعب وليس خارجه".

ولذلك تشدّد سارة التي تُوِّجت في ديسمبر الماضي، بجائزة أفضل رياضيّةٍ عربيّةٍ لعام 2018، على ضرورة أن تدرك الفتيات "إننا بنات في الأول وفي الآخر"، بمعنى أن تعرف كلّ فتاة "أنها بنت خارج الملعب"، فيما تقوم بما تقتضيه اللعبة من قوّةٍ وجهدٍ داخل الملعب"، بحسب رؤية سارة.

المثل الأعلى عصام الحضري

لا تأخذ "سارة" لاعباً واحداً من اللاعبين المصريين كمثلٍ أعلى بكلِّ صفاته، وإنما تحاول أن تأخذ من كلِّ لاعبٍ مميّز أو نجح في مسيرته أبرز مميزاته وسبب نجاحه، تقول: تعلمت من عصام الحضري (حارس مرمى منتخب مصر السابق) الإرادة، فهو لديه "إرادة مش طبيعيّة" جعلته يلعب حتى هذه السنّ ويشارك في كأس العالم.

كما أحبُّ شخصية أحمد حسام "ميدو"، الذي احترف في نوادٍ كثيرة جداً، وكان في كلّ نادي يلعب له يضع بصمته ويكون مميّز ويفرض شخصيته. وبالطبع اللاعب محمد صلاح، الذي حقّق أشياء لم يفعلها لاعب مصري من قبله، بالرغم من أن هناك - حسبما ترى - لاعبين مصريين أكثر منه موهبة لكنهم لم يصلوا إلى ما وصل إليه صلاح.

أُمنية سارة

بجانب حلمها، اللعب في أكبر الأندية، تأمل سارة عصام، أوّلُ محترفة كرةٍ مصريّةٍ وعربيّة في الدوري الإنجليزي لكرة القدم النسائيّة، أن تساهم تجربتها في تسليط الضوء على الكرة النسائيّة في مصر، لتحظى بالاهتمام والدعم، سواء من المجتمع أو الحكومة، حتى تتقدّم اللعبة، خاصّةً أن هناك الكثير من اللاعبات المصريّات اللواتي لا يختلفن عمّن يلعبن في "البريميرليج"، الدوري الإنجليزي الممتاز.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image