اللجوء: أن تقف في آخر الصف.. كي تحصل على كسرة وطن.
الوقوف: شيء كان يفعله جدك.. دون معرفة السبب! والكسرة: أنت!
الوطن: بطاقة توضع في محفظة النقود.
والنقود: أوراق ترسم عليها صور الزعماء.
والصورة: تنوب عنك ريثما تعود.
والعودة: كائن أسطوري.. ورد في حكايات الجدة.
انتهى الدرس الأول.
هذه الأسطر للشاعر اللاجئ الفلسطيني المولود في السعودية، أشرف فياض، 39 عاماً. سُجن فياض عام 2014 في السعودية وحُكم عليه بالإعدام لاتهامه بـ "التشكيك في الذات الإلهية والترويج للأفكار الإلحادية" قبل أن تُخفف محكمة سعودية الحُكم عليه عام 2016 إلى السجن ثماني سنوات و800 جلدة.
استندت المحكمة في إدانته إلى دليل من شاهِدٍ قال إنه سمعه وهو يسب الذات الإلهية والنبي محمد والسعودية بالإضافة إلى محتوى ديوان شعر نُشر عام 2008 ضمن مجموعة "التعليمات بالداخل"، قال فيه:
"الأنبياء تقاعدوا..
فلا تنتظروا نبياً يبعث لكم.. ومن أجلكم
من أجلكم يقدم المراقبون تقارير يومية
ويتقاضون أجوراً عاليةً
كم هو المال ضروريٌ
من أجل حياة كريمة"
أوضح فياض أن ديوانه يدور حوله "كلاجئ فلسطيني وحول أشياء ثقافية وفلسفية أخرى"، ولكن إسلاميين متطرفين أوّلوه على أنه يتضمن أفكاراً معادية للذات الإلهية، مُشيراً إلى أنه دخل في مشادة كلامية وهو يُشاهد مباراة لكرة القدم في مقهى في السعودية في يناير 2014، ثم وجد نفسه مقبوضاً عليه بتهمة الترويج للإلحاد في شعره.
يقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن السلطات السعودية استهدفته لتحدثه علناً عن شؤون سياسية واجتماعية.
مُقابلة من داخل السجن
مرت 5 سنوات على سجن فياض، تخللتها حملات مساندة خفتت تدريجياً حتى تمكنت صحيفة هسبريس المغربية من الوصول إلى الشاعر داخل سجنه، وإجراء حوار معه نشرته الأحد 19 مايو. في الحوار الذي لا يعرف حتى اللحظة كيف أجرته الصحيفة وكيف سربت أسئلتها للصحافي خلف القضبان، يعرّف أشرف فياض عن نفسه بأنه "بَشَري يحاولُ الخروج من مأزق الوجود بأقل قدر ممكن من الألم"، ولكن ما حصل معه هو العكس تماماً، على حد قوله.
وتحدّث فياض عمّا أودى به إلى السجن، قائلاً إن "الشرطة الدينية" المعروفة باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر والتي حدّت السلطات السعودية من صلاحياتها عام 2016 قبضت عليه "بعد حقد غير مبرر من أحد الشباب المتطرفين الذين يطمحون إلى دخول الجنة بأقصر الطرق، مستعيناً بدعم بعض الشخصيات النافذة التي تسعى إلى نفس الهدف من خلال استغلال مناصبهم"، على حد تعبيره.
حُكم عليه بالاعدام في السعودية لاتهامه بـ "التشكيك في الذات الإلهية والترويج للأفكار الإلحادية" قبل أن يُخفف حُكمه إلى السجن 8 سنوات و800 جلدة. الشاعر الفلسطيني أشرف فياض يتحدث من داخل سجنه ويهدي جمهوره قصيدة.
لا أشعر بالهزيمة
أكّد فياض أن الهزيمة "لم تكن حاضرةً يوماً على الرغم من كل شيء" وهو في سجنه، لافتاً إلى أن ديوانه الشعري الأخير الذي أصدره من السجن بعنوان "سيرة مرضية" يحمل رسالة واحدة وهي: "لن يتمكنوا من إيقافي".
وأشار إلى أن الديوان يحتوي على عدد من النصوص التي كتبها بعد إصدار مجموعته الأولى "التعليمات بالداخل" التي أودت به إلى السجن، موضحاً أنها "تختزل تجربة شخصية مريرة من جميع النواحي" مُحاولاً التعبير بشكل مباشر عما يدور في داخله من "انفعالات ومشاعر وردود أفعال وإجابات مفترضة عن التساؤلات الكبرى التي تشغله كإنسان".
ويتضمّن الديوان نصوصاً كتبها من داخل السجن، من بينها نص عن رحيل والده الذي تُوفي إثر جلطة دماغية بعد سماعه خبر حكم الإعدام على ابنه، ولكنّه لم يوضح في حواره مع الصحيفة المغربية، كيف سُمح له بالكتابة. وقال إن هذه النصوص "تعبير صارخ وصريح عن الكثافة التي تتسم بها تجربة السجن بشكل عام، وعن مشاهدات شخصية ومحاولة كسر الروتين القاتل الذي يعيشه السجناء".
وأشار إلى أن حياة السجين قد لا تكون "غنية في ظاهرها، لكنها غنية بالتنوع الإنساني" قائلاً إنها "تجربة لا يمكن اختزالها في نص أو حتى كتاب"، واعتبر أن ديوانه مُجرّد مقدمة لمرحلة حياتية سيطلع عليها القراء في مجموعات وتجارب فنية وشعرية مقبلة.
واقع يُصيبني بالغثيان
عن رأيه بـ "واقع العالم العربي"، قال فياض إنه "واقع يصيبه بالغثيان"، موضحاً أن هُناك رغبة حقيقية في التغيير لدى الجميع، لكنها تصطدم بالكثير من الحواجز، أهمها "مستوى الوعي لدى الفرد العربي، وتأثير المجتمع الذي لا يزال بدائياً ورجعياً يعيشُ مرحلة مراهقة فكرية مثيرة للشفقة"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن العالم العربي يحتاج إلى ثورة فكرية "ترفع مستوى الوعي لدى الفرد وشعوره بالمسؤولية، كما يحتاج إلى "إزالة ترسبات الماضي المثقلة بالتخلف والجهل واتباع القيادات الدينية والسياسية والقبلية بشكل عشوائي غير مسؤول"، مُضيفاً: "نحن بحاجة إلى أن نصنع قياداتنا، لا أن تصنعنا هي".
ورداً على سؤال: هل يشتاق إلى "ريح فلسطين"؟ أجاب: "مثقفو فلسطين، السياسيون، والشعب خذلوني كثيراً. لكن لا أملك إلا أن أشتاق إلى الأرض، والهواء، والبحر المتوسط".
هُنا نصه الشعري "جلطة دماغية" الذي كتبه لوالده، ونشره ضمن ديوانه "سيرة مرضية":
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...