مع بداية شهر رمضان من كل عام، تنحصر أخبار النجوم في سباقات لا تحصى نحو لقب صاحب أعلى المشاهدات في الشهر الكريم، إلي جانب صور تتناثر على أغلفة المجلات وصدر المواقع الفنيةِ لسهرات النجوم في خِيام رمضان، ولقاء الجماهير التي تسعى إليهم دوما لالتقاط "سيلفي" ربّما لا يتكرر.
أم كلثوم التي تعوّدت أن تصوم منذ أن كانت في السابعة من عمرها، كانت تؤمن بدرجة كبيرة بأن من فطر رمضان دون رخصةٍ يكون عرضة دائماً للحوادث والكوارث.
وعلى عكس نجوم الزمن الحالي، كان لفناني الزمن الجميل، نصيب كبير من الأخبار والحضور على السواء، فهم يطالعون جماهيرهم كلّ يوم بجديد عن مواقف لن ينسوها مع رمضان؛ عن حيلهم للتغلب على الصيام؛ عزوماتهم التي يدعون إليها الأصدقاء والنجوم وحتى الخدم؛ وعن مشاريعهم في هذا الشهر الذي يبقى لهم كما هو للغالبية من المصريين شهراً استثنائياً.
قتل الوقت.. حيلة واحدة لا تكفى
لم تكن نجمات الزمن الجميل بحاجة إلى شَغل أوقاتهن في رمضان بين بلاتوهات التصوير، بل كانت كلّ واحدة منهنّ تستعين بصديقاتها للإجابة على السؤال الأهم في رمضان، وهو: كيف نقتل الوقت خلال الصِّيام؟
مجلة "الكواكب" وفي عدد صادر في ديسمبر 1965 رصدت في تقريرٍ لها حيلَ الفنّانات للتخفيف عن أعباء الصيام، بشغل أوقاتهن بالهوايات المسلية. وذكرت المجلة أن تحية كاريوكا كانت، وكأيّ سيدة مصرية في هذا الشهر، تقضي أغلب وقتها في المطبخ، في التفنن لتقديم أشهى الأطباق وفي مقدمتها السلطات، وكانت كاريوكا عادة ما تدخل المطبخ منذ بعد الظهر، ولا تخرج منه إلا قبل المغرب بدقائق قليلة، وكانت بشهادة صديقاتها تقدّم أشهى أنواع الطعام والحلويات.
أما هند رستم فقد روت أنها تحرص في رمضان على ممارسة هواياتها المفضلة التي لا يترك لها الفنّ أيَّ مساحة لممارستها، وبحسب المجلة كانت هند تصنع في الشهر الكريم الحليَّ والأساور والأقراط، والتي كانت عادة ما تهديها للمقرّبين منها، كما كانت تقضي وقتاً لا بأس به فىي نهار رمضان، تمارس أعمال التريكو والتطريز وأشغال الإبر.
وعلى الجانب الأخر من تلك الهوايات كانت سيدة الشاشة فاتن حمامة تخالف الكلَّ، وتقضي أغلب وقتها متنقلة بين دور العرض السينمائية لتتابع ما فاتها من أعمال؛ بينما كان الشهر بالنسبة لمصممة الأزياء الأولى في الوسط الفنيّ هدى سلطان، السبيلَ الأنسب لتفصيل ملابسها وملابس بناتها؛ فيما كان الشغل الشاغل لـفريد شوقي في رمضان، الإعداد لمائدة الرحمن التي كان عادة ما يقيمها بشارع دسوق بحيّ العجوزة.
كذلك يخبرنا تقرير المجلة أن سهير رمزي كانت تفضّل النزول إلي أحياء القاهرة لتلمّس عن قربٍ الأجواءَ الرمضانية في الأحياء القديمة، وكانت تقضي أغلب الوقت في الشوارع تحدّث البسطاء من جمهورها وتتعرّف منهم على حكايتهم مع الشهر الكريم؛ وكانت نعيمة عاكف تقضي ساعات النهار في قراءة القرآن وكتب التفسير، رافضة أن يكون لها أيّ علاقة بالتمثيل على مدار 30 يوماً هم عمرُ رمضان.
وأخيراً روت المجلة كيف أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب كان ضيفاً طوال الشهر على مسجد "سيد الشعراني" حيث كان يؤذن من فوق مئذنته ليدعو الناس إلى الصلاة.
عزومات على كلِّ شكلٍ ولون
بينما كان الزمان "بخيره" يناجي ناسه ويستأنس بهم، كان نجوم الزمن الجميل حريصين دوماً، في شهر اللمّة كما يوصف، على أن تجمعهم الموائد في بيوت أيّ منهم، تماماً كما كانت بلاتوهات التصوير تحتضنهم معاً لأيام وشهور.
في لفتة طيبة كانت تخصّص ماجدةُ يوماً يكون المدعوّون فيه هم الخدم، وكانت تتولّى بنفسها الطبخَ، وتجلس معهم على مائدة واحدة لتتناول الطعام معهم ساعة الإفطار.
تروي مجلة "المصور" في عدد مارس 1958 حكاية عزومات نجوم الوسط الفني في رمضان، وتقول إن ماجدة كانت تستغلّ الشهر الكريم في عزومة أصدقائها، سواءً من داخل الوسط أو خارجه، وفي لفتة طيبة كانت تخصّص يوماً يكون المدعوّون فيه هم الخدم، وكانت تصرّ على أن تتولّى بنفسها الطبخ، وتجلس معهم على مائدة واحدة لتتناول الطعام معهم ساعة الإفطار.
نجد أيضاً عزومة الوحدة الوطنية، والمعروفة باسم "عزومة جورج سيدهم"، فرغم أنه مسيحيّ إلا أنه كان يخصّص يوماً لاستضافة زملائه من نجوم الوسط الفنى، وكانت العزومة لا تخلو من الضّحكِ والنُّكت التي كانت تنهال من جورج على الحضور طوال فترة تواجدهم في البيت، فقد كان خفيفَ الظلِّ، ومن أفضل من يلقي النكَت.
نفس الحال مع فريد الأطرش الذي كان يخصّص يوماً ما من الأسبوع الأوّل لشهر رمضان لدعوة أقرب أصدقائه من الوسط، وفي مقدّمتهم عبد السلام النابلسي، وكمال الشناوي، وهند رستم، وفريد شوقي، ومديحة يسري، وليلى فوزي.
مواقف لا تنسى
مجلة "الموعد" بدورها تناولت الشهرَ الكريم ونشرت في تقريرٍ لها في فبراير 1969 أبرزَ المواقف التي لا يمكن أن ينساها نجومُ الفنِّ، وكان لها علاقة وثيقة بشهر الصِّيام.
تروي المجلة أن كوكب الشرق أم كلثوم التي تعوّدت أن تصوم منذ أن كانت في السابعة من عمرها، كانت تؤمن بدرجة كبيرة بأن من فطر رمضان دون رخصةٍ يكون عرضة دائماً للحوادث والكوارث، وفي أحد الأيام اضطرّت أمام أزمة صحيّة شديدة أن تفطر، وفي نفس اليوم تعرّضت سيارتها لحادث، وهو ما جعل الفكرة تترسخ في ذهنِها، حتى أنها كانت تروي هذا الموقف دائماً للمقرّبين.
أما الفنان ماجدة فتروي أنها كانت تنتظر الشهر الكريم كلَّ عام على أحرّ من الجمر كونها مؤمنة بأنه "وش الخير" عليها، وتحكي ماجدة عن كواليس فيلمها "جميلة بوحيرد" الذي حقّق نجاحاً ساحقاً، وقالت إن تصويره تم في رمضان، كما أكدت أنها عقدت أهمّ الاتفاقات على المستوى المادي والفني في رمضان، ومن هنا اعتبرت الشهر الكريم تميمة حظِّها، وكانت تنتظر من عام لآخر أن تحقق فيه إنجازاً جديداً يضاف إلى رصيد إنجازاتها التي تحققت في رمضان.
كانت كاريوكا عادة ما تدخل المطبخ خلال شهر رمضان منذ بعد الظهر، ولا تخرج منه إلا قبل المغرب بدقائق قليلة، وكانت بشهادة صديقاتها تقدّم أشهى أنواع الطعام والحلويات.
ولا تنسى ليلى طاهر الموقف الصعب الذي كاد يقضي عليها في رمضان، حيث تقول المجلة إن ليلى المعروفة بين صديقاتها بأنها أفضل من يجهز طبق الفول على السحور، تعرضت لموقف كارثيّ في إحدى المرات عندما دعتها صديقةٌ للسّحور وطلبت منها إعداد طبق الفول، ورغم أن ليلى استغرقتْ وقتاً طويلاً في إعداد الطبق "بمزاج" إلا أن الجميع أصيب بمغصٍ شديدٍ، وسقطت بعضُ الصديقات على الأرض بعد تناول الفول، ليكتشف الأطباء الذين هرعوا إلى البيت أن الفول يحتوي على صبغة يود، حيث ظنّت طاهر أنه "صوص"، وقرّرت استخدامه لتبهر الحضور.
أما سامية جمال فلا تنسى الموقف الذي وقع لها في أمريكا، فبعد 8 أشهر قضتْها في نيويورك تعمل في مسارحها، وبعد أن تعرفت علي عدد لا بأس به من الأصدقاء، قررت دعوتهم على الإفطار، وأعدّت قائمة الطعام كاملة بنفسها، وفي يوم الحفل كانت علامات الدهشة ترتسم على الوجوه من معرفة أن الصيام يكون طوال النهار، غير أن سامية كانت قادرة بروحها المرحة على أن تغلف أجواء الحفل بالكوميديا، حتى انقلبت الطاولة حين أراد الأصدقاء تناول الشامبانيا، وهنا اعتذر الزوج مؤكداً أن الخمور محرمة في الدين الإسلامى، غير أنهم أصرّوا، ومع هذا الإصرار لم يجد الزوج بدّاً من تقديم الشامبانيا للضيوف.
ويروي محمد فوزي موقفاً طريفاً له في رمضان، حيث تعرض لعلقة ساخنة خلال إحياء حفل في مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية شمال القاهرة، إذ أصرّ أحدُ الفتوات على أن يواصل فوزي فقرته رغم انتهائها، وحين أصرّ فوزي وفرقته على الرحيل، دارت معركة عنيفة في سرادق الحفل، ولما حضرت الشرطة واصطحبت الجميع إلى القسم كان موعد السحور قد فات ما دعا الفرقة وفوزي إلى الإفطار في اليوم التالي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...