شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"أريد أخاً يحبّني، ولا يتحكّم في غرائزي".. كيف أثّر فينا مسلسل "الأصدقاء"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 15 يونيو 201901:55 م

"الأصدقاء".. مسلسلٌ أمريكي يتذكّره الكثيرون من أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات، نشاهده ونعيد مشاهدته بين الحين والآخر، ونقارن بين واقعنا وما نشاهده، فنادرا ما يكون لنا أخ منفتحٌ، أو نحظى بصحبةٌ نستطيع أن نتحدّث معهم على طبيعتنا، أو شريك حياةٍ يقبل الطرف الآخر على علّاته.


"I'll Be there for you..cause you're there for me too"

مقطعان في أغنية البداية هما الأكثر تعبيراً عن الحالة التي خلقها المسلسل الأمريكي الشهير،"Friends" أو "الأصدقاء"، يجسّد الصداقة القويّة، التي تتلخّص في أن يكون أطرافها موجودين لأجل بعضهم البعض على مدار 10 مواسم، بدأت في 1994، وانتهت في 2004، عرضت الحلقة الأخيرة من المسلسل في 6 مايو.

ولم يلق المسلسل إعجاب البعض في مصر، خاصة الشرائح المحافظة، والأجيال المعمرة، ونظروا إلى جرأته بتشكك.

أشرف منصور، أستاذ الفلسفة بكلية آداب جامعة الاسكندرية، كتب على صفحته في "فيس بوك" منتقدا  شخصيات المسلسل، شباب وبنات غير متزوجين\ات، ويعملون بوظائف غير ثابتة، ويتكيفون مع الأزمات، التي تسببت فيها الليبرالية الجديدة، ويستبدلون الأسرة بالصداقة.

ووصف شخصيات المسلسل بـ"الفاشلة" عاطفيا وعائليا ووظيفيا، وتافهة، وسطحية، ويعانون من "انعدام النضج، العاطفي والانفعالي والسلوكي".

في أمريكا، رأى كاتب الكوميكس الأمريكي ديفيد هوبكينز أن مسلسل "الأصدقاء" كان بمثابة انطلاقة للنزعة المعادية للثقافة والفكر في الغرب، حيث الاستخفاف برجل مثقف وموهوب "روس"، يضطهده أصدقاؤه، ولا يقدرون ذكاؤه.

وتبقى الحقيقة، أن المسلسل نجح في مصر، كما في بلاد أخرى، وكان له تأثير في تصور الناس لشكل العلاقات.

"لي أصدقاء وصديقات، ولكني لست واثقة من أنهم سيكونون داعمين لي لو قرّرت أن أجازف، سواء في حياتي العمليّة أو في أيِّ مجال آخر، بل أعتقد أنهم سيحاولون إقناعي أن أظلَّ داخل القطيع"

حياة أخرى تشبه مسلسل "الأصدقاء"

مادولين مصطفى، 25 عاماً طبيبة صيدلية، تحكي عن تأثرها بالمسلسل: "عرفت مسلسل الأصدقاء منذ 5 أعوام، ولم أتوقّف عن مشاهدته منذ ذلك الحين".

ملأ المسلسل "جزءاً مفقوداً" في حياة مادولين، تقول: "أنا متعثّرة قليلاً في حياتي العاطفيّة، ولكني أتمنّى أن أجد حبّاً مثل الذي بين روس جيلر وراتشيل جرين، اثنين من أبطال المسلسل، كانت قصّة حبهما بعيدة عن الرومانسيّة الزائفة التي يتمّ الترويج لها في الدراما سواء المصريّة أو العالميّة، ولم تكن كذلك ترفع سقف التوقّعات لأقصاه، مثلما تصوّر لنا الروايات الرومانسيّة، وإنما كانت واقعيّة جدّاً، فكان فيها خيانة ثم محاولات للاعتذار، ثمّ انفصال مؤلم، ثم العودة مرّة أخرى، ولكن الجميل بها، أنهما احتفظا بتقديرهما واحترامهما لبعضهما البعض، بل ودعم بعضهما البعض في مواقف معيّنة، ودافعا عن بعض في مواقف أخرى، ولم يفقدا أبدا صداقتهما بسبب فشل علاقتهما".


أما هدير عبد المنعم، 22 عاماً، خريجة كلية الحقوق، فما لفت نظرها في المسلسل حالة "الصداقة القويّة، والحبّ غير المشروط" في المسلسل، تقول: "شاهدت المسلسل كاملاً 4 مرّات تقريباً خلال عامين".

تنظر هدير إلى واقعها بالمقارنة بالمسلسل وتضيف: "بالطبع لي أصدقاء وصديقات، ولكني لست واثقة من أنهم سيكونون داعمين لي لو قرّرت أن أجازف، سواء في حياتي العمليّة أو في أيِّ مجال آخر، بل أعتقد أنهم سيحاولون إقناعي أن أظلَّ داخل القطيع، كذلك لو أخطأت،  هل سيمطرونني بكلمات الشماتة وإخباري أنهم حذّروني من الفشل والإخفاق، أم سيساعدوني للنهوض على قدمي مرة أخرى؟".

لو تمنّيت أن أعيش حياةً أخرى غير الحقيقيّة، فقطعاً ستكون داخل "فريندز"، والأمر ليس لأنه مجرّد مسلسل كوميدي تمّ تنفيذه جيداً، وإنما لأن هناك أموراً عدّة أتمنى أن أجدها في الواقع

إلّا أن محمد مصطفى، 26 عاماً، متخصص في مجال الدعاية والإعلان، يرى في المسلسل شيئاً آخر، فيقول لـ"رصيف 22"، "ما أحبّه وكنت أتمنّى أن أجده في حياتي، هو عدم خوفي من التصرّف بتلقائيّة وسط الأصدقاء، فكنت ألاحظ دوماً أن الشخصيّات الست في المسلسل، لا تكلّف نفسها عناء التظاهر بما هو عكس طبيعتها، مثلا فيبي بوفيه، لم تكن تكذب حول ماضيها عن عيشها لفترةٍ في الشارع، أو أنها ارتكبت حماقاتٍ نادمة عليها، ولكنها كانت دوماً تجد الدعم والتقبّل من أصدقائها، كذلك جوي، الذي لم يكن عليه أن يتظاهر بأن أموره تسير على ما يرام، أو أن عمله كممثلٍ مبتدئ ليس متعثّراً، ولكنه كان يجد دوماً الدعم النفسي والمادي من أصدقائه حتى يحقّق حلمه، وهكذا".

أما دانا مؤمن، 21 عاماً، طالبة في كلية زراعة، فتقول لـ"رصيف 22"، "رغم أن المسلسل انتهى منذ 15 عاماً كاملةً، لكنني أشعر أنني مرتبطةٌ به بشكلٍ كبير، فلو تمنّيت أن أعيش حياةً أخرى غير الحقيقيّة، فقطعاً ستكون داخل "فريندز"، والأمر ليس لأنه مجرّد مسلسل كوميدي تمّ تنفيذه جيداً، وإنما لأن هناك أموراً عدّة أتمنى أن أجدها في الواقع، منها، علاقة الحبّ التي جمعت بين تشاندلر بينج ومونيكا جيلر، اثنين من أبطال المسلسل، تقبلته بكل عيوبه، وتقبّلها بكلِّ عيوبها كحبّها للسيطرة وهوسها بالنظافة، بل وحتى الأمور الكبيرة، مثل عدم قدرتهما على الإنجاب سوياً، فبحثا عن حلٍّ يمكّنهما من تكوين أسرة معاً، ولم يفكّر أحدهما في الاستغناء عن الآخر".


فيما ذهبت وفاء نصر، 28 عاماً، مدربة لياقة بدنية، لمنطقةٍ أخرى، فقالت لـ"رصيف 22"، "أحببت علاقة مونيكا وروس، الأخويّة، وكنت أتمنّى أن أحظى بمثلها مع أخي، فقد كانا داعمين لبعضهما البعض، وساندا بعضهما، مثلا في طلاق روس الأوّل وإخفاقه في تجربة الزواج، ثم في حالة الحزن التي سيطرت على مونيكا عند انفصالها عن حبيبها ريتشارد وغيرها من المواقف، ولكن ما كان أكثر جمالاً، هو عدم محاولة أيّ منهما السيطرة على الآخر، أو فرض الوصاية على حياته أو نشاطه العاطفي والجنسي، فقط تقديم الدعم والحبّ غير المشروط، ولأنني لدي علاقة سيئة جدّاً مع أخي، انتهت باستقلالي اجتماعيّاً والابتعاد عنه، فكنت أتمنّى لو كانت علاقتنا على هذا النحو".

"عندي أسرار ومخاوف، وأحلم بمونيكا"

أثّرت قصة الحبّ بين مونيكا وتشاندلر على ممدوح أكرم، 25 عاماً، صاحب بازار في منتجع سياحي، يقول: "الرائع في قصّة الحبّ تلك، والتي تعتبر بمثابة حلمٍ أتمنى تحقيقه، هو أن تشاندلر كان لديه مخاوف وبعض المشاكل النفسيّة بسبب وقوعه ضحيّة لخلافات والديه، وكذلك كان يخفي عن الجميع سرّه، وهو أن والده عابر جنسيّاً أو مثلي، ورغم ذلك، ساعدته مونيكا على تخطّي تلك المشاكل النفسيّة، وشجّعته على القدوم نحو تكوين أسرة، ومدّته بالثقة في نفسه".

"نحاول التظاهر بأننا جيّدون وأن كلّ شيء على ما يرام، لكن الواقع غير ذلك"

ينظر ممدوح هو الآخر لواقعه، وعلاقاته ويتابع: "كلّنا لدينا أسرار، ولدينا مخاوف ونحاول التظاهر بأننا جيّدون جدّاً وأن كلّ شيء على ما يرام، لكن الواقع غير ذلك، لذا أتمنّى أن أقابل حبّاً كالذي منحته مونيكا لتشاندلر، ليساعدني على تخطي كلّ محاولات التظاهر تلك".

وعلى الرغم من انتهاء عرض المسلسل منذ 15 عاماً كاملةً، إلا أنه لازال محلّ اهتمام الملايين حول العالم، خاصّةً في الوطن العربي.

جاء المسلسل في المرتبة الخامسة ضمن تصنيف مجلّة "إمباير" لأفضل 50 عرضاً تلفزيونيّاً على الإطلاق.

في أحد التجمّعات الافتراضيّة للمعجبين العرب بالمسلسل، وهو أحد المجموعات الفيسبوكيّة، التي تضمّ ما يزيد عن 100 ألف عضو، نجد ترجمةً واقعيّةً لمدى ارتباط البعض بالعمل الفنّي، من خلال الحرص على اقتناء اكسسوارات ومنتجات كالملابس والحقائب، تحمل شعار المسلسل أحياناً، أو محاولات تقليد الأبطال الستة، أحياناً أخرى، بينما يحاول البعض تطبيق الفلاتر الجديدة الخاصّة بالـ"سناب شات"، على وجوه أبطال العمل.

وهو ما يشير إلى أن المسلسل تخطّى مرحلة العمل الفنّي الجيّد، ووصل لمرحلة إشباع بعض الحاجات النفسيّة والاجتماعيّة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image