شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
كيف تحايل أحمد السقّا على الجمهور للعودة كـ

كيف تحايل أحمد السقّا على الجمهور للعودة كـ "نمبر وان"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 30 مايو 201903:32 م

يركض بحصانه الأبيض وحبيبته خلفه مع صوت أغنيةٍ رومانسيّة، ينطّ من موتسيكل أثناء سيره، ويلقى بنفسه في شلال مياهٍ للتأكيد على حبّه، لم أكن أحتاج أكثر من ذلك ليكون أحمد السقّا هو نجم الألفية الثانية، هذا ما حدث، جميعنا تسابقنا لتقليد حركاته، ومتابعة أخباره التي لم يملّ أن يؤكّد فيها إنه لا يستعين بدوبلير، فنخاف، لكنه يؤكّد تعامله مع فريقٍ لتأمينه جيداً فنطمئن.

استمرّت تلك الحالة حتى عام 2007، تحديداً في فيلم "الجزيرة" الذي يُعدّ ذروة تألّق السقّا قبل أن تخفت الأضواء عاماً بعد عام، كبرت وشاهدت محمد رمضان يصعد كنجمٍ جديد، سليم كرارة يستحوذ على الأكشن بحركاتٍ وتكنيك مختلف، ولم أعد أتحمّل أن يعيد السقّا نفس حركاته، ولم أعد أتحرّك لرؤية خبرٍ من قبيل إنه لا يستعين بدوبلير، لأننا ببساطةٍ عرفنا مع الوقت أن هناك نجوماً كثيرين يفعلون ذلك، والنجم الأوّل يجب ألا يكون له شريك في أعين محبيه.

لم يمنع ذلك من متابعة من كان نجمي الأوّل، فيلم بعد آخر يؤكّد السقّا إنه غير قادر على المنافسة إذا اعتمد على نفس حركات "الأكشن" القديمة

لم يمنع ذلك من متابعة من كان نجمي الأوّل، فيلم بعد آخر يؤكّد السقّا إنه غير قادر على المنافسة إذا اعتمد على نفس حركات "الأكشن" القديمة، وفي 2017 اتضحت الصورة أكثر، يشارك السقّا بمسلسل "الحصان الأسود" في الموسم الرمضاني، الذي شهد أيضاً ظهور مسلسل "كلبش" لأمير كرارة، وسبقهما بعام محمد رمضان بمسلسل الأسطورة الذي حقّق نجاحاً ساحقاً وقت عرضه، وانتهى الموسم بسقوطٍ مدوٍ لـ"السقّا" مقابل نجاح ساحق لـ"كلبش".

عامان من الجلوس في البيت كافيان لأن يقرّر أحمد السقّا أين هو، ينظر إلى الخريطة الجديدة، الأعمال التي نجحت، والأهمّ كيف يكسب الجمهور بجانبه ليعود مرّة أخرى "نمبر وان" وموضع ثقة المنتجين، خاصّة إنه لازال أمامه سنوات يستطيع فيها تقديم الكثير من الأعمال الفنيّة.

لا أخفي سرّاً إن قلت أن "الخلطة" التي اعتمدها السقّا للعودة، والمتمثّلة في مسلسله الرمضاني الحالي "ولد الغلابة"، هي نفس خلطة محمد رمضان في كثيرٍ من أعماله السابقة، والتي حقّقت نجاحاً كبيراً، تلك الخلطة تعتمد على جزئين، الجزء الأوّل قصّة العمل الفني نفسه، وتدور حول إنسانٍ مظلومٍ ومسالمٍ وفقير، يتعرّض للظلم والقهر من قِبَل شخصٍ ما أو هيئةٍ، ليتحوّل بعد ذلك إلى ظالمٍ بفعل ما تعرّض له، أضف إلى تلك الخلطة أن يكون البطل صعيديّاً، ففي مصر تحظى المسلسلات الصعيديّة، إن جاز القول، بالنجاح دائماً نظراً لجمهورها الواسع، وتلك هي نفس خلطة "ولد الغلابة"، فالقصّة تدور حول أستاذٍ فاضلٍ يتعرّض للظلم والفقر المدقع والذلّ، فيتحوّل لقاتلٍ وبائع مخدرات.

الجزء الثاني من الخلطة، يتعلّق بترويج المسلسل ذاته من خلال أغنياتٍ يغلب عليها اللون الشعبي، وكلماتٍ إما تتحدّث عن الظلم أو النصيحة أو التفخيم في الرجل الصعيدي "نسر الصعيد وولد الغلابة" مثال، وتلك الأغنيات تتحوّل مع الزمن إلى عملٍ فنّي مستقلّ ويرقص عليها الكثيرون في الأفراح.

لكن ليس الجميع عادل إمام ويملكون حسَّ الكوميديا وحركات الوجه المضحكة، هنا نصل للثيمة السينمائيّة الثانية المضمونة، قصّة مظلوم تحوّل لظالم وانتقم من كلّ من ظلموه.

بعد مرور أكثر من 20 يوم من شهر رمضان، نستطيع القول إن خلطة أحمد السقّا نجحت، ومسلسله "ولد الغلابة" ظهر ضمن الأعمال المتصدّرة للدراما الرمضانيّة رغم وجود منافسين أقوياء، وفي الشوارع باتت جُمل من مسلسله على ظهر "التكاتك" كحكمٍ شعبيّة أعجبت المتابعين ودليلاً على النجاح أيضاً، وتلك الظاهرة ظلّت حكراً خلال السنوات الماضية على محمد رمضان الذي شارك هو الآخر بمسلسله "زلزال" لكنه لم يحظ بالنجاح المتوقع.

وعدم نجاح محمد رمضان نجاحه المتوقع، يعود إلى عدّة أسبابٍ منها نفور البعض من "رمضان" بسبب تصريحاته المستمرّة عن تصدّره الساحة الفنيّة، بالإضافة إلى أولى حلقات مسلسله "زلزال"، إذ أصرّ على تكرار تجسيد دور الأب والأبن، على أن يموت الأوّل في بداية المسلسل، وهو ما جلب عليه سخريةً تحوّلت لنفورٍ من المشاهدة بعد ذلك.

لكن ما حدث لأحمد السقّا ومحمد رمضان لم يكن أمراً جديداً من نوعه، ففي تاريخ السينما والدراما هناك نجوم تعرّضوا لمثل ما تعرّض له السقّا، وعرفوا كيف يتحايلون على الجمهور، بخلطةٍ مضمونةٍ تمكّنهم من تصدّر شباك التذاكر أو المشاهدات، حدث ذلك مع عادل إمام حين أخفق تجاريّاً في فيلم "الحرّيف" منتصف الثمانينيات، وقتها لم يكن هناك صيغة لعودة ثقة المنتجين فيه إلا الكوميديا، لذلك كان هناك فيلم "حنفي الأبهة"، وهو فيلم ليس له أي قيمة من الناحية الفنيّة، لكنه أعاد عادل إمام بالفعل إلى قمة الإيرادات، بحسب ما يروي بلال فضل في برنامجه "الموهوبون في الأرض".

بعد مرور أكثر أيام كثيرة من رمضان، نستطيع القول إن خلطة أحمد السقّا نجحت، ومسلسله "ولد الغلابة" ظهر ضمن الأعمال المتصدّرة للدراما الرمضانيّة رغم وجود منافسين أقوياء، وفي الشوارع باتت جُمل من مسلسله كحكمٍ شعبيّة.

في تاريخ السينما والدراما هناك نجوم تعرّضوا لمثل ما تعرّض له السقّا، وعرفوا كيف يتحايلون على الجمهور، بخلطةٍ مضمونةٍ تمكّنهم من تصدّر شباك التذاكر أو المشاهدات، حدث ذلك مع عادل إمام حين أخفق تجاريّاً في فيلم "الحرّيف".

يؤكد محرم أن العودة عن طريق الكوميديا رهانٌ صعب، من الوارد جداً أن لا يضحك الجمهور، فيلجأ البعض في أدواره لقصّة المظلوم، وتفسير نجاحها يعود إلى تعاطف الناس مع المظلوم دوماً.

لكن ليس الجميع عادل إمام ويملكون حسَّ الكوميديا وحركات الوجه المضحكة، هنا نصل للثيمة السينمائيّة الثانية المضمونة، قصّة مظلوم تحوّل لظالم وانتقم من كل من ظلموه، السيناريست مصطفى محرم يقول في مذكراته "حياتي في السينما" إن تلك الثيمة مضمونةٌ دائماً وكثيراً من النجوم استخدموها وفازوا بها، بدايةً من فريد شوقي في "جعلوني مجرماً" وصولاً إلى نور الشريف في فيلم "الظالم والمظلوم"، وأحمد زكي في "شادر السمك"، وهكذا دواليك.

تلك الثيمة مضمونة أكثر من الكوميديا نفسها، يؤكد محرم أن العودة عن طريق الكوميديا رهانٌ صعب، من الوارد جداً أن لا يضحك الجمهور، لذلك محاولة عادل إمام كانت مخاطرةً لكنه استطاع تجاوزها، ربما لرصيده الفني وتمكنه من اللعبة الكوميديّة، لكن غيره يلجأ دائماً لقصّة المظلوم، وتفسير نجاحها يعود إلى تعاطف الناس مع المظلوم دوماً، هم مثله لديهم شعور بالهزيمة حتى لو لم يكن صحيحاً، وهم مثله يريدون الانتقام لكنهم لا يستطيعون، من هنا يرون في البطل أنفسهم، ينتقمون بيده ويثأرون بصوته، ولا يلومونه على أي جريمة اقترفها، بل ويخافون عليه من الوقوع في قبضة الشرطة، أضف إلى ذلك، الدموع وشعور القهر وقدرة الممثل على توصيلها للناس، تضمن نجاح أي عمل بتلك الثيمة من المرّة الأولى.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image