أمرت الخارجية الأمريكية، صباح الأربعاء، موظفيها غير الأساسيين في العراق بالمغادرة أسرع وقت ممكن، ما اعتبره البعض إشارةً إلى قرب نشوب حرب بالمنطقة التي تشهد توتراً كبيراً في المدة الأخيرة.
وتزايد التوتر في الخليج بعد هجوم تخريبي استهدف الأحد أربع سفن شحن، بينها اثنتان سعوديتان، بالقرب من المياه الإقليمية الإماراتية فيما استهدفت مضختي نفط سعوديتين رئيسيتين في الرياض الثلاثاء بواسطة 7 طائرات حوثية من دون طيار. ورغم تنصل إيران من هذه الحوادث، فإن اعتراف جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران باستهدفها مضخات النفط كان سبباً في مزيد تأجيج الوضع المتوتر أصلاً وهذا ما دفع مراقبين للتوقع بإمكان نشوب حرب بدعم من واشنطن، العدو الأول لإيران، رغم تأكيد وزير الخارجية مايك بومبيو، الثلاثاء أن بلاده لا تسعى لخوض حرب مع إيران فيما قال المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي: "نحن لا نسعى إلى الحرب ، ولا هم أيضا يسعون لها”.
أكاديمي عماني يستبعد الحرب
الأكاديمي العماني حيدر اللواتي لا يرى أفقاً لحرب مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لكنه يرى أن للتصعيد الأخير عدة أسباب أوضحها في منشور له عبر فيسبوك، وهي "الحصول على تنازلات سياسية من إيران في ساحات سوريا والعراق ولبنان، وإعادة إيران إلى طاولة التفاوض لصياغة اتفاق نووي جديد، وابتزاز دول الخليج وضمان تدفق مئات المليارات من الدولارات إلى الخزينة الأمريكية، وإطالة أمد الفوضى في المنطقة لإرغام العرب على قبول التطبيع مع الكيان العبري".
الإمارات تترقب
وبينما ينتظر الإماراتيون نتائج التحقيق بحادث ميناء الفجيرة الذي استهدف السفن من دون اتهام مباشر لطهران قبل امتلاك الأدلة، اهتم ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، بإبراز إرسال واشنطن إمدادات عسكرية إلى المنطقة مثل المستشفى الحربي البحري الأمريكي، كما أبرز تصريحاً للرئيس الأمريكي قال فيه إنه "لا يستبعد وقوع مواجهة عسكرية مع إيران".
الكويت بين متعقل ومندفع
كانت التعليقات الكويتية على احتمال حدوث مواجهة عسكرية خليجية مع إيران أكثر تبايناً، إذ قال السياسي والأكاديمي الكويتي عبد الله النفيسي، عبر حسابه على تويتر: "صراع الفيلة في الخليج (إيران وأمريكا) وضع دول مجلس التعاون في خانة قلّة الحيلة. صرنا كرُكاب طائرة مخطوفة، لا نعلم إلى أين تتجّه وفي أي مطار ستحط"، مستطرداً "عشنا قلّة الحيلة هذه خلال الحرب العراقية الإيرانية وحرب تحرير الكويت"، متسائلاً "هل من مخرج من قلّة الحيلة؟".
أما وزير الإعلام الكويتي الأسبق سامي النصف، فكتب تويتر: "قطعاً، لا نود حرباً جديدة بالخليج ولا أن يضار الشعب الإيراني الشقيق، لذا سعدنا بإنكار إيران قيامها بالأعمال التخريبية ثم صعقنا باعتراف الحوثيين المعروفة صلتهم بإيران بها"، مضيفاً "على إيران الانتقال من مرحلة الثورة والتأزم المستمرة منذ ٤٠ عاماً إلى مرحلة الدولة وحسن العلاقة مع العالم".
وحذرت الناقدة والشاعرة والصحافية الكويتية سعدية مفرح قائلةً: "النيران الصديقة في الحرب أخطر من نيران الأعداء".
في المقابل، تخوف المفكر الإسلامي والناشط السياسي الكويتي حاكم المطيري من مصير مشابه لما حدث في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، التي قال إنها لم تؤدِ إلا إلى مزيد من التدخل الغربي في المنطقة واستنزاف ثرواتها، من دون أن يتضح حتى موقف الولايات المتحدة من الطرفين المتحاربين، إذ أظهرت العداء لإيران وساعدتها في الخفاء وادعت مساندة العراق وتحالفت ضده بالسر.
لكن الإعلامي الكويتي محمد أحمد الملا كان أكثر المتشددين ضد إيران، و قال إن "الحرس الثوري الإيراني لا يدخل في مواجهات عسكرية مباشرة مع الدول إنما يتخذ أسلوب الحرب بالوكالة عبر أذرعه الإرهابية" معتبراً أن "من يهدد السعودية والإمارات يهدد الأمة العربية والإسلامية" ومتوعداً بأن "نهاية الحرس الثوري الإيراني ستكون على أيدي قوات التحالف العربي بقيادة الرياض".
تأهب وتحفيز سعوديان
ركزت النخب السياسية والإعلامية السعودية على إبراز تأهب الرياض لخوض حرب ضد إيران والانتصار بها إذا اقتضت الحاجة، بل جعلها بعضهم "ضرورةً". و بث الكاتب والمحلل السياسي السعودي فهد ديباجي، مقطعاً مصوراً "نشيداً إيرانياً يتهم الملك سلمان بشن الحرب على إيران"، معلقاً بأنه "يوحي بمدي الخوف الذي تعيشه طهران في هذه الأيام"، ومردفاً "إنها السعودية العظمى".
وفي تغريدة أخرى قال: "السعودية تجابه التمدد الإيراني في منطقتنا. المنطقة حالياً أمام مشروعين سعودي يدعو للاستقرار والنمو والتطور والسلام، وإيراني يدعو للخراب والفوضى والدمار والثورة".
أما الكاتب والشاعر السعودي خلف الحربي فانتقد الأصوات المحذرة من الحرب قائلاً: "ذات الأشخاص الذين أزعجونا لسنوات طويلة بضرورة مواجهة الخطر الإيراني تحولوا فجأةً لدعاة سلام ويحذرون العالم من حربها أو معاقبتها. بحق دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء اخرسوا".
واستشهد الكاتب والروائي السعودي تركي الحمد بالمثل الشعبي القائل "الذئب لا يهرول عبثاً"، ليؤكد أن العتاد والآليات الأميركية في منطقة الخليج ليست للاستعراض، وكتب "لا نتمنى الحرب، لكن ينبغي أن نكون مستعدين لوقوعها، خاصةً مع تعنت إيراني يصعد الأمور".
ماريا معلوف الإعلامية اللبنانية المثيرة للجدل والتي تقدم حالياً برنامج "رؤيتي" السياسي على قناة 24 السعودية، وافقت التيار السعودي، إذ قالتفي مقطع مصور بثته عبر حسابها على تويتر: "على إيران وقف دعمها للإرهاب الآن. المعركة قادمة لتطال رأس الأفعى إيران وباقي المنظمات الإرهابية ستعتقل من جذورها. استعدوا يا دعاة الحرب حرباً لم نكن نريدها أبداً فرضها إرهابكم علينا تعبثون بالمياه الإقليمية الإماراتية أيضاً".
بين خائف ومتحفز ومرحب ومتوجس وجادٍّ وساخر، تباينت تعليقات الإعلاميين والسياسيين والمواطنين الخليجيين بشأن احتمالات اشتعال حرب في المنطقة. نرصد أبرزها في تقريرنا.
قطر تحذر وتذكر باليمن
وعلى جاري عادتها منذ الأزمة الخليجية، اتخذت النخب القطرية السياسية والإعلامية موقفاً معارضاً فيما سمى البعض ما يجري "اندفاعاً سعودياً نحو الحرب". فحذر الإعلامي القطري جابر الحرمي، رئيس تحرير جريدة الشرق، السعوديين من الانخراط في حرب ضد إيران مذكراً بما جرى في اليمن. وكتب عبر حسابه على تويتر: "أرادوا الحرب على اليمن أن تكون نزهة لا تستمر أياماً أو أسابيع، ونحن بالعام الخامس .. وصواريخ الحوثيين باتت تضرب شريان السعودية النفطي. يا عقلاء السعودية أنتم المتضررون بالدرجة الأولى من هذه الحرب وليس الإمارات".
واتفق معه حمد لحدان المهندي، نائب رئيس المجلس البلدي في قطر، إذ كتب "بعض الخليجيين يتحدثون عن الحرب مع إيران وكأنها نزهة. لو حدثت حرب، فلن تتوقف قبل تدمير كل مكتسبات الخليج وكل ما أنجزه من الثروة النفطية. سيحتاج الخليج بعدها إلى 100 عام ليعود إلى ما كان عليه".
وأوضح الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، عبر تويتر، أن "بعض دول مجلس التعاون الخليجي تراودها أحلام إلحاق هزيمة عسكرية بإيران" مشيراً إلى أنها "مجرد طرف ثانوي يعمل بردات الفعل دون تحديد رؤية تحددها مصالحه".
واعتبر المذيع اللبناني بقناة الجزيرة القطرية جلال شهدا أن التصعيد الحوثي باستهداف خط أنابيب النفط السعودية "انتقال لمرحلة جديدة من الحرب". في حين ذكَّرت الإعلامية الجزائرية وسيلة عولمي، المذيعة بالجزيرة القطرية، أن "ترامب لا يريد الحرب بل الحلب"، في إشارة لطمع الرئيس الأمريكي بثروات الخليج.
وركزت وسائل الإعلام المحسوبة على النظام القطري، مثل الجزيرة والخليج أونلاين، على مخاطر "الانجرار" خلف "حرب غير محسوبة العواقب" لمصلحة الطموح الأمريكي الراغب في القضاء على إيران.
الحرب قامت...
لم يكن رأي مواطني الخليج أقل تبايناً من آراء النخب الإعلامية والسياسية والحاكمة ولا أقل تفاعلاً مع تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي المخضرم هنري كيسنجر، قبل يومين، قال فيها "هي طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد أصم. لم تبق إلا خطوة واحدة هي ضرب إيران"، دشن المغردون الخليجيون وسم #الحرب_العالمية_الثالثة عبر تويتر.
جاءت تعليقات غالبية المواطنين الخليجيين ساخرةً مستبعدةً احتمال نشوب حرب فرددوا عبارات مثل "دعونا دقيقة نحقق أحلامنا"، و"الحرب قامت وما تزوجت"، و"اللي ما عنده بابجي (لعبة قتال عبر الإنترنت) كيف يسوي بالحرب". في المقابل تخوف مغردون من ويلات الحروب وتبعاتها التي لا تنتهي وطالب آخرون بالدعاء لحفظ المنطقة من هذا المصير.
أما قاسم المذحجي الأحواز، رئيس تحرير وكالة "تستر" الأحوازية للأنباء، أكد عدم قدرة القوة العسكرية الإيرانية على مواجهة القوة العسكرية السعودية التي تفوقها عدة مرات، على حد قوله، متسائلاً عن حال إيران بمواجهة أعظم قوة عسكرية بالعالم في إشارة إلى واشنطن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين