كشف تقرير نشرته فرانس برس، الأحد 26 مايو، عن إصابة الآلاف من أهالي مدينة الموصل شمال العراق باضطرابات في السمع وصفير في الأذنين، أو بصمم تام، بسبب الضجيج الذي سببته الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وذكر التقرير أنه أثناء معارك استعادة الموصل من سيطرة تنظيم داعش، أغارت طائرة حربية على منزل العراقية علية علي، ففقدت المرأة البالغة من العمر 59 عاماً، زوجها وسمعها أيضاً.
وتقول فرانس برس إن ما تعرضت له علية، يتشابه مع ما حدث للآلاف من سكان الموصل التي تحررت من داعش وعادت تحت جناح الدولة في يوليو من العام 2017، لكن أسفرت تسعة أشهر من غارات القوات العراقية مدعومة بطيران التحالف الدولي، إضافة إلى السيارات المفخخة والطائرات المسيرة والعبوات الناسفة التي كان يفجرها المتطرفون، عن تزايد مشاكل السمع لدى سكان المدينة.
ونقلت فرانس برس عن علي قولها إنها فقدت سمعها تقريباً قبل سنتين بعدما قصفت طائرة منطقتها أثناء تحرير الساحل الأيمن (الشطر الغربي من الموصل)، حيث دمر منزلها وأصيب زوجها بحروق خطيرة، على حد قولها.
وتكمل السيدة العراقية أنها أصبحت مضطرة إلى التكيف مع العالم الخارجي الذي لا تسمع له صوتاً، لكنها غير قادرة على تلقي علاج بعد فقدانها أموالها في القصف.
ألف سرير لقرابة مليوني شخص
بحسب فرانس برس، فإن العيادات الخاصة أصبحت البديل الوحيد المتوفر في الموصل اليوم، بعدما أسفرت الحرب عن تراجع أعداد أسرّة المستشفيات الحكومية ستة أضعاف، حيث يوجد اليوم نحو ألف سرير فقط لقرابة مليوني شخص.
وكانت منظمة "داري" الإنسانية قد تولت العام الماضي مسؤولية إعادة تأهيل وافتتاح أجنحة مختلفة في مستشفيات المدينة، بهدف استقبال الحالات الطارئة، وقد افتتحت هذه الجمعية أيضاً مركز استقبال مجاني لمشاكل السمع.
وتقول علية علي إنها أجرت فحصاً في هذا المركز، الذي لجأ له أيضاً المواطن العراقي فتحي حسين (65 عاماً) الذي لم يعد يسمع شيئاً تقريباً منذ سقوط ثلاث قذائف هاون على منزل غرب الموصل ربيع العام 2017.
كيف أفقدت الحرب الآلاف من أهالي مدينة الموصل العراقية القدرة على السمع؟
من جانبه يقول أخصائي السمع والتخاطب محمد سعيد إن وحدة السمع والتخاطب في المستشفى الجمهوري بالموصل استقبلت أكثر من ألفي شخص من الجنسين ومن أعمار مختلفة أصيبوا باضطرابات ناتجة عن القصف والتفجيرات ووَزَعت عليهم ألفي سماعة منذ افتتاح القسم قبل عام تقريباً.
ويضيف الأخصائي أن الحالات الأخرى التي وصفها بالمستعصية يتم تحويلها إلى مستشفيات بغداد، لزراعة قوقعة الأذن الإلكترونية غير المتوفرة حالياً في الموصل.
وبحسب سعيد فإن أعداد من فقدوا السمع أو تضرر سمعهم أكبر بكثير من المسجلة لديهم، لأن بعض المصابين راجعوا عيادات خاصة أو أخرى خارج الموصل والعراق. كما أن آخرين لم يراجعوا المستشفى حتى الآن، بحسب تأكيده.
ونقلت فرانس برس عن مصدر طبي في الموصل، قوله إن المستشفيات المؤقتة ومستشفى الموصل العام شهدت خلال الأسابيع التي أعقبت استعادة المدينة، توافد بين 15 إلى 20 مريضاً يومياً يعانون من مشاكل في السمع.
ويؤكد الطبيب محمد صلاح أخصائي الأنف والأذن والحنجرة أن بعض المصابين قد لا يحالفهم الحظ في الشفاء، لأن الخلايا العصبية السمعية لديهم تمزقت جراء حدة الأصوات في الحرب التي صنفت بين الأعنف في التاريخ.
ويضيف صلاح أن عدداً كبيراً من المصابين، وبينهم أطفال، تعرضوا إلى نزيف عند سماع دوي سقوط القذائف، ولم يتلقوا العلاج، مؤكداً أنه رغم مرور عامين على انتهاء المعارك، إلا أن العيادات الخاصة تغص بالمرضى الذين يعانون من مشاكل في السمع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...