دعي المواطن اللبناني الأمريكي نزار زكّا رسمياً إلى طهران لحضور مؤتمر دولي في سبتمبر/ أيلول عام 2015 دون أن يعلم أنها مصيدة لاختطافه في إيران ثم محاكمته بتهمة التجسس لصالح أمريكا والحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه بأربعة ملايين دولار. اختفى زكا 4 سنوات وعاد اسمه اليوم للظهور كورقة ترضية من إيران لأمريكا في ظل توتر كبير يسود العلاقات بين البلدين.
منذ تلويح أمريكا بشن حرب على طهران والتصريحات الإيرانية ترتفع تارة برفض المفاوضات وتارة أخرى بضرورة إدارة الأزمة الحالية بتعقل وهدوء، وفيما ترتفع نبرة المرشد الإيراني علي خامنئي بالعداء لأمريكا ورفض التفاوض معها، يتابع الشارع الإيراني تراجع سعر الدولار تزامناً مع تراجع حدة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كشف خلال زيارته لطوكيو عدم رغبته في تغيير النظام الحالي في إيران.
المختطف الأسوأ حظاً
الدولار يتراجع ولا تصريحات عسكرية إيرانية حادة حالياً، كلها مؤشرات لبدء مفاوضات ما في مكان ما مع ما تصفه طهران بالشيطان الأكبر، ستكُشف تفاصيلها في السنوات القادمة، إلا أن أقوى هذه المؤشرات الحالية هي ملف "نزار زكّا" اللبناني الأمريكي الذي وصفته جمعيات حقوق الانسان بالمختطف الأسوء حظاً.
قبل عيد الفطر بأيام نقلت وكالات الأنباء الإيرانية تصريحات لمصادر مطلعة خبر احتمال إطلاق سراح نزار زكّا، قائلةً إن السلطة القضائية تدرس طلب الإفراج عنه بناءً على طلب الرئيس اللبناني ميشال عون، ووجه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل رسالة لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف طالب فيها طهران بإصدار عفو خاص بمناسبة شهر رمضان المبارك عن زكا، المعتقل في إيران منذ أيلول 2015.
نفت مصادر رسميّة إيرانية وجود اسم زكّا بين المفرج عنهم في العيد، وتضاربت المصادر بين بيروت وطهران بين وعود بالإفراج وتطمينات بدراسة الملف حتى أتت زيارة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الأحد إلى طهران الخطوة الأكثر جدية نحو إطلاق سراح المعتقل.
كمين إيراني للضيف اللبناني
دعت مساعدة الرئيس الايراني لشؤون المرأة والأسرة شهنيدخت مولاوردي اللبناني نزار زكّا للمشاركة في مؤتمر "دور المرأة الخلاق في التنمية المستدامة" الذي أقيم في طهران من 15 -18 سبتمبر/ أيلول 2015، فلبى الدعوة مقدماً مساهمة في المؤتمر بصفته خبيراً في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لكن الضيف اللبناني اختفى خلال مغادرته مطار الإمام الخميني الدولي وأنكرت إيران معرفتها مصيره لتقر لاحقاً باعتقاله بتهمة التجسس لصالح واشنطن.
تخرج زكّا من أكاديمية "سايد ريفير" العسكرية الأمريكية عام 1985، وكان يدير قبل اعتقاله المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات (اجمع)، وكان في منصب نائب رئيس "المنظمة العالمية لتكنولوجيا المعلومات والخدمات" (ويتسا).
بعد الاعتقال نشرت وسائل الإعلام الإيرانية عدة تقارير تتهم زكّا بإقامة روابط وثيقة مع المخابرات والمؤسسات العسكرية الأمريكية وأيدت هذه التهم جريدة الأخبار اللبنانية في تقرير هجومي لها على المتهم مفندةً تاريخ الرجل في أمريكا مكررة التهم الإيرانية، الأمر الذي أعيد تصديره إلى الداخل الإيراني لتأكيد وجهة نظر السلطات مستندة إلى مصادر لبنانية.
بعد سنة كاملة من توقيف زكّا حوكم المتهم في جلسة سرية برئاسة قاضي الملفات الأمنية الشهير أبو القاسم صلواتي، بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة مالية بـ 4.2 ملايين دولار، وفق توصيف الناشط الإيرانية في حقوق الانسان "رويا برومند" فإن محاكمة زكّا تفتقد لأي وثيقة تثبت اتهامات النظام الإيراني وكل ما في الأمر هو اختطاف بغطاء قانوني.
بعد أشهر من الحكم على المواطن اللبناني في طهران تدخلت السفارة اللبنانية في طهران بعد مطالبة عائلته ومحاميه داعيةً القضاء الإيراني لإعادة النظر في الحكم الصادر على زكّا، فيما طالب محاموه المسؤولين المعنيين من تطبيق اتفاقية تبادل المعتقلين الموقعة بين البلدين.
المختطف الأسوء حظاً..اللبناني الأمريكي نزار زكا المعتقل في إيران بتهمة التجسس لأمريكا قد يكون ورقة التفاوض بين طهران وواشنطن. إليكم القصة الكاملة لزكا الذي ينتظر تسليمه للبنان في غضون ساعات في صفقة مثيرة.
حين ترشح زكا من داخل سجنه
أثار اعتقال نزار زكّا اعتراضات في بيروت لم تتعدَ مراسلات رسمية طالبت فيها السلطات اللبنانية نظيراتها في إيران بالإفراج عن مواطنها، دون جدوى. فاجأ زكا لبنان بترشحه قبل شهرين للانتخابات الفرعية البرلمانية لملء المقعد السني الشاغر بطرابلس شمال لبنان، كما تمكن زكا في مرحلة الدعاية الانتخابية من إجراء اتصال هاتفي مع قناة "أل بي سي" اللبنانية قالت القناة حينذاك إنه يتحدث بشكل مباشر من داخل سجنه بإيران، محاولاً إعادة قضيته إلى الشارع السياسي اللبناني.
لإيران سوابق عديدة في اختطاف مواطنين إيرانيين مزودجي الجنسية ومحاكمتهم بتهمة التجسس لكن اختطاف مواطن لبناني يحمل جواز سفر أمريكي يأتي ضمن سياستها في المنطقة ونفوذها الإقليمي، ومثلما كان اعتقال زكّا قراراً إيرانياً بحتاً فإن الإفراج عنه كذلك يصب في مصلحة طهران فهو ورقتها الرابحة إقليمياً ودولياً في ظل أزمة تعيشها أروقة السياسية في طهران.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...