شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"شمس" المثلية تسطع في تونس…الدولة تخسر قضية أمام المثليين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 21 مايو 201901:55 م

في سابقةٍ هي الأُولى من نوعها عربياً، أيّدت محكمة الاستئناف في تونس الاثنين حُكماً يقضي بأن تُواصل جمعية "شمس" المُدافعة عن حقوق الأقليات الجنسية والجندرية نشاطها في قضيةٍ رفعها عليها المُكلّف العام بنزاعات الدولة.

وقال منير البعطور رئيس جمعيّة شمس لرصيف22 إن الحُكم الذي يعطي الحق لجمعية شمس بالوجود القانوني "أزاح ثقلاً عن ظهره"، و"أنهى كابوساً" عاشه متخوفاً من حلّ الجمعية الأولى من نوعها مغاربياً في الدفاع عن مجتمع الميم أي المثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً.

وأوضح البعطور أنه كان مُحامياً في القضية، وتوقّع الحُكم الذي صدر إلى حد كبير لأن "الطعون التي قدمتها الحكومة كانت مبنية على أن أهداف شمس مُخالفة للأعراف العربية الإسلامية للمجتمع التونسي وأنها تُدافع عن جريمة وهي 'اللواط'، مُعتبرةً أنه ممنوع في القانون"، حسب قوله.

وأمرت محكمة ابتدائية في تونس جمعية شمس، المُسجلة لدى الحكومة مُنذ مايو 2015 كمنظمة غير حكومية تدعم الأقليات الجنسية والجندرية، يوم 4 يناير 2016 بتعليق أنشطتها 30 يوماً استجابة لشكوى قدمها الكاتب العام للحكومة تفيد بأن الجمعية "تنتهك مرسوم الجمعيات".

وفي 23 فبراير 2016 قضت المحكمة بأن جمعية شمس "لا تخالف القانون" ورفعت التعليق، إلا أن الكاتب العام للحكومة المكلف بنزاعات الدولة استأنف الدعوى يوم 20 فبراير الماضي وعُقدت جلسة الاستماع في 1 مارس.

وقال مُحدّثنا إن جواب شمس أمام المحكمة كان أن "الأعراف العربية والإسلامية غير مُحددة، وليست موجودة في القانون التونسي"، موضحاً أنه على المحكمة أن تحكم بالقانون والدستور، وليس بأحكام الشريعة الإسلامية.

وأشار في المحكمة إلى أن "دور المجتمع المدني هو المُطالبة بتغيير القوانين التي يعتبرها مُخالفة للحُريات وتمسّ بحقوق الأفراد"، مُضيفاً "إن كانت المُطالبة بعدم تجريم المثلية الجنسية ممنوعة، فينطبق ذلك أيضاً على الجمعيات المُطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، وعدم تجريم استهلاك القنب الهندي، وتعدد الزوجات (سابقاً)"، لافتاً إلى أن "الجمعيات هذه كُلها تُصبح غير قانونية".

وأكّد البعطور "طعون الدولة كانت واهية، والقضاء حكم بالقانون". ولفت إلى أن الجمعية تواصلت مع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المُتحدة والاتحاد الأوروبي وكُل من منظمة هيومن رايتس ووتش ومُنظمة العفو الدولية عندما "شعرت بالضغط والتهديد"، مُطالبة المساندة.

وقال إن هذه المُطالبة "طبيعية" لأن جمعية شمس حقوقية تُدافع عن حقوق الإنسان، مؤكداً أن حقوق مجتمع الميم لا تتجزأ من حقوق الإنسان.

"'المرضى' لا يضعون في السجون، وإن كان هُناك دواء لما يعتبرونه مرضاً، فليعطونا هذه الوصفة السحرية، وسيحصلون على جائزة نوبل للطب".. رئيس جمعية شمس يتحدث مع رصيف22 عن انتصار المثليين في تونس على الدولة أمام القضاء.
"طعون الدولة كانت واهية، والقضاء حكم بالقانون"...جمعية شمس المُدافعة عن حقوق الأقليات الجنسية والجندرية في تونس تنتصر على الدولة أمام القضاء.

ستستمر في مهماتها

ولفت البعطور في حديثه إلى أن الجمعية ستستمر في المُطالبة بثلاثة أهداف كُبرى هي: إقناع السياسيين في تونس بضرورة إلغاء الفحص الشرجي وإلغاء المادة 230 من قانون العقوبات التونسي الذي "يعاقب ممارسة اللواط والمساحقة" بالسجن 3 سنوات، وتقليل نسبة الهوموفوبيا (رُهاب المثلية) في المُجتمع التونسي من خلال التأثير على الرأي العام عبر إذاعة شمس التابعة للجمعية، وهي أوّل إذاعة مهتمة بقضايا المثليين في العالم العربي، وثالثاً احتضان المضطهدين من مُجتمع الميم في ملجأ خاص تابع للجمعية، يعيش فيه أكثر من 12 مثلياً ومُتحولاً جنسياً حالياً.

هل توجد وصفة سحرية؟

أشار رئيس الجمعية إلى أن العاملين فيها "دُعاة سلام ومحبة"، مؤكداً أن المثليين موجودون سواء تم قبولهم أو لم يتم، وأن المثلية "أمر موجود مُنذ أن وُجد الإنسان".

وأضاف البعطور "حتى لو اعتبرهم المجتمع مرضى، فالمرضى لا يضعون في السجون، وإن كان هُناك دواء لما يعتبرونه مرضاً، فليعطونا هذه الوصفة السحرية، وسيحصلون على جائزة نوبل للطب"، مؤكداً أن وضع المثليين في السجون ليس حلاً، والدليل أن من يدخل السجن كمثلي، يخرج منه مثلياً، ولذلك فإن "المادة 230 لا تُعاقب بثلاث سنوات سجناً، بل بالمؤبّد لأن من يُعاقب مرّة، لن يتغيّر، وسيعود للسجن مُجدداً بنفس 'التُهمة'".

وكشفت جمعية شمس في فبراير الماضي ارتفاعاً في أحكام الإدانة بتهمة المثلية الجنسية في تونس في السنوات الأخيرة إذ سُجن 127 شخصاً "بتهمة المثلية الجنسية" عام 2018 فقط، مُقابل 79 عام 2017 و56 عام 2016.



"فاعلاً وليس مفعولاً به"

في فبراير الماضي، طلب ممثل الدولة استئناف الحكم  مبرراً ذلك بأن هدف شمس المعلن في نظامها الداخلي بالدفاع عن الأقليات الجنسية يتعارض مع "القيم الإسلامية للمجتمع التونسي الذي يرفض المثلية الجنسية ويحظر مثل هذا السلوك الدخيل" وأن القانون التونسي الذي يُجرّم الممارسات المثلية في المادة 230 من القانون الجزائي يحظر "تأسيس جمعيات تدافع عن هذه الممارسات ويمنع أنشطة هذه الجمعيات".

وينصّ مرسوم الجمعيات الذي اعتمدته الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2011 على أن "تحترم الجمعيات مبادئ دولة القانون والديمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان" المنصوص عليها في المعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس، ويحظر على الجمعيات الدعوة إلى العنف والكراهية والتعصُّب والتمييز على أسس دينية أو جنسية أو جهوية.

وقال البعطور في حديثٍ سابقٍ مع رصيف 22 إن إغلاق جمعية شمس سيمسّ صورة تونس في الخارج وهي الصورة التي يروّج لها النظام التونسي على أساس أنها دولة ديمقراطية تحترم حرية التعبير، موضحاً أن سبب الهجوم على الجمعية هو "مرض كراهية المثليين المنتشر في المجتمع التونسي والعقلية الذكورية الميزوجية التي تعتبر أن المثليين يمسّون صورة الرجل العربي الفحل الذي يجب أن يكون دائماً فاعلاً وليس مفعولاً به".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image